الارشيف / حال المال والاقتصاد

دبي مركز إقليمي لقطاع التجزئة الذكية

دبي مركز إقليمي لقطاع التجزئة الذكية

ابوظبي - ياسر ابراهيم - السبت 4 أكتوبر 2025 11:46 مساءً - عززت دبي مكانتها مركزاً إقليمياً لقطاع التجزئة الذكية، بفضل طفرة يقودها الذكاء الاصطناعي، فيما يفتح المساعدون الافتراضيون وحلول الدفع الذكية والواقع المعزز آفاقاً جديدة لنمو القطاع.

وأكد خبراء في قطاع التجزئة ارتفاع قطاع التجزئة الذكية في بمعدل نمو سنوي يفوق 28 % بحلول 2032، فيما تتصدر دبي هذا التحول، بفضل حلول مثل التوصيات الذكية، والروبوتات، والمساعدين الافتراضيين، والواقع المعزز، ومع استهداف السوق الوصول إلى 139 مليار دولار بحلول 2028 فإن الذكاء الاصطناعي سيكون المحرك الرئيسي لهذا النمو.

تجارب افتراضية

وقال فيجاي فاليشا، الرئيس التنفيذي للاستثمار في «سنشري فاينانشال»: «يدخل سوق الذكاء الاصطناعي في التجزئة بالإمارات مرحلة توسع ملحوظة، ما يعكس البنية الرقمية القوية للدولة، والمبادرات الحكومية المدعومة، وسلوك المستهلك المتغير بسرعة، فقد بلغ حجم السوق 16.82 مليون دولار في 2023، فيما من المتوقع أن يصل إلى 157.86 مليون دولار بحلول 2032، بنمو سنوي مركب 28.21 % بحسب بيانات منصة الأبحاث «Credence Research»، ويقود هذا الزخم مدناً رئيسية مثل دبي وأبوظبي، التي تتطور لتصبح مراكز إقليمية لاعتماد الذكاء الاصطناعي في التجزئة. وتتصدر دبي بشكل خاص في تقديم تجارب مخصصة، وتحسين العمليات باستخدام الذكاء الاصطناعي».

وأضاف: «أصبح الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد العمود الفقري لتحول التجزئة في الإمارات؛ حيث يستخدم التجار الذكاء الاصطناعي، لتقديم تجارب تسوق مخصصة، وتعزيز خدمة العملاء، وتبسيط العمليات، وقد أعادت أدوات مثل الروبوتات الذكية، والتحليلات التنبؤية، ومحركات التوصية تشكيل رحلة العميل، من خلال عروض مخصصة، ودعم فوري، واستراتيجيات تسعير محسنة، كما أن دمج الذكاء الاصطناعي مع الواقع المعزز يشكل اتجاهاً قوياً، لا سيما في مجالات الأزياء والجمال والديكور المنزلي، حيث يتيح للمستهلكين تجربة المنتجات افتراضياً قبل اتخاذ قرار الشراء».

مبيعات عالمية

وتابع فيجاي فاليشا: «من الملاحظ تسارع المبيعات على المستوى العالمي، فمحركات التوصية المدعومة بالذكاء الاصطناعي عادة ما تزيد معدلات التحويل بنسبة من 5 إلى 15 %، وترفع متوسط قيمة الطلبات من 5 إلى 10 %، وإذا تم تطبيقها على نطاق واسع في الإمارات فإن أي زيادة حتى بنسبة 5 % فقط قد تترجم إلى مليارات الدولارات من المبيعات الإضافية سنوياً، كما أن التنبؤ بالطلب باستخدام الذكاء الاصطناعي يقلل من نفاد المخزون والفائض بنسبة تصل إلى 30 %، ما يحسن الهوامش الإجمالية بمقدار يتراوح بين 1 و1.5 نقطة مئوية».

وأضاف: «بالنسبة لقطاعات دبي عالية الربحية، مثل الفخامة والأزياء، فإن هذه المكاسب تنتقل مباشرة إلى الأرباح، كما أن تفاعل العملاء في دبي جاهز للاستفادة من الذكاء الاصطناعي. ومع اعتماد أكثر من 65 % من السكان على التجارة الإلكترونية ونسبة انتشار الهواتف المحمولة التي تتجاوز 90 % أصبحت الروبوتات الذكية، والمساعدون الافتراضيون، والمنصات المخصصة جزءاً أساسياً من تجربة العميل.

ويمكن للتجارة الحوارية المدعومة بالذكاء الاصطناعي تقليل ما يصل إلى 40 % من طلبات خدمة العملاء، ما يقلل بدوره من أوقات الاستجابة، ويحسن درجات الرضا بنسبة من 20 إلى 30 %. وخلال موسم العطلات لعام 2024 أظهرت بيانات Salesforce أن التسوق بمساعدة الذكاء الاصطناعي أثر في 199 مليار دولار من المبيعات العالمية عبر الإنترنت، ما يبرز تأثير الذكاء الاصطناعي الواقعي في سلوك المستهلك».

