الرياض - ياسر الجرجورة في الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 09:20 صباحاً - في مشهد يعد من أبرز إنجازات البنية التحتية في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، شهد منفذ الطوال–حرض الحدودي بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية تحول غير مسبوق غير معادلة السفر والتجارة بين البلدين.
افتتاح طريقة نقل جديدة بين السعودية واليمن تختصر مدة السفر لعدة دقائق فقط
فبعد أن كانت الرحلة بين الجانبين تستغرق ما يصل إلى ثلاثة أيام كاملة، أصبح بالإمكان اليوم قطع المسافة ذاتها في أقل من ثلاث ساعات فقط، وهو تقليص مذهل بنسبة 96% في زمن الرحلة.
هذا التحول لم يكن مجرد تحسين لوسائل النقل، بل ثورة حقيقية في حركة العبور البري، أسهمت في إنعاش الأسواق المحلية، وتسهيل حياة آلاف المسافرين، وتعزيز الترابط الإنساني والاجتماعي بين الشعبين.
من معاناة الماضي إلى عصر السرعة والانسيابية
لسنوات طويلة، كان السفر بين السعودية واليمن عبر المنافذ الحدودية يمثل رحلة شاقة تستهلك الوقت والجهد، حيث كان المسافرون يقضون ساعات طويلة في الانتظار بسبب الإجراءات المعقدة وضعف البنية التحتية.
ومع تصاعد الحاجة لتطوير المنافذ البرية بما يتناسب مع التوسع الاقتصادي المتسارع في المملكة، أطلقت الجهات المعنية خطة شاملة لإعادة تأهيل منفذ الطوال–حرض من جذوره.
شملت هذه الخطة تحسين مسارات النقل، وتوسيع مناطق التفتيش، وتزويد المعبر بأحدث التقنيات الأمنية والإدارية التي تسهل عملية العبور في وقت قياسي دون الإخلال بالضوابط التنظيمية.
انعكاسات اقتصادية واجتماعية واسعة
لم يقتصر تأثير هذا المشروع على تقليص زمن السفر فحسب، بل امتد ليشمل تحريك عجلة الاقتصاد في المناطق الحدودية بشكل لم يسبق له مثيل.
فقد شهدت حركة التجارة البينية نمو متسارع بفضل الانسيابية الجديدة في نقل البضائع، مما أدى إلى انتعاش الأسواق السعودية واليمنية على حد سواء.
كما أصبحت الفرصة متاحة أمام التجار لتحقيق أرباح أعلى نتيجة انخفاض تكاليف النقل وتقلص مدة الشحن، الأمر الذي يرفع القدرة التنافسية للمنتجات في الجانبين.
أما على الصعيد الإنساني، فقد ساعد هذا التطور في لم شمل مئات الأسر التي كانت تعاني من فترات انقطاع طويلة بسبب صعوبة السفر، إذ أصبح بإمكان العمالة اليمنية العاملة في السعودية زيارة عائلاتهم بشكل أكثر انتظام، ما يعزز الروابط الأسرية والاجتماعية.
استراتيجية سعودية شاملة لتطوير المنافذ البرية
يأتي هذا الإنجاز ضمن سلسلة من المشروعات الوطنية التي تهدف إلى تطوير شبكة المنافذ البرية والطرق الدولية في المملكة، بما يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030.
فقد تم تنفيذ أعمال تطوير متكاملة في عدة منافذ حدودية أخرى، إلى جانب مشاريع توسعة الطرق السريعة التي تربط المملكة بجيرانها في شبه الجزيرة العربية.
ويؤكد الخبراء أن مشروع منفذ الطوال–حرض يمثل خطوة استراتيجية لإعادة رسم خريطة النقل والتجارة في المنطقة الخليجية، خاصة وأنه يعزز التكامل الاقتصادي بين دول الخليج واليمن، ويتيح فرص جديدة للاستثمار في مجالات الخدمات اللوجستية والنقل البري.
فرص جديدة وتحديات مستقبلية
مع هذا التوسع الكبير في حركة السفر والتجارة، تبرز تحديات تتعلق بإدارة الزيادة في أعداد المسافرين وحركة الشاحنات، ما يستدعي تطوير منظومة ذكية لإدارة الحدود وتسهيل عمليات التفتيش دون الإخلال بالسلامة الأمنية.
كما يتوقع أن تشهد المناطق القريبة من المنفذ طفرة في المشاريع التجارية والخدمية لتلبية احتياجات العابرين والتجار، مما يفتح الباب أمام استثمارات ضخمة في مجالات النقل، والإسكان، والضيافة.
ثورة اقتصادية وبوابة نحو المستقبل
ما يجري اليوم على الحدود السعودية اليمنية ليس مجرد تحسين لطرق السفر، بل يمثل تحول استراتيجي يعيد رسم ملامح التواصل الإقليمي.
فقد أصبح المنفذ الجديد بوابة حقيقية نحو مستقبل أكثر ازدهار، حيث تلتقي المصلحة الاقتصادية بالتنمية الاجتماعية في مشهد واحد يعكس الرؤية الطموحة للمملكة في تعزيز التعاون الإقليمي وتحقيق التكامل الاقتصادي.
ومع هذا التطور الكبير، تبقى الفرصة مفتوحة أمام المستثمرين ورواد الأعمال للاستفادة من الزخم الاقتصادي الذي بدأ يتشكل في المنطقة، فالعالم يشهد اليوم ولادة ممر تجاري جديد قد يغير قواعد اللعبة في حركة النقل بين شمال الجزيرة وجنوبها، السؤال الآن: من سيكون في طليعة المستفيدين من هذه الثورة اللوجستية القادمة؟