الدوحة - سيف الحموري - في لحظة تاريخية تعكس عمق الدبلوماسية القطرية على المستوى الإقليمي والدولي، أعلنت الدوحة، أمس الأول، عن نجاح وساطتهما في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار فوري بين الجمهورية الإسلامية الباكستانية وأفغانستان.
ولاقى هذا الإعلان ترحيبا كبيرا دوليا وعربيا وإسلاميا، ويبرز هذا الترحيب الواسع دور قطر وتركيا كقوى إقليميتين رئيسيتين في حل النزاعات، مستفيدتين من علاقاتهما التاريخية مع كلا الجانبين. فقطر، برعايتها لمؤتمرات الدوحة الدولية، أثبتت مرة أخرى كونها «دوحة الخير والسلام»، بينما أكدت تركيا، التزامها بالسلام الإسلامي.
وكان الاجتماع الذي استمر لأكثر من 13 ساعة، بمشاركة وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد عاصف ووزير الدفاع الأفغاني ملا محمد يعقوب مجاهد، خطوة حاسمة نحو تهدئة التوترات الناجمة عن اتهامات متبادلة بشأن الإرهاب عبر الحدود.
وليس هذا الاتفاق مجرد وقف مؤقت للنيران، بل هو أساس لآليات مشتركة تهدف إلى ترسيخ السلام الدائم والاستقرار بين الجارتين، مع التزام الجانبين بعقد اجتماعات متابعة في الأيام المقبلة للتحقق من التنفيذ.
وأعرب المتحدث باسم الحكومة الأفغانية، ذبيح الله مجاهد، عن «تقديرنا وامتناننا لجهود الدولتين الشقيقتين قطر وتركيا في مساعدتنا على الوصول إلى هذا الاتفاق»، مشدداً على التفاؤل بأن يكون «هذا السلام مستداماً ودائماً بإذن الله».
ومن جانبه، أكد وزير الدفاع الباكستاني عاصف في تغريدة على منصة «إكس»، التزامهم الكامل بالاتفاق، معتبراً إياه «خطوة إيجابية نحو السلام الإقليمي».
وعلى المستوى الدولي، أشادت الولايات المتحدة والأمم المتحدة بهذه الخطوة، معتبرتين إياها «نموذجا للدبلوماسية الوقائية»، مع تعهدهما بدعم الآليات اللاحقة لضمان الاستدامة، كما نقلت «نيويورك تايمز» و»سي إن إن».
كما رحبت الصين، بالاتفاق، معتبرة إياه «خطوة إيجابية نحو الاستقرار الإقليمي»، وأعربت إيران عن دعمها الكامل، مشددة على أهمية التعاون الإقليمي لمكافحة الإرهاب. وفي تصريح لـ «تريبيون إنديا»، أكدت وزارة الخارجية الصينية أن «الجهود القطرية والتركية ستساهم في تعزيز الأمن المشترك».
وعربيا أصدرت المملكة العربية السعودية بيانا رسميا من وزارة الخارجية يرحب فيه بالاتفاق، وأشاد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم محمد البديوي، بـ»جهود قطر وتركيا الرائدة في وقف إطلاق النار»، معتبرا الاتفاق «دليلا على فعالية الدبلوماسية الخليجية في حل النزاعات»، ورحبت الإمارات العربية المتحدة والأردن بالخطوة، مشددتين على أهميتها في منع التصعيد الذي قد يؤثر على الاقتصاد الإقليمي والتجارة عبر طريق الحرير الجديد.
وفي العالم الإسلامي، جاء الدعم قويا وعميقا، ويعبر عن تضامن الأمة مع أبنائها في آسيا الجنوبية. ورحبت منظمة التعاون الإسلامي بالاتفاق، واصفة إياه بـ»انتصار لقيم السلام الإسلامي»، ومن باكستان نفسها، أكد رئيس مجلس علماء باكستان، الشيخ طاهر محمود أشرفي، في تصريحات سابقة، أهمية مثل هذه الجهود في تعزيز الوحدة الإسلامية، مشددا على أن «السلام بين المسلمين واجب شرعي». كما أعربت إندونيسيا وماليزيا، كأكبر الدول الإسلامية، عن فرحتهما بالوساطة القطرية-التركية، معتبرتين إياها «جسرا للوحدة الإسلامية». وفي تغريدة على منصة «إكس»، كتب أحد المعلقين الأفغان: «شكرا لقطر وتركيا على جهودهما الصادقة في ترسيخ السلام بين إمارتنا وباكستان»، مما يعكس الشعور الشعبي الإيجابي.