عامل مضاعف

ويشكل قطاع السياحة عاملاً مضاعفاً آخر، فقد استقبلت دبي نحو 10 ملايين زائر مقيم في النصف الأول من هذا العام، حيث يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي مثل التوصيات متعددة اللغات، والعروض المخصصة، وأنظمة التسوق الآلي المعفاة من الضرائب تحويل هذا الزائر العابر إلى عملاء مخلصين. ومع تقدير إنفاق السياح بما يقارب ثلث إجمالي مبيعات التجزئة فإن التحسينات الصغيرة في الكفاءة بحد ذاتها تحدث تأثيراً كبيراً.

وعلى الصعيد الكلي – يؤكد فاليشا أن قيمة الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا سجلت 4.5 مليارات دولار في 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 14.6 مليار دولار بحلول عام 2028 «IDC 2024»، كما تستهدف «استراتيجية الإمارات الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031» إسهام الذكاء الاصطناعي بنحو 14 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، وبالنظر إلى حجم التجزئة وطبيعتها الموجهة للمستهلك فستكون من أوائل القطاعات المستفيدة من هذا التسارع.

محرك النمو

وتحول الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة تمكين إلى محرك لتسريع نمو التجزئة في دبي، من خلال تعزيز التحويل، وتحسين الهوامش، وتخصيص تجربة العميل، وهو يهيئ قطاع التجزئة الإماراتي لتحقيق هدفه البالغ 139 مليار دولار بحلول عام 2028، وربما تجاوزه.

وفي أسواق مثل دبي، حيث يعتمد أكثر من 65 % من السكان على التجارة الإلكترونية، وفقاً لبيانات غرفة تجارة دبي، 2024، بينما من المتوقع أن يصل حجم قطاع التجزئة إلى 139 مليار دولار بحلول 2028 وفقاً لبيانات غرف دبي 2024 فإن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على توليد مليارات الدولارات من الإيرادات الإضافية.

وتشير الدراسات إلى أن التوصيات المخصصة تمثل ما يصل إلى 35 % من المبيعات الإلكترونية عالمياً (ماكينزي، 2023)، بينما تقلل الروبوتات الذكية وخدمات الأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التكاليف بنسبة من 20 إلى 40 %، وتزيد رضا العملاء بما يصل إلى 30 % «PwC 2023» وعند تطبيقها على سكان دبي ذوي الإنفاق العالي والأولوية للهواتف المحمولة، إلى جانب تدفق السياح الدوليين المستمر فإن زيادة بنحو10 % فقط قد تشكل أكثر من 13 مليار دولار مبيعات إضافية، ومع توقع ارتفاع استثمارات الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط من 4.5 مليارات دولار خلال عام 2024 إلى 14.6 مليار دولار بحلول عام 2028 «IDC 2024»، حيث تمتلك الإمارات فرصة لوضع معيار عالمي، يجمع بين القيادة التكنولوجية وأطر الثقة المتينة. وبالنسبة إلى تجار التجزئة في دبي فإن النمو المستدام لن يتحقق من خلال التضحية بالخصوصية مقابل الأداء، بل من خلال ترسيخ الثقة ركيزة أساسية لتجربة العميل المدفوعة بالذكاء الاصطناعي.

طريقة ممنهجة

قال وليد لسويد، مدير أول، عالم بيانات الحاسوب، قسم تحليل البيانات شركة «طلبات»: «نستخدم الذكاء الاصطناعي لإضفاء القيمة بطريقة ممنهجة، من خلال تقسيم حالات الاستخدام إلى محورين بسيطين، أحدهما يتعلق بالنمو في الإيرادات مقابل الكفاءة، والآخر يتعلق بتحسين ما يفعله تجار التجزئة مقابل ابتكار إمكانات جديدة كلياً.

في المراكز التجارية أو منصات التجارة الإلكترونية فإن جانب «التحسين لما هو قائم» يشمل توقعات أذكى للطلبات وتوصيات أدق للمنتجات، وتحديثات مباشرة للأسعار في الوقت الفعلي، لكن الإثارة الحقيقية تكمن في «القدرات الجديدة» والخروج عن المألوف: مثل حلول الدفع الذكية، والخدمات اللوجستية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وتجارب التسوق فائقة التخصيص التي لم تكن ممكنة من قبل، وكلها تدفع دبي لتكون أكثر ساحات التجزئة تقدماً في المنطقة».

