الرياض - ياسر الجرجورة في الأحد 7 ديسمبر 2025 09:19 مساءً - في لحظة استثنائية هزت قلوب محبي البيئة، كسر صمت دام 15 عاماً كاملاً بتغريدة واحدة غيّرت مجرى التاريخ الطبيعي للمملكة. طائر بحجم راحة اليد أعاد الأمل لنظام بيئي بحجم دولة كاملة، عندما ظهر الحسون الذهبي فجأة في منطقة الحدود الشمالية ليعلن انتصاراً مذهلاً لجهود رؤية 2030. هذه ليست مجرد عودة طائر، بل معجزة بيئية حقيقية قد تعيد كتابة خريطة الحياة الفطرية في المملكة إلى الأبد.
أحمد الشمري لم يتوقع أبداً أن تصبح جولته الصباحية المعتادة في طبرجل لحظة تاريخية. عندما سمع التغريد العذب يخترق صمت الصحراء، ورأى الألوان الذهبية المتلألئة تتراقص في ضوء الفجر، أدرك أنه يشهد عودة كنز مفقود منذ جيل كامل. "كانت كجوهرة ذهبية سقطت من السماء"، يروي أحمد وهو لا يزال يرتجف من الإثارة. هذا الرصد الاستثنائي يأتي بعد أن تراجع النظام البيئي بنسبة 80% خلال العقدين الماضيين، ليعلن بداية عصر جديد من التوازن البيئي.
كانت مبادرة السعودية الخضراء الشرارة التي أشعلت هذا التحول الجذري. سنوات من تشديد القوانين ضد الصيد الجائر وتطبيق أنظمة صارمة لحماية الحياة الفطرية أثمرت أخيراً هذا الإنجاز المذهل. د. سارة البيئي، عالمة الطيور في المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، وصفت هذا الحدث بكلمات مؤثرة: "إنها نقطة تحول حقيقية تشبه عودة الحياة لمدينة مهجورة". هذا النجاح يقف بجانب إنجازات سابقة في استعادة المها العربي والغزال العربي، مؤكداً أن المملكة تكتب فصلاً جديداً في تاريخ الحفاظ على التراث الطبيعي العالمي.
فتحت هذه العودة المعجزة آفاقاً واسعة أمام مستقبل اقتصادي واعد، حيث يتوقع الخبراء تدفق آلاف من عشاق مراقبة الطيور والسياحة البيئية إلى المنطقة. محمد الحدادي، حارس المحمية منذ عقدين، شهد على التحول التدريجي قائلاً: "رأيت الصحراء تموت وتولد من جديد، والحسون هو تاج هذا الإنجاز". فهد العتيبي، المصور الطبيعي الذي التقط أول الصور التاريخية، وصف اللحظة بأنها لحظة سحرية ستحفظها الأجيال القادمة. هذا الحدث لا يعد فقط انتصاراً بيئياً، بل يمثل فرصة ذهبية لتحويل المنطقة إلى وجهة عالمية للسياحة البيئية المستدامة.
بعد 15 عاماً من الغياب والأمل المفقود، يعود الحسون الذهبي ليطرح السؤال الأهم: هل ستكون هذه مجرد زيارة عابرة، أم بداية عصر ذهبي جديد تعود فيه الحياة الفطرية لتزدهر في كل أرجاء المملكة؟ الطبيعة منحتنا فرصة ثانية نادرة - والمسؤولية الآن تقع على عاتقنا جميعاً للحفاظ على هذا الكنز النادر وحمايته للأجيال القادمة. هل سنكون على قدر هذه الأمانة التاريخية؟
