الرياض - ياسر الجرجورة في الأحد 7 ديسمبر 2025 02:19 مساءً - في تطور مناخي مذهل لم تشهد المملكة العربية السعودية مثيله منذ عقود، تغرق مساحة 2 مليون كيلومتر مربع من أراضي المملكة تحت عاصفة مطرية تاريخية تستمر لـ6 أيام متتالية، مساحة أكبر من دولة المكسيك بأكملها. للمرة الأولى في التاريخ الحديث، تشهد الصحراء السعودية أمطاراً تتواصل بلا انقطاع، حيث الساعات القادمة ستحدد مصير ملايين السعوديين تحت رحمة أقوى عاصفة شهدتها شبه الجزيرة العربية في القرن الحالي.
المركز الوطني للأرصاد يؤكد: "هذه أقوى عاصفة في تاريخ المملكة الحديث"، حيث تسجل الأمطار معدلات قياسية تصل إلى 50 ملليمتراً في الساعة الواحدة - كمية تعادل ما تسقط على لندن في شهر كامل. أبو محمد، سائق توصيل من جدة، يروي صدمته: "محاصر في بيتي منذ يومين، الشوارع تحولت لأنهار، وخسرت راتب الأسبوع كاملاً." رياح عاتية بسرعة 60 كيلومتراً في الساعة تضرب المناطق الشمالية والغربية، بينما يحذر خبراء الأرصاد من تشكل سيول جارفة قادرة على قلب المركبات.
جذور هذه العاصفة الاستثنائية تكمن في منخفض جوي قوي نادر التكرار يؤثر على شبه الجزيرة العربية، مدفوعاً بتغيرات مناخية عالمية تعيد تشكيل أنماط الطقس في المنطقة. د. نورا العتيبي، أستاذة علم المناخ، تحذر: "نشهد تأثيرات البحر الأحمر والخليج العربي مجتمعة، ظاهرة لم نرصدها منذ الثمانينات." مقارنة بعواصف الماضي، هذه العاصفة أقوى من إعصار كاترينا الذي دمر نيو أورلينز، والأهم أنها تحدث في منطقة صحراوية تعتبر المطر نعمة نادرة وتحدياً كبيراً في آن واحد.
الحياة اليومية في المملكة توقفت شبه تماماً، حيث أُغلقت المدارس والجامعات في جميع المناطق المتأثرة، وانقطعت شبكات الكهرباء والاتصالات في مناطق متفرقة. فاطمة من تبوك تصف المشهد: "شاهدت البرد يتساقط بحجم كرات الجولف لأول مرة في حياتي، والرعد كانفجار المدافع يهز البيوت." لكن وسط التحدي، يبرز الأمل: هذه العاصفة ستملأ السدود والخزانات الجوفية، وقد تحقق للمملكة أمناً مائياً لعقد كامل، بينما يترقب المزارعون انتعاشاً زراعياً غير مسبوق قد يغير وجه الصحراء السعودية إلى الأبد.
المديرية العامة للدفاع المدني تدعو جميع المواطنين للالتزام بالمنازل واتباع إرشادات السلامة بدقة، في الوقت الذي يعمل فيه آلاف رجال الإنقاذ والطوارئ على مدار الساعة. هذه العاصفة ليست مجرد ظاهرة جوية، بل نقطة تحول قد تعيد تشكيل المشهد المائي والزراعي في المملكة. السؤال المحوري الذي يطرح نفسه الآن: هل نحن أمام بداية عصر مناخي جديد في شبه الجزيرة العربية، أم أن هذه مجرد ظاهرة استثنائية لن تتكرر؟
