الرياض - ياسر الجرجورة في الخميس 16 أكتوبر 2025 08:44 مساءً - أعلنت المملكة العربية السعودية رسمياً عن إلغاء نظام الكفالة الذي استمر لأكثر من خمسة عقود، محررة بذلك 13 مليون عامل وافد من القيود التي كانت تحكم تنقلهم المهني. هذا القرار التاريخي، الذي يشكل جزءاً من استراتيجية رؤية 2030، يهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي متوقع بنسبة 15% خلال السنوات الثلاث المقبلة.
يمنح النظام الجديد العمالة الوافدة، التي تمثل 70% من القوى العاملة في القطاع الخاص، حرية كاملة في الانتقال بين جهات العمل دون الحاجة لموافقة الكفيل السابق. وتشمل التحديثات إلغاء شرط تصريح السفر الإلزامي، مما يتيح للمقيمين السفر والعودة خلال فترة صلاحية إقاماتهم بحرية تامة.
ووفقاً لمسؤول في وزارة الموارد البشرية، فإن هذه "خطوة تاريخية نحو عدالة سوق العمل" تهدف إلى تحسين بيئة العمل وخلق توازن في العلاقات المهنية. كما ألغت التعديلات إمكانية إصدار أوامر مغادرة تعسفية، وأخضعت عمليات إنهاء الإقامة لترتيبات قانونية واضحة تحمي حقوق جميع الأطراف.
التطورات الجديدة تتضمن أيضاً فتح المجال أمام المقيمين لتملك العقارات وفق ضوابط محددة، وممارسة أنشطة اقتصادية متنوعة وإطلاق مشاريع تجارية صغيرة. هذه التسهيلات تعزز من الاستقرار المالي والاجتماعي للعمال الوافدين، وتدعم ريادة الأعمال والتنوع الاقتصادي في المملكة.
يتوقع الخبراء الاقتصاديون أن تسهم هذه الإصلاحات في جذب مليون موهبة جديدة إلى المملكة، مما يعزز من تنافسيتها العالمية ويحقق أهداف التنويع الاقتصادي. الإصلاحات تشمل كذلك إلغاء الرسوم المفروضة على العمالة الوافدة، مما يخفف الأعباء المالية عن المقيمين ويحسن جودة حياتهم.
النتائج المتوقعة تشمل رفع معدلات الرضا الوظيفي والإنتاجية، حيث أصبح العاملون أكثر استقراراً وأقل عرضة للضغوط المهنية. كما تساهم التعديلات في تحويل المملكة إلى وجهة جذابة للمواهب الدولية والمستثمرين العالميين، بفضل بيئة العمل الشفافة والمنظمة.
من جانب آخر، يُعزز إلغاء نظام الكفالة من التنوع الثقافي والاجتماعي، حيث يسهم تنوع الكفاءات الوافدة في إثراء النسيج المجتمعي وتعزيز قيم التبادل الثقافي والاندماج. هذا التحول ينعكس إيجابياً على مؤشرات جودة الحياة ويزيد من جاذبية العيش في المملكة.
للاستفادة القصوى من هذه التحديثات، ينصح العمال والمقيمون باستثمار فرص الانتقال الوظيفي في تطوير مساراتهم المهنية، وتطوير مهاراتهم باستمرار لمواكبة متطلبات السوق التنافسي. كما يُنصح أصحاب العمل بتطوير سياسات الموارد البشرية بما يتوافق مع النظام المحدث، وإنشاء بيئات عمل محفزة للإبداع والابتكار.
يمكن للعمال الحصول على مكافأة نهاية الخدمة وفق الشروط ذاتها المنظمة للعامل السعودي، في حالات الاستقالة أو التقاعد أو إنهاء العقد من صاحب العمل. وينص النظام على حالات محددة لتعليق بعض الحقوق، منها التغيب غير المبرر لأكثر من 20 يوماً متقطعة أو 10 أيام متواصلة خلال السنة الواحدة.
يأتي هذا القرار ضمن سلسلة من الإصلاحات الجذرية التي أطلقتها المملكة في إطار رؤية 2030، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. هذه الخطوة التاريخية تضع المملكة في مصاف الدول الرائدة في حماية حقوق العمال، وتؤسس لنظام قائم على العدالة والشراكة الحقيقية في سوق العمل.
