مسؤولون: تصاعد الأزمات الاقتصادية ومخاطر التغير المناخي والأمن السيبراني تتطلب تضافر الجهود عالمياً

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 10 فبراير 2025 11:45 مساءً - دبي - نورا الأمير ومريم العلي

Advertisements

حققت دولة خطوات كبرى في مجال الاستعداد للمستقبل، والتعامل مع تحدياته الطارئة باعتبارها فرصاً سانحة للتطوير، وذلك من خلال تطبيق مقومات البيئة الذكية، وكانت دبي بوجه خاص نموذجاً رائداً على الصعد المحلية والإقليمية والدولية، في مجال التعامل الكفؤ مع الأزمات.

وقد حظيت تجربة الإمارات بالتعامل مع الحالات الطارئة بإشادة كبيرة، مع تأكيد الخبراء على أهمية تعزيز التعاون الدولي في التعامل مع هذه الحالات.

ويعد تعامل الإمارات مع جائحة «كوفيد 19»، والأمطار الغزيرة العام الماضي، التي عرفت بـ«الهدير»، دليلاً على كفاءة البنية التحية والرقمية وسلامة وصحة التوجه في تجاوز الأزمات الطارئة.

وتحرص الإمارات بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على توسيع نطاقات التعاون مع مختلف دول العالم بما يخدم الإنسانية بأسرها.

ومثلت أزمة جائحة «كوفيد 19»، لحظة تاريخية فارقة لدولة الإمارات، التي وضعت خططاً استراتيجية للتصدي على اعتبار أن الجائحة فرصة سانحة لإحداث تغير إيجابي للاستعداد للمستقبل.

ووضعت الدولة استراتيجية لما بعد الجائحة، لتعزيز جاهزية كافة القطاعات الحكومية ومن ثم تحقيق التعافي السريع، عبر التركيز على قطاعات الأمن الغذائي والصحة والتعليم والصناعة لتكون ضمن أولويات خطط التنمية الاقتصادية المستدامة للأعوام القادمة.

وحرصت الدولة بالتوازي مع جهودها لمحاربة الجائحة محلياً على مد يد العون للعالم، وتصدرت الأكثر تقديماً للمساعدات الطبية والإغاثية لـ 47 دولة. وكانت دبي بدأت اعتماد آليات التعامل مع الظروف الطارئة، بالتزامن مع القمة العالمية للحكومات قبل عامين.

وكان تطوير مؤسسة دبي للمستقبل، بالتعاون مع برنامج دبي للتميز الحكومي، وصولاً إلى استحداث «مؤشر دبي للجاهزية للمستقبل»، من أبرز ثمار تلك القمة. ويستهدف المؤشر رصد وتقييم مدى استعداد الجهات الحكومية في دبي للمتغيرات والتحديات المستقبلية، وفق 5 محاور رئيسية و66 مؤشراً فرعياً.

ويجري العمل على تقييم أداء الجهات الحكومية المشاركة في مؤشر دبي للجاهزية للمستقبل ضمن أنشطة التقييم التي ينفّذها برنامج دبي للتميز الحكومي.

جهود جبارة

وبذلت مؤسسات الإمارة جهوداً جبارة، خلال موجة الأمطار العام الماضي، وانطلقت خطة عمل شرطة دبي، وفق 3 مرتكزات تضمنت التنبؤ والتعامل والتعافي، حيث أصدرت في هذا الإطار تحذيرات من مركز المرونة في 14 موقعاً حيوياً بالإمارة منها شارعا محمد بن زايد والإمارات. كما حددت الشرطة 46 موقعاً، تنبأت بتضررها من تجمعات الأمطار.

بالإضافة إلى الشرايين الحيوية للحركة، ما ساهم في إعادة الحركة لها بشكل سريع. وعقدت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات، العام الماضي 66 اجتماعاً، تطرقت فيها إلى أهمية تقييم مدى جاهزية مؤسسات الدولة للمستقبل.

كما نفذت بلدية دبي مشروعات استهدفت المناطق الحيوية الـ 14 بالإمارة، ونجحت من خلالها في زيادة الطاقة الاستيعابية لشبكة تصريف المياه، فيما وفرت هيئة الطرق والمواصلات مضخات محمولة في 22 موقعاً لسحب المياه المتراكمة.

وقال فيصل عيسى لطفي، وكيل وزارة مساعد للشؤون القنصلية بوزارة الخارجية، إن دور وزارة الخارجية في حماية مواطنيها بالخارج اعتمد خلال جائحة «كوفيد 19» على توظيف كافة مواردها لإدارة الأزمة، موضحاً أن الوزارة اعتمدت على آليات تدخل سريعة عبر سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية، شملت خطط إجلاء استباقية، وتقديم الإرشادات الوقائية، والتنسيق مع الجهات المعنية لضمان عودة المواطنين بأمان.

كما فعّلت الوزارة خدمة «تواجدي» لضمان متابعة أوضاع المواطنين في الخارج، وعززت التواصل مع الطلبة الإماراتيين المبتعثين، وأطلقت مبادرة «لا تشلون هم» لحماية أعضاء البعثات الدبلوماسية.

