دبي - هبه الوهالي - تُعدّ الـ «كريكيت»، الرياضة الأكثر شعبية في الهند، فالبريطانيون نقلوها إلى الأراضي الهندية منذ أوائل القرن الثامن عشر، لكن القصة تختلف في جوا، التي خرجت عن المسار الشعبي، لتكون الولاية الوحيدة التي تعد كرة القدم رياضتها الرسمية، قبل استضافة جوا فريق النصر الأربعاء، في دوري أبطال آسيا 2.
وتعود جذور قصة كرة القدم في هذه الولاية إلى تأثر أبنائها بالبرتغاليين، الذين أبحروا إلى المنطقة في القرن السادس عشر، فأصبحت إقليمًا تابعًا للإمبراطورية البرتغالية، علمًا أن البرتغاليين أمضوا في جوا فترة أطول من فترة استعمار بريطانيا لولايات هندية أخرى، الأمر الذي دفع أبناء الولاية نحو التعلق أكثر بكرة القدم، إذ تشير المصادر إلى أن أبناء جوا مارسوا كرة القدم منذ العام 1883، قبل تأسيس اتحاد كروي خاص بالولاية، سمي باللغة البرتغالية، عام 1959.
وعرفت ولاية جوا عبر التاريخ عدة أندية كروية، مثل سالجاوكار الذي تأسس عام 1956، وديمبو عام 1961، وتشيرتشيل براذرز عام 1988، وأندية أخرى حملت نفسًا برتغاليًا، مثل سبورتينج الشبيه بسبورتينج البرتغالي، وفاسكو الذي حمل اسم النادي البرازيلي الشهير، إلى أن بدأت قصة نادي جوا عام 2014، ليحدث نقلة نوعية على مستوى كرة القدم في هذه الولاية، التي لم تقدّم بطلًا في الدوري الهندي، منذ تتويج ديمبو باللقب عام 2012، أي قبل تأسيس جوا.
وتأسس نادي جوا تزامنًا مع إطلاق دوري السوبر الهندي، إذ تم اختيار 8 مدن لتقديم 8 أندية تشارك في نسخته الأولى عام 2014، ومن بينها مدينة جوا، ففاز 3 رجال أعمال بالمناقصة عن مقعد هذه المدينة، ليبصر نادي جوا النور في 13 أبريل، مع شعار يبرز حيوان الغور، وهو حيوان من فصيلة الأبقار المهددة بالانقراض، والتي تتفوق بحجمها ووزنها على الجواميس والثيران.
وكان زيكو، أحد أساطير الكرة البرازيلية، أول مدرب في تاريخ النادي، واستمر معهم حتى العام 2016، في فترة لم تشهد أي لقب، إلا أنّها وضعت جوا على خارطة الكرة الهندية، خاصة أن قائمة الفريق في انطلاقته ضمت روبيرت بيريس، نجم أرسنال ومارسيليا وفياريال السابق، والفائز بلقبيْ كأس العالم 1998 واليورو 2000 مع المنتخب الفرنسي، والذي عاد من اعتزاله ليكون أحد الوجوه العالمية لانطلاقة جوا.
وبعد بيريس، تعاقد جوا مع لوسيو، المدافع البرازيلي، ولاعب بايرن ميونيخ وإنتر ميلان السابق، والذي مثّل المنتخب البرازيلي الأول في 105 مباريات دولية، كما كان جوا محطة اعتزالية لفيكتور سيموس، أحد أبرز المهاجمين في تاريخ فريق الأهلي على الأراضي السعودية، وذلك لمدة 3 أشهر أواخر 2015، ولو أنّه لم يمثّل الفريق الهندي في أي مباراة رسمية، بسبب معاناته مع الإصابات.
وانتظر جوا حتى العام 2019 ليتوّج بأول ألقابه، عقب تغلبه على تشينايين في نهائي كأس السوبر الهندي، كما اعتلى ترتيب الدوري الهندي المنتظم في موسم 2019-2020، بفارق 5 نقاط أمام نادي ATK، إلا أنّه خسر في الدور نصف النهائي من مرحلة الإقصاء، ليذهب اللقب إلى ATK في نهاية المطاف، وهو نادٍ أوصد أبوابه منتصف العام 2020.
وانتقل جوا من المسرح المحلي إلى القاري عام 2021، عبر مشاركته في دوري أبطال آسيا، إذ جمع 3 نقاط في مجموعته، من تعادليْن مع الريان القطري، وآخر أمام الوحدة الإماراتي، كما سجل أول أهدافه في بطولة الأندية الآسيوية الأبرز، من توقيع الإسباني إيدو بايدا، أمام بيرسيبوليس الإيراني، في تلك النسخة.
وحقق جوا عام 2021 لقب كأس دوراند، وهو لقب بطولة يحق لجميع الأندية المحلية المشاركة فيها، وتجرى قبل بداية الموسم، وتُعدّ أقدم مسابقة كروية آسيوية كونها بصرت النور عام 1888، وتتويج جوا جاء بقيادة خوان فيراندو، المدرب الإسباني، بعد الفوز على نادي محمدان بهدف إيدو بايدا أيضًا، قبل نهاية الشوط الإضافي الأول.
وعلى الرغم من انطلاقته اللافتة للأنظار، وإنجازاته المحدودة، يبقى نادي جوا في ظل الأندية الهندية الكبرى، مثل موهون باجان وبينجالورو وإيست بنجال، لا بل إنّه يقف مع بقية الأندية في ظل الرياضات الأخرى، إذ يبقى مشهد كرة القدم في الهند مشهدًا ثانويًا فاقدًا للثبات والاهتمام الواسع، مقارنة بألعاب أخرى مثل الكريكيت وهوكي العشب والكابادي والشطرنج.