الرياض - ياسر الجرجورة في الاثنين 15 ديسمبر 2025 06:34 صباحاً - في تطور صادم هز حياة 13 مليون إنسان، أعلنت السعودية إلغاء نظام الإقامات الورقية نهائياً وإطلاق "هوية مقيم" الرقمية التي ستحرر 200 مليون ساعة سنوياً - ما يعادل 22,831 سنة كاملة من العمل المتواصل. ما كان يستغرق يوماً كاملاً أصبح ينجز في دقيقتين فقط - أقل من وقت غليان كوب الشاي، لكن المتأخرين في التسجيل قد يخسرون المزايا المبكرة ويضطرون لاحقاً للخضوع للتسجيل الإجباري.
الثورة الرقمية التي انطلقت عبر منصة أبشر تعني أن 80% من زيارات مراكز الجوازات ستختفي إلى الأبد، موفرة على الخزينة السعودية 3 مليارات ريال سنوياً. "هذا التحول يشبه ثورة الصرافات الآلية في التسعينات"، يؤكد الدكتور سالم الخبراني، خبير التحول الرقمي، بينما يروي أحمد المصري، المقيم المصري تجربته المذهلة: "من يوم كامل من المعاناة إلى دقيقتين على الهاتف، معجزة حقيقية لم أتخيلها يوماً". سارة العبدالله، موظفة مصرف تبلغ 32 عاماً، تتنهد بارتياح: "لن أحتاج بعد اليوم لأخذ إجازة كاملة كل سنة لتجديد إقامة العائلة".
خلف هذا الإنجاز الثوري قصة طويلة من المعاناة مع النظام الورقي المرهق، حيث كانت الطوابير اللامتناهية تلتهم أياماً كاملة من حياة الناس. رؤية السعودية 2030 كانت الدافع الأساسي لهذا التحول الجذري، مع هدف واضح لتحسين جودة الحياة وتوفير التكاليف الحكومية الباهظة. الخبراء يتوقعون أن تصبح المملكة نموذجاً عالمياً يُحتذى به، خاصة مع النجاح المبهر للتجربة الذي يضعها في مصاف الدول الرائدة تقنياً، تماماً كما حدث مع تطوير أنظمة الدفع الإلكتروني التي غيّرت وجه التجارة العالمية.
التأثير على الحياة اليومية فوري ومباشر - لا مزيد من الأيام الضائعة في الطوابير، لا مزيد من حقائب الوثائق المعقدة، لا مزيد من القلق من نسيان الأوراق. مريم، أم الثلاثة أطفال، تبتسم وهي تقول: "أخيراً سأتوقف عن سرقة الوقت من أطفالي للوقوف في طوابير مرهقة". فاطمة، العاملة المنزلية، ترى في النظام الجديد توفيراً لأربعة أيام إجازة كانت تضيع سنوياً في الإجراءات المملة. النظام الجديد يسهّل أيضاً فتح الحسابات البنكية واستئجار المساكن والتقدم للوظائف، كل ذلك مقابل استثمار بسيط يتراوح بين 500-600 ريال لمدة خمس سنوات كاملة.
هذا التحول الثوري ليس مجرد تحديث تقني، بل إعادة تعريف لمعنى الراحة والكفاءة في الخدمات الحكومية. المملكة تقود اليوم مستقبل الخدمات الرقمية عالمياً، مع توقعات بتطبيق نماذج مشابهة على جميع الخدمات الحكومية الأخرى. الفرصة الذهبية متاحة الآن عبر منصة أبشر للتسجيل والاستفادة من المزايا المبكرة، لكن السؤال الأهم يبقى: هل ستكون من الرواد الذين يحررون وقتهم الثمين اليوم، أم ستنتظر حتى يصبح الأمر إجبارياً وتخسر كل هذه المزايا إلى الأبد؟
