حال المال والاقتصاد

20 مليون دولار للكيلو.. الهيليوم‑3 القمري أغلى وقود في الكون

20 مليون دولار للكيلو.. الهيليوم‑3 القمري أغلى وقود في الكون

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأربعاء 5 نوفمبر 2025 09:21 صباحاً - تخيّل وقوداً يُقدر سعره بـ 20 مليون دولار للكيلوغرام الواحد، نادر جداً على الأرض، ويُمكن أن يغيّر مستقبل الطاقة النظيفة على كوكبنا للأبد. هذا الوقود ليس خيالاً علميًا، بل حقيقة مستقبلية محتملة، إنه الهيليوم‑3 القمري، النظير النووي الذي قد يجعل القمر مصدرًا لأغلى وأهم الطاقة في الكون. الآن، تستعد شركة ناشئة أمريكية من سياتل لإطلاق أول مهمة تجارية لاستخراج هذا العنصر بحلول عام 2027، في خطوة قد تُحدث ثورة اقتصادية وعلمية على حد سواء.

الهيليوم‑3… الذهب الأزرق للقمر

سطح القمر يتعرض باستمرار لرياح الشمس، ما يجعل طبقة الغبار القمري (Regolith) غنية بكميات ضئيلة من الهيليوم‑3، نظير غير مشع يتمتع بإمكانات هائلة كوقود لمفاعلات الاندماج النووي المستقبلية.

المؤيدون يرون أن استخراج الهيليوم‑3 سيمنح البشرية مصدراً للطاقة نظيفاً، آمناً، وعملياً تقريبا بلا حدود. لكن التحدي ليس الوصول إلى القمر فقط، بل عزل الهيليوم‑3 بكفاءة من طبقة الغبار المليئة بالجزيئات الدقيقة.

وهنا يظهر دور شركة Interlune، التي تجمع بين خبرة رواد الفضاء وتصميم الروبوتات المتقدمة لتجربة هذا الإنجاز غير المسبوق.

تأسست Interlune عام 2024 على يد خبراء فضاء مثل روب مايرسون وغاري لاي، واستطاعت جذب اهتمام المستثمرين وتمويل بملايين الدولارات بفضل أفكار مبتكرة وجريئة.

مشروعها بروسبكت مون (Prospect Moon) مصمم كمستكشف روبوتي سيهبط على الجانب القريب من بحار القمر، التي تحتوي على تربة غنية بالإلمينيت، المعدن الأكثر احتمالًا لاحتواء الهيليوم‑3. ستستخدم المركبة روبوتات متقدمة لجمع الغبار، معالجته، وتحليل العينات لاستخراج الهيليوم‑3، باستخدام أربع أدوات رئيسية: نظام أخذ عينات من الغبار القمري، وحدة معالجة الهيليوم‑3، مطياف الكتلة لتحليل العينات، وكاميرا متعددة الأطياف لتصوير العينات وتحليلها، وفقا لموقع  "dailygalaxy".

يقول غاري لاي، المؤسس المشارك والمدير التقني للشركة: "معدلات الحفر العالية لاستخراج الهيليوم-3 بكميات كبيرة لم تُجرّب من قبل، وخاصة بكفاءة عالية".

أغلى وقود على الإطلاق

يُقدّر سعر الهيليوم‑3 بحوالي 20 مليون دولار للكيلوغرام الواحد — مما يجعله من أغلى المواد على الأرض من حيث القيمة النظرية.

نجاح Prospect Moon قد يفتح اقتصادا قمريا كاملاً، يشمل شركات استخراج الموارد، بناء بنية تحتية خارج الأرض، وحتى نقل الطاقة مباشرة إلى كوكبنا.

تحديات مهمة

المهمة ليست مجرد اختبار تقني، بل رحلة روبوتية عالية المخاطر. ستعمل المعدات على سطح بلا غلاف جوي، معرض للإشعاع ودرجات الحرارة القصوى، لكنها صُممت للعمل بشكل مستقل دون إشراف بشري، مع إمكانية جمع بيانات علمية مفتوحة المصدر تفيد المجتمع البحثي العالمي.

تعتمد المهمة على بيانات سابقة من مهمة Clementine في التسعينيات، التي خرّطت تركيزات ثاني أكسيد التيتانيوم، كمؤشر لمناطق الإلمينيت المحتمل فيها الهيليوم‑3. ومعالجة الغبار الدقيق يقلل استهلاك الطاقة ويزيد كفاءة الاستخراج.

القمر كمختبر للتقنيات التجارية

تأتي مهمة Prospect Moon في توقيت مناسب، مع تطور المركبات التجارية القمرية مثل تلك التي طورتها NASA ضمن برنامج CLPS. تخطط Interlune للاستفادة من هذه التطورات لتقليل التكاليف وتسريع التنفيذ.

حتى الآن، جمعت الشركة 18 مليون دولار تمويل أولي، وحصلت على منحة من وزارة الطاقة الأمريكية لدعم أبحاث الهيليوم‑3، وأجرت اختبارات أولية لأنظمة معالجة الغبار، لكن الاختبار النهائي سيكون على سطح القمر نفسه.

الهيليوم‑3 ومستقبل الطاقة

إذا نجحت Interlune، قد يصبح القمر ليس مجرد وجهة للرواد, بل مصدرا لأغلى الموارد الطاقية على الأرض. وستفتح المهمة الباب أمام جيل جديد من الشركات الفضائية التجارية، من التعدين الفضائي إلى بناء بنية تحتية كاملة خارج كوكب الأرض.

مع انتقال استكشاف الفضاء من المشاريع الحكومية إلى المشاريع التجارية، يمكن أن يتحول القمر إلى مختبر صناعي وبيئي متكامل، يختبر إمكانيات الطاقة، التكنولوجيا، والاقتصاد المستقبلي.

نجاح أو فشل Prospect Moon سيعتمد على كفاءة استخراج الهيليوم-3 وقدرة المعدات على تحمل الظروف القاسية للقمر، وربما على تحويل حلم الطاقة النظيفة إلى واقع ملموس على الأرض

Advertisements

قد تقرأ أيضا