ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 27 يوليو 2025 11:46 مساءً - «التربية»: 29 برنامجاً ومعسكراً بالشراكة مع 20 جهة موزعة على 80 مركزاً في الدولة
صندوق الوطن يستهدف 50 ألف طالب ضمن خطة تشمل 54 مدرسة و10 مراكز ثقافية وشبابية
برامج وأنشطة مكثفة تنظمها الجهات الحكومية خلال الإجازة الصيفية ضمن معسكرات تعليمية وترفيهية تعزز مهارات الطلبة وترسخ الهوية الوطنية، ولا تقتصر البرامج الصيفية على المؤسسات الرسمية فحسب، بل تمتد إلى المراكز الخاصة التي تستقطب الطلبة عبر أنشطة متنوعة، حيث تضاعفت رسومها بسبب الإقبال المتزايد لتصل إلى 1800 درهم شهرياً.
ويكشف المشهد التربوي الصيفي في الإمارات التنوع غير المسبوق في المبادرات التي تمثل مؤشراً على وعي وطني بأهمية استثمار الإجازة، لكن هل البرامج الصيفية قادرة على تنمية مهارات الطلبة في الإبداع والابتكار؟
مسؤولون وأكاديميون أكدوا لـ«حال الخليج» أن الإمارات باتت نموذجاً يُحتذى به في استثمار أوقات الشباب خلال الإجازات الصيفية التي تتضمن برامج رائدة في الذكاء الاصطناعي والروبوتات تعزز مهارات الطلبة في الإبداع والابتكار إلى جانب ترسيخ مفهوم العمل الجماعي وتحمل المسؤولية.
وأكدت وزارة التربية والتعليم أن بناء شخصية الطالب يحتاج إلى تجارب واقعية ومساحات للتفاعل وهو ما تحققه الأنشطة الصيفية، موضحة أنها طرحت 29 برنامجاً ومعسكراً بالشراكة مع 20 جهة وطنية، موزعة على 80 مركزاً في مختلف مناطق الدولة، وتستمر من 30 يونيو حتى 15 أغسطس، لتوفر بيئة تفاعلية تتماشى مع قدرات ورغبات الطلبة.
ويظل التحدي الحقيقي في استيعاب كافة الطلبة الراغبين في الانخراط وضمان جودة المحتوى، وتعزيز الشراكات لتقديم تجارب تعليمية متكاملة تعود بالنفع الحقيقي على الطالب والأسرة والمجتمع.
جيل المستقبل
وأكد معالي الفريق ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، رئيس جمعية توعية ورعاية الأحداث، أن الإمارات نموذج يُحتذى في استثمار أوقات الشباب خلال الإجازات الصيفية، عبر إطلاق برامج وأنشطة هادفة تسهم في بناء الشخصية وتعزيز السلوك الإيجابي في المجتمع، مشيراً إلى أن المجتمع الإماراتي محظوظ بوجود مؤسسات حريصة على توجيه الطاقات الشابة نحو ما ينفعها وينفع الوطن.
وأضاف معاليه قائلاً: إن جمعية توعية ورعاية الأحداث دأبت منذ تأسيسها على إعداد برامج نوعية تستقطب فئات واسعة من الطلبة خلال الإجازات، سواء الشتوية أو الصيفية، وتمنحهم فرصاً لتعلم المهارات الحياتية والتقنية والفنية، بما يواكب تطلعاتهم واحتياجات سوق العمل، موضحاً أن الجمعية لا تكتفي بتنظيم دورات، بل تضع رؤية واضحة لإعداد أجيال قادرة على تحمل المسؤولية والتميز في ميادين متعددة، عبر برامج عصرية مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات، إلى جانب المحافظة على الموروث الوطني والسنع الإماراتية.
صندوق الوطن
وأكد ياسر القرقاوي، مدير عام صندوق الوطن، أن البرامج الصيفية التي أطلقها الصندوق لعام 2025 تستهدف نحو 50 ألف طالب وطالبة من مختلف مناطق الدولة، ضمن خطة شاملة تشمل 54 مدرسة حكومية وخاصة، إضافة إلى 10 مراكز ثقافية وشبابية، موزّعة على مستوى الدولة.
