ابوظبي - ياسر ابراهيم - الجمعة 17 أكتوبر 2025 08:46 صباحاً - أعلنت شركة Builder.ai، التي كانت تعد من أبرز شركات الذكاء الاصطناعي في وادي السيليكون الأوروبي، دخولها إجراءات الإفلاس في شهر مايو الماضي، بعد أن تبين أن نظامها الذكي الشهير "ناتاشا" لم يكن يعتمد على الذكاء الاصطناعي كما زُعم، بل على فريق بشري مكوّن من أكثر من 700 مهندس، معظمهم في الهند، يقومون بإتمام المهام يدويا.
تأسست Builder.ai عام 2016 على وعد بثورة في تطوير التطبيقات باستخدام الذكاء الاصطناعي، ونجحت في جذب أكثر من 450 مليون دولار من المستثمرين، بما في ذلك شركات كبرى مثل مايكروسوفت، ووصلت قيمتها السوقية إلى 1.5 مليار دولار. كانت الشركة تسوق لنظامها "ناتاشا" باعتباره شبكة عصبية قادرة على تصميم وبرمجة ونشر التطبيقات بسرعة قياسية، وهو ما جذب اهتمام وسائل الإعلام والعملاء على حد سواء، وفقا لموقع dailygalaxy.
لكن الانكشاف الأخير أظهر أن معظم مهام تطوير التطبيقات (من واجهات المستخدم إلى منطق البرمجة الخلفية وتكاملات الدفع) كانت تُنجز يدويا بواسطة الفريق الهندي، مع استخدام محدود لأدوات الذكاء الاصطناعي لأغراض إدارية داخلية فقط.
أوضح موظفون سابقون لوسائل الإعلام بشرط عدم الكشف عن هويتهم، أن ما كانت تقدمه الشركة أقرب إلى منصة Mechanical Turk للعمل الجماعي من التعلم الآلي الحقيقي. ورغم ذلك، واصلت الشركة الترويج لنفسها كشركة "AI-first"، مع مواد دعائية مليئة بمصطلحات مثل "الأتمتة" و"التعلم الآلي"، دون الإشارة الواضحة إلى حجم الاعتماد على العنصر البشري.
ويصف النقاد ما حدث بأنه شكل من أشكال "غسل الذكاء الاصطناعي"، حيث يتم المبالغة في قدرات المنتج لجذب المستثمرين ورفع قيمة الابتكار الظاهر. ويشير الخبراء إلى أن هذه الحادثة تكشف ثغرات في صناعة التقنية، حيث تتدفق رؤوس الأموال بسرعة على شركات ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي دون تحقق فني دقيق، وهو ما يتسبب أحيانا في تضخيم تقديرات السوق وخلق توقعات غير واقعية.
كما أدت أزمة Builder.ai إلى حدوث التباس حول شركات أخرى تحمل أسماء مشابهة، مثل Builder.io، وهي منصة تطوير مرئية تستخدم الذكاء الاصطناعي فعليا، ما دفع إدارتها إلى إصدار بيان لتوضيح الفرق بعد موجة من الانتقادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
تأتي هذه الأزمة في وقت تتزايد فيه الدعوات لضبط التسويق المضلل للذكاء الاصطناعي. فقد أقر الاتحاد الأوروبي قانون الذكاء الاصطناعي الذي يحظر صراحة الممارسات التسويقية الخادعة، فيما أصدرت لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية تحذيرات للشركات التي تبالغ في ادعاءات قدرات الذكاء الاصطناعي في إعلاناتها.
يبقى درس Builder.ai الأبرز أن الابتكار في الذكاء الاصطناعي لا يزال تحديا كبيرا، وأن الحدود بين الطموح والواقع يمكن أن تصبح ضبابية، خاصة حين يتحول الوعد التكنولوجي إلى وسيلة لجذب التمويل أكثر من كونه منتجا فعليا.