كتب ناصر المحيسن - الكويت في الخميس 18 سبتمبر 2025 10:15 مساءً - رحّبت دولة الكويت بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2792، المتعلق باستمرار متابعة المجلس لملفات الأسرى والمفقودين الكويتيين ورعايا الدول الثالثة، إضافة إلى الممتلكات الكويتية، بما فيها الأرشيف الوطني، وذلك بعد انتهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق «يونامي».
ويقضي القرار بتعيين ممثل رفيع المستوى للأمين العام للأمم المتحدة، لدعم وتيسير الجهود الهادفة إلى كشف مصير الأسرى والمفقودين واستعادة رفاتهم، فضلاً عن استرجاع الممتلكات الكويتية والأرشيف الوطني.


وأكدت وزارة الخارجية، في بيان، اليوم الخميس، أنها إذ تشيد بالجهود المبذولة من قبل الدول الأعضاء في مجلس الأمن، والتي توجت باعتماد القرار بالإجماع، في موقف جسد التوافق الدولي حول أهمية إشراف المجلس على التقدم المحرز في إطار تنفيذ قراراته على النحو الأمثل، لا سيما تلك المتعلقة بالأسرى ورفاتهم، وذلك نظراً للطبيعة الإنسانية الخاصة التي يكتنفها هذا الملف، فإنها تؤكد التزام الكويت بدعم الممثل الأممي رفيع المستوى وصولاً لتحقيق المهام المنوطة به على أكمل وجه.
حلقة أساسية
وفي كلمة أمام جلسة مجلس الأمن الدولي في نيويورك، الخاصة ببند «الحالة بين الكويت والعراق»، قال مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير طارق البناي، إن القرار الجديد يمثل امتداداً لمسار طويل من قرارات المجلس منذ تسعينات القرن الماضي، والتي أرست الأساس القانوني لإلزام العراق بالكشف عن مصير الأسرى والمفقودين الكويتيين وإعادة الممتلكات الوطنية.
وأضاف أن تجديد المتابعة الأممية بعد انتهاء ولاية (يونامي) يعد «حلقة أساسية» لضمان إغلاق هذه الملفات بصورة عادلة وناجزة.
وأضاف البناي، أن القرار 2732 /2024 يجدد التأكيد على ضرورة استمرار المتابعة الأممية لهذه الملفات بعد انتهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) علاوة على أن القرار يمثل «حلقة أساسية» من أجل استكمال إغلاق هذه الملفات الإنسانية والوطنية بصورة «ناجزة وعادلة».
وأوضح أن تعيين ممثل رفيع المستوى يتولى متابعة هذه الملفات وتقديم تقارير دورية للمجلس «يتيح التقييم الموضوعي ويكفل استمرارية الزخم والرقابة الدولية»، مؤكداً أن وجود هذه الآلية يعزّز الشفافية ويحافظ على مصداقية الجهود ويضع حداً لمعاناة الأسر التي تنتظر منذ عقود معرفة مصير أحبائها.
ورأى أن أي ملف يغلق هو «خطوة إضافية نحو بناء الثقة وكل خطوة في بناء الثقة هي لبنة في صرح السلم والأمن الدوليين والذي هو جوهر ولاية مجلس الأمن».
واستشهد بأن التعاون الأممي الفعّال من خلال مجلس الأمن كان «عاملاً أساسياً» في تحقيق نجاحات ملموسة بين الكويت والعراق، بدءاً من إغلاق ملفات متعددة، ووصولاً إلى الإنجاز الناجح الأخير المتمثل في إنهاء ملف التعويضات الكويتية.
ونبه البناي إلى أن استكمال هذه المسيرة يتطلب عملاً جدياً من جميع الأطراف «وبالأخص من الأشقاء في العراق لترجمة الأقوال إلى أفعال، وفتح الباب أمام إغلاق كامل لهذه الملفات ليستكمل بذلك فصل مشرق من مسيرة التعاون بين بلدينا الشقيقين».
الوقوف مع العراق
وأعرب عن إيمان الكويت بأن علاقاتها الثنائية مع العراق لا تنعكس إيجاباً على الشعبين الشقيقين فحسب بل «تحمل كذلك دلالات أوسع على مستوى المنطقة ككل»، مبينا أن نجاح العراق في إغلاق هذه الملفات الإنسانية سيسهم في تهيئة بيئة أكثر انفتاحاً وتكاملاً مع محيطه الخليجي، ويعزّز فرص اندماجه الطبيعي في مؤسسات التعاون الإقليمي.
