ابوظبي - ياسر ابراهيم - الخميس 7 أغسطس 2025 05:46 مساءً - تبقى العلاقات الثقافية بين الإمارات وروسيا نموذجاً حيًا على أن الثقافة ليست فقط جسرًا للعبور، بل هي حجر الأساس في بناء علاقاتٍ قوية، ومستدامة، تُعبر عن احترام عميق وتقدير متبادل، وتؤكد أن الحضارات رغم الاختلاف، تتلاقى في فضاءٍ من التفاهم، والتعاون، والإبداع، ليظلّا شاهدين على أن الفن، والمعرفة، والإنسانية، هي اللغة التي تتجاوز حدود الزمان والمكان، وتجمع بين الشعوب على حب السلام، والتقدم، والرخاء.
انتشرت في إمارات الدولة، ولا سيما في دبي وأبو ظبي، مراكز الثقافة الروسية، التي أصبحت بمثابة نوافذ حية تفتح على عوالم من الطقوس والعادات والفنون الروسية، وتُمكّن المواطنين والمقيمين من التعرف على الثقافة الروسية، مما يخلق جسور تواصل مباشرة بين الشعوب.
جسور العلم والمعرفة
تاريخٌ طويل من التعاون العلمي يربط بين البلدين، حيث تلقت العديد من الكفاءات الإماراتية علومها في الجامعات الروسية منذ ستينيات القرن الماضي، وتخرجت في تخصصات متنوعة، سواء كانت علوما تجريدية، طبيعية، تطبيقية، أو فنية، وأصبح العديد منهم اليوم من الركائز الأساسية في مشاريع التنمية الوطنية، كما أن الجامعات الروسية المرموقة، تظل مقصدا رئيسيا للطلاب الإماراتيين الذين يسعون لتحصيل علوم متقدمة، الأمر الذي يُعزز التعاون العلمي ويُرسخ التفاهم بين البلدين.
ويُعدُّ برنامج «سفراء الشباب» أحد أبرز نماذج التعاون الثقافي البناء، حيث يُتيح للشباب الإماراتيين والروس فرصة التعرف على حضارة الآخر، وبناء علاقات إنسانية قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وتُسهم مثل هذه البرامج في ترسيخ قيم التفاهم والتعايش، وتؤسس لصداقات طويلة الأمد، تتجلى في فعاليات ثقافية وفنية، مثل مهرجان الموسيقى الروسية في أبوظبي، الذي أقيم مطلع عام 2020، وشارك فيه نخبة من المبدعين الروس، ليثبت كيف يمكن للفن أن يكون لغة موحدة، تعبر عن وحدة التوجه الإنساني.
مشاريع إنسانية
عكست مؤسسات إماراتية، مثل مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم، مدى عمق التعاون مع الجانب الروسي في مجال الرعاية والتأهيل، من خلال زيارات رسمية وتوقيع اتفاقيات مع مراكز بحثية وجامعات روسية، بهدف تحسين جودة حياة أصحاب الهمم، وتبادل الخبرات في مجالات التشخيص والجراحة والتأهيل. هذا التعاون يعكس أن العلاقات الثقافية ليست فقط في إطار الفن والأدب، وإنما تمتد لتشمل العمل الإنساني، وتقديم الدعم للأفراد الأكثر حاجة، في إطار قيم التعاون والتكافل.
وفي أواخر عام 2024، افتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، حفظه الله، مركز الشيخة فاطمة بنت مبارك للتعليم في موسكو، في خطوة مهمة لتعزيز التعاون في مجالات تعليم اللغة العربية، والتاريخ، والفنون، والعلوم، وتطوير مناهج التعليم، بما يعزز حضور الثقافة الإماراتية في روسيا ويسهم في بناء جيل متطلع يمتلك أدوات العصر، ومطلع على تراثه الحضاري.
الأدب والترجمة والفنون
شهدت العلاقات الثقافية بين البلدين نشاطا ملحوظا في مجال الأدب والترجمة، حيث أطلق مشروع «كلمة» لترجمة أكثر من 20 عنوانا من الأدب الروسي إلى العربية، وتضمّن ذلك أعمالا كلاسيكية ومعاصرة، وكتبا للأطفال، وألبومات فنية وفنية، مما يعزز حضور الأدب الروسي في العالم العربي، ويُساهم في إثراء المكتبة العربية بإبداعات روسية متنوعة، ويُسهم في تعزيز التفاهم الثقافي بين الشعوب.
تُعبر الفعاليات السينمائية والمهرجانات عن حضور قوي للثقافة الروسية في الإمارات، حيث يُشارك صناع السينما الإماراتيون والروس في مهرجانات دولية، ويُعرضون أعمالهم، وتُقام معارض وفعاليات تُبرز الإبداعات الفنية، مما يُعزز من مكانة السينما كوسيلة فعّالة للتواصل الثقافي، وتقديم صورة حية عن تراث وتاريخ البلدين
أخبار متعلقة :