ابوظبي - ياسر ابراهيم - السبت 27 ديسمبر 2025 04:06 مساءً - يستغرق التحول العالمي نحو المركبات عديمة الانبعاثات وقتاً أطول من المتوقع، ما يُعقّد الجهود المبذولة لخفض انبعاثات الكربون من النقل البري، وتخفيف التلوث الحضري. وتسعى صناعة السيارات إلى طرح حل مؤقت: السيارات الهجينة التي تجمع بين محرك احتراق داخلي تقليدي، وبطاريات ومحركات كهربائية.
يبدو أن هذه الفكرة قد لاقت استحسان الاتحاد الأوروبي، الذي تخلى في ديسمبر عن شبه حظر كان مُقرراً بحلول 2035، على سيارات محركات الاحتراق، ومنح السيارات الهجينة دوراً محورياً في مساعيه لتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050.
تكتسب السيارات الهجينة شعبيةً متزايدةً بين المشترين الذين يتطلعون إلى خفض انبعاثاتهم، وتقليل تكاليف تشغيل سياراتهم دون الالتزام بشراء سيارة كهربائية بالكامل، والتي غالباً ما تكون أغلى ثمناً، نظراً لكبر حجم بطاريتها. إلا أن المزايا البيئية للسيارات الهجينة لا تزال محل نقاش، بسبب تباين انبعاثاتها بين الاختبارات التي تجري في المصنع وبين الواقع العملي.
السيارة الكهربائية الهجينة، هي سيارة مُزودة بمحرك احتراق داخلي يعمل بالتزامن مع محرك كهربائي واحد أو أكثر. يُحسّن هذا الاقتران كفاءة استهلاك الوقود، والمسافة المقطوعة، والتسارع. ولأن المحرك أصغر حجماً، ويعمل بوتيرة أقل، تُنتج السيارات الهجينة انبعاثات عادم أقل من السيارات التقليدية التي تعمل بالبنزين أو الديزل.
تعود الأمثلة الأولى للسيارات ذات الطاقة المختلطة إلى أوائل القرن العشرين، لكن السيارات الهجينة لم تنتشر على نطاق واسع إلا في أواخر التسعينيات، عندما بدأت شركة «تويوتا موتور» اليابانية بيع سيارة «بريوس». وباعتبارها أول سيارة هجينة تُنتج بكميات كبيرة في العالم، ساهمت في ترسيخ فكرة القيادة الكهربائية قبل وقت طويل من انتشار شبكات الشحن.
تحتوي معظم السيارات الهجينة، بما في ذلك «بريوس»، على أنظمة نقل حركة معقدة، تمزج الطاقة من محرك الاحتراق الداخلي والمحركات الكهربائية. تُشحن بطارياتها جزئياً بواسطة المحرك، ومن الطاقة المُستَخلَصة أثناء الكبح، والتي كانت ستُفقد عند تباطؤ السيارة. تُضيف السيارات الهجينة القابلة للشحن ميزةً إضافيةً، إذ تمكّن السائقين من شحن بطارياتها من مقبس كهربائي.
تعتمد السيارات الهجينة في الغالب على محركاتها الكهربائية في الرحلات داخل المدن التي تتضمن توقفات متكررة، وتسارعاً لمسافات قصيرة، بينما تعتمد بشكل أكبر على مُحرك البنزين عند السير بسرعات عالية.
في نوع آخر من السيارات الهجينة، يُعرف باسم السيارة الكهربائية ذات المدى الممتد، يُشغّل المحرك الكهربائي العجلات، بينما يعمل محرك البنزين كمولد كهربائي فقط، للحفاظ على شحن البطارية. استُخدم هذا التصميم في الطرازات الهجينة الأولى، مثل شيفروليه فولت، منذ أكثر من عقد. وقد أعادت شركات صناعة السيارات الصينية إحياء هذا النهج وتطويره، فابتكرت سيارات ذات مدى أطول بكثير، ومولدات أعلى كفاءةً.
زيادة شعبية السيارات الهجينة
خلال مُعظم العقد الماضي، دفع النمو السريع للسيارات الكهربائية بالكامل الكثيرين في هذا القطاع إلى افتراض أن السيارات الهجينة ستلعب دوراً محدوداً في التحول نحو وسائل نقل أنظف. هيمنت شركات صناعة السيارات المتخصصة في السيارات الكهربائية، وعلى رأسها شركة «تسلا»، التي يرأسها إيلون ماسك، على المشهد، مع تسارع مبيعات السيارات الكهربائية بالكامل.
ابتداءً من عام 2023 تقريباً، كان على السيارات الكهربائية استقطاب مزيد من المُشترين المُهتمين بالتكلفة في الأسواق الغربية، للحفاظ على زخم نموها. إلا أنها أثبتت أنها باهظة الثمن بالنسبة لكثير من السائقين.
علاوةً على ذلك، يفتقر مُعظمها إلى مدى السيارات التقليدية التي تعمل بالبنزين، وهناك نقص حاد في نقاط الشحن المتاحة في معظم أنحاء العالم. كما أن بعض المشترين ترددوا في شراء السيارات الكهربائية، بسبب مخاوف من أن يكون لبطارياتها عمر افتراضي محدود.