وتابع البناي بالقول إن ترسيخ دعائم الثقة والالتزام بين البلدين الشقيقين يشكل «حجر الأساس» لتوسيع آفاق التعاون بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي «بما يعود بالخير والاستقرار على منطقتنا بأسرها».
وأكد أن الكويت ستظل إلى جانب العراق وتمد له يد العون لاستكمال متطلباته الدولية والتزاماته أمام مجلس الأمن، في ما يتعلق بالملفات العالقة، وتسعى إلى تمكينه من تجاوز التحديات كافة، انطلاقاً من إيمانها الراسخ بأن نجاح العراق هو «نجاح للكويت والمنطقة بأسرها».
وشدد البناي، على أن الكويت أثبتت عبر التاريخ أنها لا تبحث عن المواجهة والتصعيد «بل عن العدالة والسلام»، وتعتبر أن الشفافية الدولية هي الضمانة الأكيدة لتحقيق نتائج عادلة ودائمة.
مساهمات بناءة
توجه السفير البناي، بخالص التقدير والامتنان، إلى جميع الدول الأعضاء، على مساهماتها البناءة في بلورة هذا المشروع، وإلى المملكة المتحدة (حاملة قلم بند الحالة بين دولة الكويت والعراق)، على ما بذلته من جهد دؤوب ودور قيادي متميز في تيسير المشاورات وصياغة التوافق.
تحقيق العدالة هدف كويتي سامٍ
أكد السفير البناي، أن الكويت ستظل شريكاً ملتزماً، هدفها الأسمى هو تحقيق العدالة لأسر الضحايا واستعادة الأرشيف الوطني وإغلاق هذه الملفات، بما يعيد الحقوق إلى أصحابها ويكرّس تجربة نجاح جديدة في سجلّ التعاون الدولي، تحت مظلة مجلس الأمن.
الولايات المتحدة تشيد بالقرار: خطوة مهمة لإغلاق الملفات الإنسانية
أشاد القائم بأعمال المندوب الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، جون كيلي، في بيان نشرته وزارة الخارجية الأميركية عبر حسابها الرسمي على منصة «إكس»، بقرار مجلس الأمن الدولي الخاص بملف الأسرى والمفقودين الكويتيين في العراق، مؤكداً أن القرار يشكّل خطوة مهمة نحو إغلاق الملفات الإنسانية العالقة.
وشدد كيلي، على أن العراق «شهد تغيراً جذرياً في السنوات الأخيرة، وأن مهمة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بحاجة إلى إعادة تنظيم في إطار التزامنا بتعزيز عراق آمن وقوي ومزدهر وذي سيادة. ويُعدّ إغلاق بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق خطوةً للأمام، ويُوضّح أنه لا يُفترض أن تكون أي بعثة سياسية للأمم المتحدة دائمة».
وذكر أنه «من خلال هذا القرار، أعرب المجلس عن عزمه على مراجعة تقدّم هذه البعثة وجهود جميع الأطراف. ونحن نتوقع من جميع الجهات المعنية بذل جهود جادة وصادقة لإحراز تقدّم كافٍ في القضايا العالقة، حتى يتسنى إنجاز عمل هذه الآلية الجديدة في أسرع وقت ممكن، ويفضّل أن يكون ذلك قبل انتهاء تكليف البعثة في ديسمبر 2030 بوقت معتبر».
ودعا إلى ضرورة أن يباشر الممثل الأممي رفيع المستوى مهامه بجدية، وقال: «نتوقع من الممثل السامي الجديد أن يبذل مساعيه الحميدة لتحفيز التقدّم لدى الجانبين، وتعزيز الثقة، والحثّ على اتخاذ إجراءات نحو معايير واضحة».
وأضاف: «نأمل أن تُقيّم التقارير المُستقبلية المقدّمة إلى هذا المجلس عمل الآلية، وتُوضّح ما يجب القيام به لضمان مزيد من التقدّم نحو التوصل إلى حل شامل للقضايا العالقة المتعلقة بالأشخاص المفقودين والممتلكات المفقودة».