وأضاف لطفي أن الدولة وفرت لقاحات لمواطني الدولة في الخارج، وطبيباً عن بعد لتلبية متطلباتهم الصحية واللوجستية خلال مراحل الإجلاء، كما نسقت الوزارة عمليات إجلاء جوي وبري، شملت أكثر من 4 آلاف مواطن ومرافقيهم من أكثر من 60 دولة، في تعاون وثيق مع الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث والجهات الأخرى.

من جهته، قال خبير الأرصاد الجوية العُماني، يونس الشيزاوي، إن «منخفض المطير» الذي شهدته عُمان، والمعروف بـ«الهدير» في الإمارات، يعد مثالاً على التلاحم والتنسيق الإقليمي بين البلدين.

وأوضح أن التحذيرات المبكرة والتحديثات المستمرة كانت جزءاً أساسياً من الجهود المشتركة التي ساعدت في الحد من التأثيرات السلبية. وأكد أن هذا النوع من التنسيق يعزز من قدرة البلدين على الاستجابة الفعّالة للتحديات المناخية، ويعكس عمق العلاقات الأخوية بينهما.

وقال أستاذ القانون الرقمي الأردني الدكتور أشرف الراعي، إن العالم يشهد تحديات متسارعة تتطلب استجابة جماعية، حيث لم تعد الأزمات الاقتصادية والتغير المناخي والأمن السيبراني قضايا محلية، بل أصبحت ذات طابع عالمي يتطلب تكاتف الحكومات.

وأضاف: «في هذا السياق، تشكل القمة العالمية للحكومات في دبي منصة استراتيجية لتعزيز التعاون الدولي، حيث تناقش الحكومات الحلول التقنية والتنظيمية لمواجهة التحديات.

انطلاقاً من أن التكنولوجيا أصبحت اليوم محور هذا التعاون؛ إذ يوفر الذكاء الاصطناعي أدوات تحليل متقدمة لصنع القرار، بينما يفرض تصاعد الجرائم الإلكترونية تحدياً قانونياً يستدعي تبادل المعلومات وتعزيز الأمن السيبراني العابر للحدود، مما يتطلب اتفاقيات دولية».

كما قال إن «التوسع في استخدام التكنولوجيا يفرض على الحكومات تطوير أطر تشريعية مشتركة لضمان التوازن بين الابتكار والحماية القانونية، كما أن التحول الرقمي يتطلب تنظيماً قانونياً دقيقاً لحماية البيانات الشخصية، وضمان الشفافية في استخدام الذكاء الاصطناعي، ومكافحة الجرائم المالية الرقمية التي باتت تهدد الاقتصاد العالمي».

وأشار إلى أن العملات الرقمية مثلاً تحتاج إلى توافق قانوني دولي لمنع استخدامها في غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بينما يتطلب الأمن السيبراني اتفاقيات تعاون ملزمة بين الدول لضمان استجابة سريعة للهجمات الإلكترونية المتزايدة.

وأكد الراعي أن دبي، باحتضانها لهذه القمة، تؤكد مكانتها كمركز عالمي للحوكمة الرقمية والاستشراف المستقبلي؛ حيث تجمع صناع القرار لمناقشة قضايا مهمة في ظل التطورات التقنية مع مناقشة أهمية استفادة المجتمعات من الابتكار دون مخاطر قانونية أو اقتصادية، مع البحث في مستقبل التعاون الحكومي الذي يعتمد على التنظيم الذكي للتكنولوجيا، وهو ما يشير إلى وجود إرادة قوية من قبل القيادة الرشيدة في دولة الإمارات لصياغة سياسات رقمية موحدة تدفع بالعالم نحو نموذج أكثر استدامة وأماناً في ظل الثورة الرقمية المتسارعة.

تحديات جسيمة

وقال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة والجامعة الأمريكية بمصر، إن المخاطر والتحديات التي تواجه المنظومة الإقليمية والدولية والحكومات، كتعطل الاتصالات وتوقف خطوط النقل اللوجستي تعتبر تحديات جسيمة وتحتاج إلى بيانات ومعلومات وتنسيق في المواقف والتوجهات لمجابهتها ووضع الآليات للتعامل معها.

وأضاف: «الإشكالية أيضاً ليست في نوع التحديات والتهديدات، بل بحجم التنسيق والجهود التي يجب بذلها على نطاق كوني».

                                                     دبي تتصدّر مدن المنطقة في التحول إلى البيئة الذكية

تحتل دبي اليوم الصدارة في مجال التحوّل إلى البيئة الذكية، بين مدن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما أهّلَها، لتكون عاصمة الشرق الأوسط الرقمية.

وتتعدد الخدمات الذكية المُقدمة بحكومة دبي، تأتي في صدارتها نظم تخطيط الموارد الحكومية، وخدمات التواصل والتراسل الحكومي، وتطبيق الموظف الذكي، والهوية الرقمية، وتطبيق المورِّد الذكي، فضلاً عن التطبيقات المتاحة لجمهور المتعاملين .

والتي تفتح لهم المجال أمام نطاق واسع من الخيارات لإتمام معاملاتهم والحصول على العديد من الفرص التي توفر لهم مميزات كبيرة، من بينها إتمام المعاملات الحكومية عن بعد.

أخبار متعلقة :