الارشيف / حال المال والاقتصاد

كنز الطاقة المدفون.. هل ينقذ الهيدروجين الجوفي كوكب الأرض؟

كنز الطاقة المدفون.. هل ينقذ الهيدروجين الجوفي كوكب الأرض؟

ابوظبي - ياسر ابراهيم - السبت 2 أغسطس 2025 11:46 مساءً - في الوقت الذي يشتد فيه السباق العالمي نحو إيجاد بدائل نظيفة ومستدامة لمصادر الطاقة التقليدية، يلفت الانتباه اكتشافٌ جديد آخذ في التبلور بهدوء تحت أقدامنا: الهيدروجين الجوفي. هذا العنصر الخفي، المخزّن في أعماق الأرض منذ ملايين السنين، قد يكون الكنز الذي طال انتظاره لحل واحدة من أعقد أزمات العالم المعاصر أزمة الطاقة.

فمع التغير المناخي، وارتفاع أسعار الوقود، وتزايد الطلب على الكهرباء، تتجه الأنظار إلى هذا المورد الطبيعي الذي لا ينتج عنه انبعاثات كربونية، ولا يتطلب عمليات إنتاج ملوثة أو مكلفة. فهل يمكن للهيدروجين الجوفي أن يكون المنقذ الحقيقي؟ وهل نحن على أعتاب ثورة جديدة في عالم الطاقة؟

مع تزايد الضغوط العالمية للبحث عن مصادر طاقة نظيفة ومستدامة، يحمل الهيدروجين الجوفي الكثير من الأمل لمستقبل الطاقة على كوكب الأرض. وهو نوع من الهيدروجين الطبيعي المتواجد في أعماق الأرض داخل خزانات جوفية وتكوينات صخرية. هذا المصدر غير التقليدي للطاقة قد يكون حجر الزاوية في تغيير مشهد الطاقة العالمي، بفضل كميات هائلة منه وخصائصه البيئية المميزة.

ما هو الهيدروجين الجوفي؟

الهيدروجين الجوفي هو غاز هيدروجين طبيعي يتكوّن داخل القشرة الأرضية، نتيجة تفاعلات جيولوجية بين المعادن والماء، ويُخزن في تكوينات صخرية خاصة تحت سطح الأرض. على عكس الهيدروجين الصناعي الذي يتم إنتاجه عبر عمليات مكلفة ومرهقة بيئيًا، فإن الهيدروجين الجوفي موجود جاهزًا في الطبيعة ولا يحتاج إلى عمليات إنتاج معقدة، وفق تقرير لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية "USGS".

حجم الكميات المكتشفة وأهميتها

وأظهرت دراسة حديثة من هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS) أن هناك ما يصل إلى 6.2 مليارات طن من الهيدروجين الجوفي مخزون تحت سطح الأرض. اللافت للنظر هو أن 2% فقط من هذه الكمية كفيلة بتوفير الطاقة لبلد كامل لأكثر من 200 سنة. هذا الرقم الضخم يجعل الهيدروجين الجوفي مصدرًا واعدًا للطاقة النظيفة والقابلة للاستدامة لفترات طويلة.

كيف يختلف عن مصادر الهيدروجين الأخرى؟

حتى الآن، يُنتج الهيدروجين بشكل رئيسي عبر طريقتين:

الهيدروجين الأخضر: ينتج عن طريق التحليل الكهربائي للماء باستخدام الكهرباء المتجددة، وهو نظيف لكنه مكلف.

الهيدروجين الأزرق: يُنتج من الغاز الطبيعي مع التقاط الكربون، وهو أقل تلوثًا لكنه لا يزال يعتمد على الوقود الأحفوري.

أما الهيدروجين الجوفي فهو مختلف كليًا، لأنه طبيعي ومستخرج مباشرة من الأرض دون الحاجة لطاقة إضافية كبيرة أو عمليات تصنيع، مما يجعله خيارًا صديقًا للبيئة وأكثر فعالية من حيث التكلفة.

التحديات والعقبات

بالرغم من وفرة الهيدروجين الجوفي، إلا أن استخراج هذه الكميات الهائلة يواجه عقبات تقنية واقتصادية كبيرة. فمعظم الرواسب موجودة في أعماق كبيرة أو في مواقع يصعب الوصول إليها مثل تحت البحار أو في مناطق نائية. هذا يجعل تكلفة الاستخراج مرتفعة مقارنة بالمصادر التقليدية. كما أن تطوير تقنيات حديثة لاستخراجه بشكل اقتصادي وفعال هو أمر لا يزال قيد البحث والتطوير، وفقا لـ "Science Advances".

أين وصل العلماء؟

تعمل عدة دول مثل مالي وفرنسا وأستراليا على استكشاف إمكانيات استخدام الهيدروجين الجوفي، وكذلك تقوم هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بدراسة المواقع المحتملة داخل الولايات المتحدة. حتى الآن، تم تحديد أكثر من 110 ملايين كيلوجرام من الهيدروجين الطبيعي، لكنه لم يدخل مرحلة الاستخدام التجاري بعد.

لكن الآن، مع اكتشاف احتياطيات طبيعية ضخمة من الهيدروجين، أصبح بالإمكان استخراجه مباشرة من باطن الأرض، دون الحاجة إلى العمليات الصناعية المكلفة والملوثة، وهو ما قد يفتح الباب أمام مستقبل طاقة أكثر نظافة واستدامة وعدالة على مستوى العالم.

لماذا نحتاج إلى الهيدروجين الجوفي؟

مع ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة، وتفاقم أزمة تغير المناخ بسبب الانبعاثات الكربونية، أصبح من الضروري إيجاد مصادر طاقة نظيفة ومستدامة. الهيدروجين الجوفي يمثل فرصة لإنتاج طاقة خالية من الكربون وبدون التأثير البيئي الكبير الذي تسببه مصادر الطاقة التقليدية.

المستقبل المحتمل

إذا تمكنت التكنولوجيا من التغلب على تحديات الاستخراج، فقد نرى في العقود القادمة اعتمادًا متزايدًا على الهيدروجين الجوفي كمصدر رئيسي للطاقة. هذا قد يساهم بشكل كبير في خفض الانبعاثات وتحقيق أهداف الاستدامة العالمية.

Advertisements

قد تقرأ أيضا