وظائف برواتب 120 ألف دولار .. لماذا يرفضها الأمريكيون؟

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الخميس 13 نوفمبر 2025 10:06 صباحاً - في وقت يعاني فيه الاقتصاد الأمريكي من تقلبات مستمرة وارتفاع تكاليف المعيشة، يبدو أن هناك مفارقة غريبة، وهي أن آلاف الوظائف ذات الرواتب المرتفعة تصل إلى 120 ألف دولار سنويا، تبقى شاغرة رغم الحاجة الماسة إليها. هذه الوظائف تتطلب مهارات فنية وصناعية ، لكن الأمريكيين يبتعدون عنها، ما يثير تساؤلات حول التعليم، والتدريب المهني، وأولويات الشباب في سوق العمل.

Advertisements

وأطلق جيم فارلي، الرئيس التنفيذي لشركة فورد موتور، تحذيراً شديد اللهجة من أزمة متصاعدة تتمثل في النقص الحاد في العمالة الماهرة.

وكشف فارلي أن لدى فورد أكثر من 5,000 وظيفة ميكانيكية شاغرة، رغم أن بعض هذه الوظائف تقدم رواتب تصل إلى 120,000 دولار سنويا، أي ما يقارب ضعف متوسط دخل العامل الأمريكي.

وقال فارلي، في تصريحات نقلها موقع "fortune" إن الولايات المتحدة "في ورطة" بسبب ضعف الاستثمار في التعليم المهني وقلة المدارس الفنية، مؤكداً أن النظام التعليمي يركّز على الشهادات الجامعية على حساب المهن الحرفية التي يعتمد عليها الاقتصاد الفعلي.

وأضاف أن هذه الأزمة لا تقتصر على فورد فقط، بل تمتد إلى قطاع التصنيع والبنية التحتية والخدمات الفنية، مع وجود أكثر من مليون وظيفة حيوية شاغرة في مجالات مثل خدمات الطوارئ، النقل بالشاحنات، أعمال المصانع، السباكة، الكهرباء والحرف اليدوية.

وقال فارلي:"نحن في ورطة في بلادنا، ولا نتحدث عن هذا بما فيه الكفاية."

فجوة بين الوظائف والعمالة

على الرغم من تركيز الإدارة الأمريكية على إعادة التصنيع إلى البلاد، لا تزال هناك فجوة كبيرة بين عدد الوظائف الشاغرة وعدد الأشخاص المستعدين لشغلها. وفق البيانات الأولية لمكتب إحصاءات العمل، كان هناك أكثر من 400,000 وظيفة صناعية شاغرة حتى أغسطس 2025، رغم معدل بطالة 4.3%، وهو أعلى مما كان عليه في السنوات السابقة. كما أظهرت دراسة حديثة أن أكثر من نصف الشركات الصناعية ترى أن توظيف العمالة والاحتفاظ بها يمثل أكبر تحدٍ أمام نموها واستمرار عملياتها.

يؤكد فارلي أن الوظائف اليدوية والفنية مثل تلك في فورد لعبت دورا أساسيا في بناء الاقتصاد الأمريكي، مشيرا إلى أن جده، الذي عمل على طراز Model T وكان الموظف رقم 389، تمكن من بناء حياة الطبقة المتوسطة لعائلته من خلال هذا النوع من العمل.

ورغم الرواتب العالية، تبقى مشكلة نقص العمالة الماهرة مرتبطة بالجانب التعليمي والتدريبي. فمثلاً، تعلم كيفية تفكيك محرك ديزل في شاحنة Ford Super Duty يستغرق خمسة أعوام على الأقل، ويشير فارلي إلى أن النظام الحالي لا يواكب هذه المتطلبات. وقال:"لا توجد مدارس حرفية كافية. نحن لا نستثمر في تعليم الجيل القادم من الناس الذين يمكنهم بناء حياة الطبقة المتوسطة كما فعل جدي."

ويرى مراقبون أن هذه الأزمة لا تخص فورد وحدها، بل تمتد إلى قطاعات التصنيع والبنية التحتية والخدمات الفنية التي تواجه نقصا متزايدا في الفنيين والمهندسين، ما قد يؤثر على قدرة الشركات الأمريكية على التوسع والإنتاج المحلي في السنوات المقبلة.

وتشير بيانات وزارة العمل الأمريكية إلى أن الوظائف الفنية والتقنية تسجل أحد أعلى معدلات الطلب في سوق العمل، فيما لا تزال معدلات التسجيل في المدارس المهنية في انخفاض مستمر مقارنة بالتخصصات الجامعية النظرية.

ويقول خبراء الاقتصاد إن معالجة هذا الخلل تتطلب إعادة الاعتبار للتعليم المهني والتدريب العملي، إلى جانب تغيير الصورة النمطية التي تعتبر المهن اليدوية أقل مكانة من المسارات الأكاديمية، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى مهارات تقنية مباشرة لتشغيل المصانع وصيانة البنية التحتية.

أخبار متعلقة :