حال المال والاقتصاد

رغم حالة القلق.. مكاسب شهرية جماعية للأسهم العالمية

رغم حالة القلق.. مكاسب شهرية جماعية للأسهم العالمية

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 2 نوفمبر 2025 12:21 صباحاً - سجلت الأسواق العالمية مكاسب جماعية خلال شهر أكتوبر الماضي، مدفوعة بتحسن شهية المخاطرة، وتزايد الثقة في مسار التعافي الاقتصادي، رغم استمرار حالة القلق التي تسببت بها التطورات السياسية في الولايات المتحدة، وتحديات النمو في عدد من الاقتصادات الكبرى. وجاءت المكاسب مدعومة بمزيج من العوامل، شملت تراجع تكاليف الاقتراض، وتفاؤل المستثمرين بقدرة البنوك المركزية على إدارة دورة الفائدة دون إحداث ركود واسع.

ففي الولايات المتحدة، قادت مؤشرات «وول ستريت» الموجة الصاعدة، بعد أن لامست مستويات قياسية جديدة، مستفيدة من خفض الفائدة الفيدرالية، ومن نتائج فصلية قوية للشركات الكبرى. كما وجدت الأسواق الأوروبية طريقها إلى الصعود، مع تحسن المعنويات في منطقة اليورو، وعودة الثقة إلى القطاعات الصناعية، فيما خطفت طوكيو الأضواء، بتحقيق مؤشر «نيكاي» أكبر مكاسب شهرية له منذ ثلاثة عقود. بينما على الجانب الآخر، تتواصل التحديات في أسواق الطاقة، وبما دفع إلى تراجع أسعار النفط للشهر الثالث على التوالي. بينما تمكّن الذهب من تسجيل مكاسب شهرية جديدة.

مكاسب ملحوظة

واختتمت مؤشرات الأسهم الأمريكية تعاملات شهر أكتوبر على مكاسب ملحوظة، رغم حالة القلق التي أثارها استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، وما يرافقه من مخاطر على الإنفاق العام وثقة المستهلكين.

وسجل مؤشر «داو جونز» الصناعي ارتفاعاً شهرياً بنسبة 2.5 %، ليصعد من 46397.89 نقطة في نهاية سبتمبر، إلى 47562.87 نقطة بنهاية أكتوبر، مدعوماً بمكاسب في أسهم الشركات الكبرى وشركات البنية التحتية التي تستفيد من تراجع تكاليف الاقتراض، وتفاؤل الأسواق بإمكانية تحسن الطلب المحلي.

وفي السياق ذاته، ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 2.27 %، ليغلق عند 6840.20 نقطة، مقابل 6688.4 نقطة في الشهر السابق، بعد أن تلقت السوق دفعة قوية من قطاعي التكنولوجيا والطاقة. وقد جاءت نتائج عدد من الشركات الكبرى أفضل من التوقعات، ما دعم الرؤية بأن أرباح الشركات قادرة على الصمود، رغم تباطؤ النمو الاقتصادي.

أما مؤشر «ناسداك» المركب، الأكثر تأثراً بأسهم التكنولوجيا، فقد تصدر المكاسب، بارتفاع بلغت نسبته 4.7 %، ليصل إلى 23724.96 نقطة، مقارنة بـ 22660.00 نقطة في سبتمبر، بدعم من نتائج قوية للشركات الكبرى، إلى جانب استمرار موجة التفاؤل بشأن الذكاء الاصطناعي، وتوسّع الاستثمارات في هذا القطاع.

وجاءت هذه المكاسب في ظل ظروف استثنائية، تشهدها الأسواق الأمريكية، حيث يسود القلق من تداعيات الإغلاق الحكومي، الذي عطّل عدداً من المؤسسات الفيدرالية، وهدد بيانات اقتصادية مهمة، ما أثار مخاوف بشأن تقييم الأداء الحقيقي للاقتصاد الأمريكي خلال الربع الأخير من العام.

كما أن إعلان الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة مرة أخرى، متماشياً مع التوقعات، تزامن مع إعلانه رسائل مربكة للأسواق. لكن الأداء القوي للمؤشرات خلال أكتوبر، يعكس مرونة السوق الأمريكية، وقدرتها على امتصاص الصدمات السياسية والمالية.