وأوضح أن هذه البرامج تركز على تعزيز الهوية الوطنية واللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم وأحد أعمدة الانتماء الثقافي الإماراتي، وذلك من خلال أنشطة معرفية وفنية ورياضية وترفيهية متنوعة، تدمج بين الترفيه والتعليم، وتحفّز التفكير الإبداعي، وتنمّي المواهب في بيئة متوازنة.
ولفت إلى أن البرنامج يستند إلى أربعة محاور رئيسية هي: «إماراتي وأفتخر»، و«قيمنا من نور الإسلام»، و«لغة القرآن»، و«وطني إيماني ويقيني»، وتندرج تحتها 126 نشاطاً متنوعاً يعزز مفاهيم الهوية الوطنية، و48 نشاطاً ترفيهياً، إلى جانب 25 نشاطاً يعرّف الطلبة بالحرف الإماراتية التقليدية.
خريطة موسمية
من جهتها، حرصت وزارة التربية والتعليم على أن تكون سباقة في استغلال طاقات الطلبة خلال الإجازة الصيفية، من خلال إطلاق خريطة موسمية متكاملة تشمل برامج ومعسكرات تمتد على مدار العام، وليس فقط في فصل الصيف.
وأكدت أنها وفّرت بيئات تربوية غنية بالتجربة والتفاعل، تساهم في تنمية مهارات الطلبة وتعزز ارتباطهم بالمدرسة كمجتمع تعليمي متكامل، حيث تنظر الوزارة إلى الإجازة على أنها فرصة تعليمية بديلة لتوجيه الطاقات نحو التفكير النقدي والمواطنة الإيجابية.
وأضافت الوزارة أنها طرحت 29 برنامجاً ومعسكراً بالشراكة مع 20 جهة وطنية، موزعة على 80 مركزاً في مختلف مناطق الدولة، وتستمر من 30 يونيو حتى 15 أغسطس، لتوفر بيئة تفاعلية تتماشى مع قدرات ورغبات الطلبة.
وشددت على أن بناء شخصية الطالب لا يقتصر على المناهج، بل يحتاج إلى تجارب واقعية ومساحات للتفاعل، مؤكدة أهمية الأنشطة اللاصفية في تعزيز مهارات الحياة، مثل العمل الجماعي وتحمل المسؤولية.
تنوع ملحوظ
وأكد الدكتور عيسى البستكي، رئيس جامعة دبي، رئيس نادي الإمارات العلمي، أن تنوع الأنشطة الصيفية التي نشهدها هذا العام على مستوى الدولة، يعكس حرص الجهات الرسمية على استثمار طاقات الشباب وتمكينهم من مهارات المستقبل، بما يسهم في بناء جيل وطني واعٍ ومبدع.
وأوضح أن المشهد الحالي يبرز تفاعلاً واسعاً من المؤسسات التعليمية والعلمية والثقافية، من خلال برامج مدروسة تستجيب لتطلعات الطلبة وميولهم، وتوفّر بيئات غنية بالتجربة والمعرفة، تجمع بين التعلم والتطبيق، وبين الابتكار والترفيه.
وأشار البستكي إلى أن نادي الإمارات العلمي، التابع لندوة الثقافة والعلوم في دبي، أطلق برنامجه الصيفي 2025 مستقطباً 320 طالباً وطالبة من المواطنين، تتراوح أعمارهم بين 7 و18 عاماً، ضمن رؤية طموحة تستهدف اكتشاف المواهب العلمية المبكرة وتنميتها، وتزويدها بأدوات العصر الرقمي.
وبيّن أن البرنامج صُمّم بمنظومة علمية متكاملة تدمج بين التدريب العملي والتطبيقات الابتكارية، في مجالات متنوعة تشمل: الكهرباء والإلكترونيات، الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، الأمن السيبراني، الروبوت، الطباعة ثلاثية الأبعاد، الكيمياء العامة، الاستدامة، العالم الصغير، النجارة، والفن التشكيلي.
