دبي - ورده حسن - المحتوي
في خضم سباق التكنولوجيا المحموم، حيث تتنافس الشركات على إضافة المزيد من المستشعرات والمقاييس إلى ساعاتها الذكية، ألقت جوجل بقنبلة هادئة، كاشفةً عن المشكلة الجوهرية التي عانت منها هذه الفئة من الأجهزة لسنوات: إنها تغرق المستخدمين في بحر من البيانات الصحية، دون أن تقدم لهم قارب نجاة على شكل رؤى قابلة للتنفيذ.
المشكلة ليست في قلة المعلومات، بل في فيضانها. فساعات اليوم، سواء من آبل أو سامسونج أو غيرها، هي أدوات مذهلة في جمع البيانات.
يمكنها تتبع كل شيء بدقة متناهية؛ من عدد نبضات قلبك، ومراحل نومك. ومعدل تنفسك، وصولاً إلى درجة حرارة معصمك أثناء الليل. وفقا لـ”phonearena”.
ولكن بعد جمع كل هذه الأرقام والرسوم البيانية، تترك المستخدم وحيداً أمام سؤال محوري: “وماذا بعد؟”
وهنا يأتي الدور الذي لعبته جوجل لتسليط الضوء على هذه المعضلة. فمن خلال إعلاناتها الأخيرة وتركيزها المكثف على “مدرب الصحة المعتمد على الذكاء الاصطناعي” في نظام Fitbit البيئي وساعات Pixel Watch الجديدة.
لم تقدم جوجل ميزة إضافية، بل قدمت حلاً لمشكلة تجاهلها الكثيرون. لقد أدركت الشركة أن القيمة الحقيقية ليست في جمع البيانات، بل في تفسيرها وتقديمها للمستخدم في سياق شخصي ومفهوم.
“البيانات الصامتة” في الساعات المنافسة
حتى الآن، كان نهج معظم الشركات هو عرض البيانات الخام. تفتح تطبيق الصحة الخاص بك لتجد رسوماً بيانية معقدة حول تقلب معدل ضربات قلبك (HRV) أو تفصيلاً لمقدار الوقت الذي قضيته في نوم الريم (REM). هذه معلومات قد تكون مفيدة لطبيب أو باحث، لكن بالنسبة للمستخدم العادي، هي مجرد “بيانات صامتة” تفتقر إلى المعنى.
ما فائدة أن أعرف أن معدل تنفسي كان 16 نفساً في الدقيقة الليلة الماضية؟ هل هذا جيد أم سيء؟ وهل يجب أن أفعل شيئاً حيال ذلك؟ لقد فشلت معظم الأنظمة الحالية في الإجابة على هذه الأسئلة البسيطة، مكتفية بتقديم أرقام مجردة تثير القلق أحياناً والتجاهل في أحيان أخرى.
حل جوجل من جامع بيانات إلى مستشار شخصي
يكمن نهج جوجل الجديد في تحويل الساعة الذكية من مجرد “جامع بيانات” إلى “مستشار صحي شخصي”. فبدلاً من إلقاء الأرقام على المستخدم، يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل الأنماط الصحية على المدى الطويل، وربط المتغيرات المختلفة ببعضها، وتقديم ملخصات مفهومة بلغة بسيطة.
على سبيل المثال، بدلاً من مجرد إخبارك بأنك لم تنم جيداً، قد يحلل مدرب جوجل الذكي بياناتك ويربط قلة نومك بتمرين رياضي متأخر قمت به، أو بمستوى التوتر المرتفع الذي سجله خلال اليوم، ثم يقدم لك نصيحة عملية، مثل: “لاحظنا أن جودة نومك تتأثر عندما تتمرن بعد الساعة 8 مساءً. هل نحاول تقديم موعد التمرين في المرة القادمة؟”.
بهذا التحول، فضحت جوجل بشكل غير مباشر الضعف الأساسي في استراتيجية منافسيها. لقد أوضحت أن امتلاك أفضل المستشعرات لا يكفي إذا كانت النتائج التي تقدمها غير قابلة للاستخدام. القوة الحقيقية تكمن في البرمجيات والذكاء الاصطناعي الذي يمكنه تحويل هذا الضجيج الرقمي إلى إشارة واضحة ومفيدة.
ويبدو أن جوجل تراهن على أن مستقبل الساعات الذكية لن يحدده عدد الميزات التي يمكن حشرها في جهاز صغير يلتف حول معصمك، بل بمدى قدرة هذا الجهاز على فهمك كإنسان، وتقديم إرشادات هادفة تساعدك فعلاً على عيش حياة أكثر صحة. وبهذا، تكون قد وضعت الصناعة بأكملها أمام تحدٍ جديد: لم يعد الأمر يتعلق بجمع البيانات، بل بجعلها تتكلم.
أخبار متعلقة :