وأضاف: «تتدفق الاستثمارات بطبيعة الحال نحو مجالات الكفاءة المثبتة، مثل سلاسل التوريد المحسنة بالذكاء الاصطناعي، والتوصيل القائم على التنبؤات المُسبقة المتوقعة بالذكاء الاصطناعي، وتوجيه الطلبات بشكل ذكي، بما يقلل التكاليف في سوق مثل الإمارات، حيث يمكن للخدمات اللوجستية أن تحدد مستوى رضا العملاء».

وأضاف وليد لسويد أن الرهانات الكبرى تتركز على نمو الإيرادات، حيث يدفع هذا الأمر تجار التجزئة نحو محتوى فائق التخصيص، وعروض مصممة خصيصاً حسب الطلب المتوقع، وحتى إعلانات تتغير حسب هوية المستخدم، وهذا يقلب المعادلة رأساً على عقب فيما يخص نماذج الإعلان التقليدي، فلم يعد «مقاس واحد يناسب الجميع»، بل أصبح «لكل شخص إعلاناً خاصاً».

ما كان مستحيلاً في السابق، مثل إنشاء صورة فريدة لكل مستخدم، أصبح الآن ممكناً وقابلاً للتطور، وهنا يكمن مستقبل النمو في قطاع التجزئة، مؤكداً أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تعتمد بشكل كبير على جودة البيانات وشموليتها، ابتداء من تفاعل المستخدم وصولاً إلى سلوك الشراء.

تشغل بيانات المستخدم منتجات مثل أنظمة التوصية والتجارب الشخصية، لكن ذلك يترتب عليه تحمل مسؤولية، حيث من الضروري أن تعمل الشركات على حمايتها بحوكمة واضحة، ولا يمكن تجاهل أهمية المعايير والقيود الأخلاقية، لضمان عدم إساءة استخدام البيانات، لأن النمو لا يدوم إلا عندما يُبنى الابتكار على الثقة.
أداة استراتيجية
ويقول جيمس ديكسون، رئيس المنتجات الرقمية في «لاندمارك للتجزئة»: «نحن لا نتعامل مع الذكاء الاصطناعي بوصفه تقنية رائجة، وإنما بوصفه أداة استراتيجية تعزز قدرتنا على تحقيق ما يريده عملاؤنا دوماً، وهي: أسعار تنافسية، ومنتجات عالية الجودة، وخدمة استثنائية»، مضيفاً: «نحن نستخدم الذكاء الاصطناعي لحل التحديات الحقيقية بسرعة ودقة غير مسبوقة، حيث تقوم فرقنا الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي بالاستجابة لاحتياجات العملاء خلال أيام بدلاً من شهور في بعض الحالات، وهذا التحول انعكس مباشرة على رضا العملاء، حيث سجلت مؤشرات التغذية الراجعة أعلى مستوياتها على الإطلاق، ورغم المخاوف السائدة في القطاع من احتمال تقليص الذكاء الاصطناعي للوظائف فإننا نرى الأمر بشكل مختلف، لأن القيمة الحقيقية بالنسبة لنا تكمن في الفرق البشرية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي تقدم أضعاف القيمة لشركائنا وعملائنا».

وأضاف قائلاً: إننا نتوقع أن يسهم هذا النهج في تحقيق نمو إضافي يتراوح بين 15 و20 % في قطاع التجزئة، وذلك فقط من خلال تحسين تجربة التسوق، وجعلها أسرع وأكثر تخصيصاً، ونحن نستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة العملاء من دون المساس بخصوصيتهم.

وفي الوقت نفسه نعمل بشكل وثيق مع الجهات الحكومية في المنطقة لوضع معايير صارمة لحماية البيانات، مدركين أن الذكاء الاصطناعي قد يستخدم أيضاً في تطوير تهديدات سيبرانية أكثر تعقيداً، مثل الاحتيال عبر التزييف العميق وهجمات التصيد المتقدمة، لهذا نستثمر في أنظمة أمنية مدعومة بالذكاء الاصطناعي قادرة على رصد هذه التهديدات والتصدي لها في الوقت الفعلي، ونعتبر حماية كل تفاعل مع العملاء مسؤولية أساسية، وليست خياراً، لأن الحفاظ على الثقة لا يقل أهمية عن تقديم القيمة.

ويضيف جيمس ديكسون: «استثماراتنا في الذكاء الاصطناعي ليست مجرد شراء أدوات أو الاستعانة بمستشارين، بل عملية بناء تنظيمية جديدة في كل وظيفة، حيث نعيد تصميم العمليات، التي اعتمدنا عليها لأكثر من خمسين عاماً، انطلاقاً من إدراكنا أن التحول الحقيقي يبدأ من داخل المؤسسة. وبدلاً من الاعتماد على أدوات خارجية باهظة الثمن فإننا نركز على تطوير حلول عملية تستجيب لاحتياجات العملاء الفعلية».

Advertisements

قد تقرأ أيضا