أداء إيجابي

كما شهدت أسواق المال الأوروبية أداءً إيجابياً خلال شهر أكتوبر، فقد نجح مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي في تعزيز مكاسبه، ليرتفع من مستوى سابق بلغ 558.18 نقطة بنهاية سبتمبر، إلى 571.89 نقطة في نهاية أكتوبر، مسجلاً صعوداً بنحو 2.46 %، وهو ما يعكس عودة واضحة لشهية المخاطرة لدى المستثمرين، وازدياد الثقة في مسار التعافي الاقتصادي داخل منطقة اليورو.

أما في ألمانيا، فقد شهد مؤشر «داكس» ارتفاعاً محدوداً، إذ انتقل من مستوى 23880.72 نقطة، إلى 23958.30 نقطة، أي بزيادة طفيفة، تعادل نحو 0.32 % خلال الشهر. ورغم أن الزيادة جاءت هامشية، فإنها تُعد مؤشراً على قدرة السوق الألمانية على الصمود أمام التحديات، التي لا تزال تضغط على أكبر اقتصاد صناعي في أوروبا، خاصة تباطؤ الطلب العالمي على المنتجات الألمانية، وارتفاع تكاليف التشغيل.

وفي فرنسا، حافظ مؤشر «كاك» على أدائه، ليرتفع من 7895.94 نقطة، إلى 8121.07 نقطة، محققاً مكاسب تقدر بنحو 2.85 % خلال أكتوبر. أما السوق البريطانية، فكان لها النصيب الأكبر من الارتفاعات بين المؤشرات الأوروبية الرئيسة. فقد قفز مؤشر «فوتسي 100» من مستوى 9350.43 نقطة، إلى 9717.25 نقطة، مسجلاً نمواً قوياً، يقترب من 3.92 % خلال الشهر.

أعلى مستوى

وفي طوكيو، ارتفع مؤشر «نيكاي» الياباني إلى أعلى مستوى له على الإطلاق بنهاية الأسبوع، مسجلاً أكبر مكاسب شهرية له في ثلاثة عقود. وأنهى المؤشر تعاملات الشهر عند النقطة 52411.34، مسجلاً ارتفاعاً شهرياً بنسبة 16.6 % في أكتوبر، وهو الارتفاع الأكبر منذ يناير 1994.

تراجع واضح

وأنهت أسعار النفط شهر أكتوبر على تراجع واضح، مسجلة الخسارة الشهرية الثالثة على التوالي، في ظل ضغوط متعددة، طالت أسواق الطاقة العالمية، فقد تأثرت الأسعار سلباً بارتفاع الدولار الأمريكي، الذي جعل شراء النفط أكثر كلفة لحملة العملات الأخرى، إلى جانب صدور بيانات اقتصادية ضعيفة من الصين - أكبر مستورد للنفط في العالم - الأمر الذي أثار المخاوف بشأن تباطؤ الطلب العالمي. وفي الوقت ذاته، أسهمت زيادة الإمدادات من كبار المنتجين عالمياً، خاصة من الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط، في الحد من أي مكاسب محتملة، كان من الممكن أن تحققها الأسعار.

وبالنظر إلى خام «برنت»، فقد انخفض من مستوى 67.02 دولاراً للبرميل في نهاية سبتمبر، إلى نحو 65.07 دولاراً بنهاية أكتوبر. كذلك خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي، فقد شهد بدوره تراجعاً مشابهاً، حيث هبط من 62.37 دولاراً للبرميل، إلى 60.98 دولاراً عند ختام تعاملات أكتوبر.

صعود الذهب

أما بالنسبة للمعدن الأصفر، فقد اختتم الذهب تعاملات شهر أكتوبر على مكاسب شهرية، هي الثالثة على التوالي، رغم الضغوط التي واجهها في نهاية الشهر، جراء التذبذب في توقعات السياسة النقدية الأمريكية، بعد خطاب جيروم باول.

وتراجع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.6 % يوم الجمعة، إلى نحو 4001 دولار للأونصة، إلا أنه ظل مرتفعاً بنحو 3.7 % خلال أكتوبر، مستفيداً من موجة الإقبال على الملاذات الآمنة، في ظل الضبابية الاقتصادية العالمية. وسجّل الذهب خلال أكتوبر مستوى قياسياً عند 4381 دولاراً للأونصة، ما يعكس استمرار جاذبيته كأداة تحوط رئيسة، في مواجهة التضخم والمخاطر الجيوسياسية المتصاعدة.

Advertisements

قد تقرأ أيضا