لذا، يتجه عددٌ متزايد من السائقين إلى السيارات الهجينة، إذ يرونها وسيلةً ميسورةً التكلفة، لتحقيق خفض ملموس في الانبعاثات، دون إجبارهم على تغيير مكان أو طريقة التزود بالوقود.
وقد خففت حكومات كثيرة الحوافز واللوائح التي تهدف إلى تشجيع استخدام السيارات الكهربائية. ونتيجة لتغيرات السياسات، وانخفاض الطلب على سياراتها الكهربائية الأولى، قلّصت شركات صناعة السيارات الغربية، مثل «فورد» و«فولكس واجن»، جهودها في مجال السيارات الكهربائية، وتُركّز إنفاقها على السيارات الهجينة.
أما الشركات الآسيوية، مثل «تويوتا» و«هوندا»، التي لم تتخلَ عن السيارات الهجينة، فتجد نفسها متوافقة بشكل متزايد مع تغير توجهات المستهلكين. في أوروبا، حققت السيارات الهجينة رواجاً سريعاً في أسواق الجنوب، حيث لا تزال السيارات الكهربائية باهظة الثمن، ومحطات الشحن العامة غير منتظمة.
خير صديق للبيئة
لطالما اعتبرت السيارات الهجينة خطوة أساسية نحو الحياد الكربوني، لكن جاذبيتها البيئية تضاءلت، وسط ازدهار مبيعات السيارات الكهربائية بالكامل، مع بداية العقد الجديد. ما كان يُحتفى به كتقنية انتقالية قيمة، أصبح يُنظر إليه بشكل متزايد على أنه حلٌّ مؤقت لعلامات السيارات التقليدية غير الراغبة، أو غير القادرة على التحول الكامل إلى السيارات الكهربائية.
تعرضت شركة «تويوتا»، الرائدة في مجال هذه التقنية، لانتقادات واسعة، لتمسكها بالسيارات الهجينة، ومقاومتها للتحول إلى السيارات الكهربائية. وتزعم الشركة اليابانية أن العالم يفتقر إلى الموارد اللازمة للتحول الكامل إلى السيارات الكهربائية بالسرعة التي يأملها صناع السياسات، وأن مقاربة «متعددة المسارات»، توفر سيارات هجينة، وسيارات تعمل بخلايا وقود الهيدروجين، وسيارات كهربائية بالكامل - سيخفض الانبعاثات بشكل أسرع في الوقت الراهن.
سيارة كهربائية خارقة
إلا أن دعاة حماية المناخ يشككون في هذا الرأي، إذ يعتبرون أن السيارات الهجينة التي تعمل بالبنزين والكهرباء ليست صديقةً للبيئة، كما تدعي شركات تصنيعها، لأنه لا يتضح دائماً عدد مرات أو مدة استخدام السيارة الهجينة للكهرباء مُقارنةً بالبنزين. وتُعدّ السيارات الهجينة القابلة للشحن مصدر قلق خاص، حيث تُظهر الدراسات أن كثيراً من السائقين نادراً ما يقومون بشحنها، ما يعني أن هذه السيارات في الغالب تعمل كسيارات تقليدية، وهي تحمل بطاريات ثقيلة، ليست في حالة تشغيل.
قالت مجموعة «النقل والبيئة» المعنية بهذا الشأن، إن بيانات من آلاف السيارات أظهرت أن السيارات الهجينة القابلة للشحن تُصدر 19 % أقل من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر في المتوسط، مُقارنةً بسيارات البنزين والديزل. وفي الواقع، تُقدّر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من السيارات الهجينة القابلة للشحن بنحو خمسة أضعاف ما تُشير إليه الاختبارات الرسمية، كما تقول مجموعة «النقل والبيئة».
خفض الأسعار
أشارت «بلومبرغ إن إي إف»، إلى أن نظام اختبار انبعاثات المركبات في الاتحاد الأوروبي قيد التحديث. وقد تكون النتيجة حاسمة في تحديد عدد السيارات الهجينة التي سيُسمح لشركات تصنيع السيارات ببيعها في الاتحاد، حيث ستعتمد الحصة على متوسط انبعاثات السيارات الهجينة القابلة للشحن.
غالباً ما تكون الأسباب عملية، إذ إن من يقودون سيارات تملكها شركات في أوروبا، وهي تُشكل نسبةً كبيرةً من مالكي السيارات الهجينة القابلة للشحن، يدفع في الغالب أصحاب عملهم ثمن وقود سياراتهم، بينما يتحمل عادةً الموظف تكلفة الكهرباء اللازمة للشحن المنزلي. هذا الخلل يجعل كثيراً من السائقين بلا حافز مالي كبير للشحن.
إضافةً إلى ذلك، لا يستطيع كثير من سكان المدن شحن سياراتهم في المنزل، وقد جعلت الزيادات الكبيرة في فواتير الكهرباء المنزلية ببعض الأسواق الشحن أحياناً، أغلى من تكلفة التزود بالبنزين في محطات الوقود.
