ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 27 أكتوبر 2025 07:26 مساءً - تعيش الولايات المتحدة أزمة الإغلاق الحكومي منذ أسابيع؛ إذ يجد الموظفون الفدراليون أنفسهم في وضع ضبابي بينما يخيّم القلق على الملايين ممن يعتمدون على إعانات التأمين الصحي.
لكن خلف الكواليس، لا تقتصر المعركة على الميزانيات فحسب في ظل مساعي كل من الجمهوريين والديموقراطيين لإلقاء اللوم على الطرف الآخر أمام الرأي العام.
يصرّ الديموقراطيون على أن رسالتهم أوضح بينما يضرب الجمهوريون بسيف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكن منتقديهم يشيرون إلى أن حججهم غارقة في الجوانب الفنية. وتظهر استطلاعات الرأي أن الأميركيين يلقون باللوم على الحزبين.
وأظهرت آخر الاستطلاعات أن غالبية الأميركيين تلقي باللوم على الجمهوريين، رغم أن الأمر لا يؤثر كثيرا على ترامب نفسه. لكن سيضطّر أحد الطرفين في نهاية المطاف للتنازل في ظل تزايد المخاطر مع غياب الرواتب وازدياد أقساط التأمين.
يعد الإغلاق الحالي ثاني أطول إغلاق في التاريخ في غياب المؤشرات على أن أياً من الطرفين قد يتراجع قريباً. كما أنه أول إغلاق كبير يأتي بدفع من الديموقراطيين وهي المرة الثانية التي يتم فيها تجميد عمل الحكومة على خلفية مطالب إنفاق لا ادخار.
ويطالب الديموقراطيون بتمديد الدعم لأقساط التأمين الصحي الذي يساعد الملايين على تغطية تكاليف العلاج. وأما الجمهوريون، فيطالبون بوضع حد للإغلاق الحكومي قبل التباحث. لكن الجمهوريين يسيطرون على البيت الأبيض ومجلس النواب ومجلس الشيوخ. لذا، يقول الديموقراطيون إنه لا يمكن لخصومهم التهرّب من المسؤولية عن الإغلاق.
استراتيجية الديموقراطيين
يراهن الديموقراطيون على وضوح المعادلة؛ يتولى الجمهوريون زمام المسؤولية ويتركون الحكومة في حالة جمود بينما ترتفع تكاليف الرعاية الصحية. وتقول آشلي كيرزينغر من مجموعة "كاي إف إف" للأبحاث الصحية إن الرسالة بأن "الرعاية الصحية في خطر" تلقى صدى واسعا.
وأفادت الإذاعة الوطنية العامة (إن بي آر): "ما خلصنا إليه هو أن 78 في المئة من العامة، بمن فيهم أغلب الديموقراطيين والمستقلين والجمهوريين وأنصار (ترامب)، يعتقدون أن على الكونغرس تمديد الاعتمادات الضريبية لأقساط التأمين الصحي لما بعد 2025".
ويشعر الديموقراطيون أيضاً بالارتياح لخوض المواجهة مع الجمهوريين بشأن قضية محورية تُعد أساسية في هويتهم السياسية، بحسب استاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية ماثيو فوستر.
الجمهوريون والتفاصيل
سارع الجمهوريون، بدءاً بترامب ومروراً بنائب الرئيس جاي دي فانس وصولا إلى رئيس مجلس النواب مايك جونسون، مع حصول الإغلاق بتوجيه رسالة صريحة مفادها أن "الديموقراطيين يريدون تمويل الرعاية الصحية المجانيّة للمهاجرين بطريقة غير نظامية". لكن هذه المزاعم لم تصمد نظراً إلى أن المهاجرين الذين لا يملكون إقامات، محرومون من الميّزات التي يطالب بها الديموقراطيون، فيما كشفت الاستطلاعات فشل هذه الاستراتيجية.
بالتالي، سارع الجمهوريون للتحدّث عن التدابير الإجرائية. ويشيرون إلى أنهم قاموا بتمرير مشروع قانون تمويل موقت ويحمّلون الديموقراطيين مسؤولية المماطلة نظراً لتأثيرهم في إمكان الحصول على عتبة 60 صوتا يتطلبها تمرير القانون في مجلس الشيوخ المكوّن من مئة عضو.
ويشير معارضون إلى أن الناخبين لا يهتمون بالتفاصيل الإجرائية ولا يمكنهم فهمها. ويؤكد فوستر أن الناخبين الأكثر تأثيرا "لا يتابعون الأمور بالقدر الكافي من الانتباه ليعرفوا هذه التفاصيل الدقيقة".
وضع أفضل
يلعب الديموقراطيون ورقة العواطف؛ الرعاية الصحية والعائلات العاملة والعواقب على أرض الواقع. في المقابل، يعتمد الجمهوريون على الإجراءات وموازين السلطة.
ورغم قدرة ترامب على حشد قاعدة أنصاره إلا أن المحللين يشيرون إلى أنه يخاطر بتهميش الناخبين الذين تتمثّل أولوياتهم في الحصول على رواتبهم ووصفاتهم الطبية. ويوضح فوستر أن "الاستطلاعات تظهر أن الناس لا يلقون باللوم عليه بعد، لكن مع تغيّر حال الاقتصاد، كما هو الحال مع أمور أخرى، قد يتبدّل ذلك بشكل جذري".
وأظهر آخر استطلاع لـ"رويترز/إبسوس" أن 50 في المئة يحمّلون الجمهوريين المسؤولية، بينما يحمّل 43 في المئة الديموقراطيين المسؤولية.
وأظهر استطلاع لـ"هارت للأبحاث" أن 52 في المئة يحمّلون ترامب والجمهوريين المسؤولية بينما يلقي 41 في المئة باللوم على الديموقراطيين.
وأظهر استطلاع "إبسوس" ازدياد نسب التأييد لترامب أثناء الإغلاق من 40 إلى 42 في المئة.
أمد أبعد
يتطلع الديموقراطيون إلى ما بعد الإغلاق فيما يعد تحسين الرعاية الصحية مسألة رئيسية في انتخابات منتصف الولاية الرئاسية المرتقبة في 2026.
ومع ارتفاع الأقساط وتزايد مشاعر الامتعاض، يأملون في أن يتمكن الناخبون من إدراك أن سيطرة الجمهوريين تؤدي إلى الإغلاق.
من جانبهم، يرى الجمهوريون في الإغلاق فرصة للتأثير في طريقة الحكم واستعراض القوة.
لكن كلما طال أمد الإغلاق، بدا وكأنه رهان خطر، بحسب المحللين. وقال استاذ التواصل السياسي لدى "جامعة جورج واشنطن" بيتر لودج إن "الجانبين يحمّلان بعضهما بعضاً مسؤولية التسبب في تعطيل أميركا.. ما لم يتوخيا الحذر، فسيكون كلاهما على حق".
أخبار متعلقة :