وأكد أن هذا التنوع في التخصصات يُترجم عملياً رؤية النادي في تمكين الطلبة من المهارات التكنولوجية، وتنمية التفكير النقدي، وتعزيز روح الابتكار والإبداع، في بيئة تعليمية تفاعلية وآمنة.
رعاية مستدامة
وأكدت الدكتورة مريم الغاوي، مديرة مركز حمدان للموهبة والابتكار التابع لمؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية والتربوية، أن البرامج والأنشطة التي ينفذها المركز لدعم الطلبة الموهوبين والمتميزين انطلقت منذ عام 2013، وهي مستمرة ومتجددة بشكل سنوي، بما يواكب التغيرات الحديثة في التعليم والابتكار.
وأوضحت أن المركز حرص منذ تأسيسه على تعزيز استدامة هذه المبادرات، سواء في فصول الصيف أو الشتاء، مشيرة إلى أن أكثر من 2000 طالب وطالبة استفادوا من تلك البرامج النوعية، التي تجمع بين التعلم القائم على المشروعات، وتوظيف التكنولوجيا، وتنمية المهارات المستقبلية.
وأضافت أن مركز حمدان يحرص على استثمار الإجازات المدرسية بالشكل الأمثل، من خلال تنظيم معسكرات شتوية وصيفية متنوعة، تهدف إلى صقل مهارات الطلبة، وتوفير بيئة تعليمية جاذبة تدعم فضولهم العلمي، وتفتح أمامهم آفاقًا جديدة في مجالات الابتكار والبحث والتطوير.
وأكدت أن توجهات المركز تتماشى مع رؤية دولة الإمارات في تمكين جيل المستقبل، وتعزيز مكانتها كحاضنة للابتكار والموهبة، من خلال تطوير برامج تعليمية متقدمة تتناغم مع سياسات الدولة وخططها الاستراتيجية، مثل «مئوية الإمارات 2071» و«رؤية الابتكار الوطني».
مراكز خاصة
وشهدت السنوات الأخيرة توسعاً ملحوظاً في مشاركة المراكز الخاصة، التي دخلت هذا المجال بأنشطة متنوّعة وبرامج تخصصية برسوم وصلت إلى 1800 درهم شهرياً، هذا التحوّل في الخريطة التنظيمية للمعسكرات الصيفية يفتح الباب أمام أولياء الأمور لاختيار المناسب لهم، ويخلق توازن بين ما يقدم في المراكز الخاصة وبين ما تقدمة الجهات الحكومية.
تقارير
حول المراكز الخاصة ودورها في الأنشطة الصيفية، قال الخبير الاقتصادي أحمد عرفات إن سوق المخيمات الصيفية حول العالم يشهد توسعاً ملحوظاً، حيث بلغت قيمته في عام 2023 نحو 4.7 مليارات دولار، وفقاً لتقارير Verified Market Research، ومن المتوقع أن يصل إلى 6.5 مليارات دولار بحلول 2031 بمعدل نمو سنوي يبلغ 4.9 %.
ولفت إلى أن هذا النمو يعكس تحوّل الأنشطة الصيفية إلى قطاع اقتصادي متكامل، مع تزايد إنفاق الأسر على تجارب التعليم غير النظامي خلال العطلات المدرسية.
مخيمات افتراضية مجانية
ولم تقتصر الأنشطة الصيفية على المراكز الحكومية والخاصة فقط بل امتدت إلى الأفراد، حيث بادر معلمون بشكل تطوعي بتنظيم مخيمات افتراضية مجانية للطلبة.
وقال التربوي الدكتور أيمن النقيب، إن جزءاً من المشهد الصيفي التعليمي في الإمارات لم يعد مرتبطاً فقط بالمخيمات الميدانية، بل انتقل إلى الفضاء الافتراضي، حيث يبادر عدد من المعلمين سنوياً في المدارس الحكومية والخاصة إلى تقديم برامج تدريبية تطوعية لطلبتهم في مجالات مثل البرمجة، والأمن السيبراني، وتطوير المهارات اللغوية في اللغة العربية، وذلك عبر منصات تعليمية رقمية.
