ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 4 أغسطس 2025 11:46 مساءً - أصدرت مؤسسة القمة العالمية للحكومات تقريراً بعنوان «الكفاءة الكاملة»، يسلط الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجه الحكومات في ظل تسارع التطورات التكنولوجية، وتنامي التوقعات المجتمعية، والضغوط المالية المتصاعدة، ويقدم نموذجاً تحولياً لتعزيز كفاءة القطاع الحكومي واستدامته.
ويمثل تقرير الكفاءة الكاملة، الذي أصدرته القمة بالتعاون مع شركة «إف تي آي» للاستشارات، خارطة طريق عملية لتعزيز كفاءة الأداء في القطاع الحكومي، مرتكزاً على ثلاثة محاور استراتيجية رئيسية تشمل تسريع وتيرة الحوكمة المرنة من خلال إلغاء الأطر التنظيمية الصارمة.
وإعادة تحسين وتصميم العمليات الحكومية على نحو جذري، واعتماد نماذج تمويل مبتكرة قائمة على تحقيق القيمة، ويستند التقرير إلى بحوث معمقة ودراسات حالة لحكومات رائدة عالمياً، إلى جانب تحليلات خبراء متخصصين في التحول والتطوير الحكومي.
وأكد التقرير أن تعزيز كفاءة القطاع الحكومي يشكل ركيزة أساسية لدعم نمو الاقتصادات الوطنية، لافتاً إلى أن الإنفاق الحكومي يمثل في المتوسط نحو 32 % من الناتج المحلي الإجمالي عالمياً،.
مشيراً إلى التحول المتسارع لدى الحكومات نحو نماذج تنظيمية أكثر مرونة ترتكز على تحقيق النتائج، من خلال تبني أدوات مثل التنظيم القائم على المبادئ، ومختبرات السياسات، والمناطق التنظيمية التجريبية.
وقد أثبتت هذه الأدوات فاعليتها في تسريع وتيرة الابتكار وتطوير السياسات في عدد من الدول الرائدة، من بينها المملكة المتحدة والدنمارك.
كما يبرز التقرير الإمكانات التحولية لتقنيات الذكاء الاصطناعي في تسريع وتحديث العمليات الحكومية، مشيراً إلى أن ما يصل إلى 84 % من المعاملات الخدمية المتكررة ضمن أكثر من 200 وظيفة حكومية قابلة للأتمتة،.
ويسهم هذا التحول في رفع كفاءة الأداء الحكومي وتقليل الاعتماد على الموارد البشرية في المهام الروتينية، ما يتيح توجيهها نحو وظائف استراتيجية عالية القيمة.
واستعرض التقرير نماذج تطبيقية ناجحة من كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والدنمارك، حيث ساعدت تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة في خفض الأعباء الإدارية، وتحقيق وفورات كبيرة في التكاليف والوقت، مع تحسين تجربة المتعاملين.

وأكدت ريم بجاش، نائب مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات لشؤون الاستراتيجية والمحتوى والاتصال، أن تقرير «الكفاءة الكاملة» يشكل دعوة مفتوحة للحكومات حول العالم، لإعادة تصميم منظوماتها الإدارية والمالية بما يتماشى مع متغيرات العصر وتسارع متطلبات المستقبل.
وقالت بجاش: «الكفاءة لم تعد خياراً بل أصبحت ضرورة حتمية لتمكين الحكومات من تحقيق أثر ملموس ومستدام في حياة الناس، ومن خلال هذا التقرير نؤكد التزام مؤسسة القمة العالمية للحكومات بدعم صناع القرار بالأطر والأدوات التي تعزز جاهزيتهم، وتسهم في بناء نماذج حكومية أكثر ابتكاراً ومرونة وكفاءة».

من جهته أكد أنطوان نصر، المدير الإداري الأول ورئيس شركة «اف تي آي» للاستشارات في الشرق الأوسط، أن الحكومات حول العالم تواجه تحديات متزايدة، إذ يُطلب منها إنجاز المزيد من المهام بموارد أقل وبوتيرة أسرع.
مشيراً إلى أن تقرير «الكفاءة الكاملة» يوضح بجلاء أن إنتاجية القطاع الحكومي لم تعد مجرد ميزة إضافية، بل أصبحت عاملاً جوهرياً في تعزيز الصمود الاقتصادي والتنافسية الوطنية.
بيانات ونتائج
وأشار التقرير إلى تفاوت ملموس في معدلات الرضا المجتمعي عن القطاعات الخدمية، استناداً إلى بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، حيث بلغ معدل الرضا حوالي 70 % في قطاعات التعليم والصحة والعدالة، مقارنة بنسبة 60% فقط في الخدمات الإدارية.
ويعكس هذا التفاوت الحاجة الملحة إلى تطوير نماذج خدمية ترتكز على المواطن، وتعتمد على دمج الحلول الرقمية والابتكار في صميم تصميم الخدمة الحكومية.
وأكد التقرير أن أدوات التمويل المبتكر أصبحت تلعب دوراً متزايد الأهمية في إعادة تشكيل آليات تمويل الخدمات العامة، حيث تبنت الحكومات نماذج مثل ميزانيات تحقيق القيمة، وسندات الأثر الاجتماعي، والسندات الرقمية المدعومة بتقنيات البلوك تشين، إلى جانب السندات الخضراء، وذلك لدعم تحقيق التمويل المستدام والشفاف.
وشدد التقرير على أن الكفاءة الحكومية لم تعد خياراً إدارياً تقليدياً أو مقترنة بتقليل التكاليف فحسب، بل أصبحت ركيزة استراتيجية لضمان تحقيق المرونة المؤسسية، وتعزيز قدرة الحكومات على الاستجابة لاحتياجات المجتمع.