وأوضح أن هذه المبادرات الفردية تعكس وعياً تربوياً متقدماً، وتدعم روح التعلم الذاتي والمستمر، مشيراً إلى أن كثيراً من هذه البرامج يتم تصميمها بناءً على احتياجات محددة للطلبة، مثل تحسين الكتابة التعبيرية بالعربية، أو إتقان لغة البرمجة بلغة Python، أو التعامل الآمن مع التطبيقات الرقمية.
وأكد أن هذه البرامج تُقدَّم مجاناً بالكامل للطلبة، كما أنها تمنحهم شهادات مشاركة رسمية، ما يُعزز دافعيتهم ويُكسبهم خبرات عملية تسهم في بناء شخصياتهم الأكاديمية والمهنية منذ الصغر.
من جهتها، أكدت التربوية الدكتورة رانيا مدحت، أن العطلة الصيفية تمثل فرصة ذهبية لتعزيز مهارات الطلبة خارج الإطار الأكاديمي التقليدي، مشيرة إلى أن الأنشطة التربوية المنظمة تُسهم في تنمية الشخصية، وبناء روح العمل الجماعي، وتخفيف التوتر الدراسي، خاصة لدى الفئات العمرية من 8 إلى 16 سنة.
وأوضحت أن مشاركة الطالب في المعسكرات التربوية خلال الإجازة تساعده على اكتشاف ميوله وتعزيز ثقته بنفسه، فضلاً عن إبعاده عن العزلة الرقمية والسلوكيات السلبية المرتبطة بالفراغ، لافتة إلى أن البرامج الصيفية الناجحة هي التي تُراعي التوازن بين الترفيه والتعلُّم، وتُشرك الأسرة في تقييم الأثر التربوي.
أولياء الأمور
في غضون ذلك، أكد عدد من أولياء الأمور توجّههم نحو تسجيل أبنائهم في المراكز الخاصة يأتي بدافع تلبية احتياجات واقعية ترتبط بثلاثة أسباب رئيسية هي: الموقع الجغرافي، وتنوع الأنشطة اليومية، وتوفر تخصصات دقيقة لا تغطيها البرامج الحكومية بالشكل الكافي.
ولفتوا إلى أن قرب المركز الخاص من المنزل غالباً ما يكون العامل الحاسم في اتخاذ القرار، خاصة في المناطق التي لا تتوفر فيها معسكرات حكومية قريبة، فالمسافات الطويلة والاعتماد على وسائل النقل الخاصة أو العامة يشكلان تحدياً كبيراً، خصوصاً مع حرارة الصيف العالية، مما يدفعهم لاختيار مراكز خاصة تقع في ذات المنطقة السكنية أو بالقرب منها، حتى وإن كانت برسوم مرتفعة نسبياً.
أما السبب الثاني الذي يدفع الأسر نحو المراكز الخاصة، فهو مرونة البرنامج اليومي وتعدد الأنشطة، إذ تتيح تلك المراكز للطلبة فرصة المشاركة في أكثر من نشاط خلال اليوم الواحد.
ويكمن السبب الثالث في رغبة بعض الأسر بتسجيل أبنائهم في برامج تخصصية غير تقليدية، مثل صيانة السيارات، أو تحليل البيانات، حيث تجدها الأسر متاحة في مراكز خاصة تركز على التعليم التطبيقي أو التقني.
ويرى أولياء الأمور أن هذه البرامج تمنح أبناءهم فرصة مبكرة للتعرف على مهارات المستقبل، حتى لو كانت الرسوم مرتفعة نسبياً.
وأشار أولياء الأمور إلى أن رسوم المراكز الخاصة تتفاوت حسب نوع البرنامج والخدمات المقدمة، وتتراوح ما بين 250 إلى 1800 درهم للمعسكر الواحد وبعض هذه المراكز تشمل ضمن الرسوم وجبات غذائية وشهادات، في حين تفرض أخرى رسوماً إضافية على المواد أو الرحلات.
أخبار متعلقة :