الارشيف / حال الإمارات

الإمارات والكويت.. علاقات أخوية استثنائية وشراكة استراتيجية

الإمارات والكويت.. علاقات أخوية استثنائية وشراكة استراتيجية

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 23 فبراير 2025 12:19 صباحاً - ترتبط دولة العربية المتحدة ودولة الكويت بروابط متجذرة وتاريخ ومصير واحد، وتتشارك الدولتان أهدافاً وطموحات وأولويات مشتركة، وتعد العلاقات بينهما مثالاً ونموذجاً لقوة الروابط التي تجمع بين الدول والشعوب الشقيقة والصديقة، إذ يرتبط البلدان بشراكة استراتيجية تستند إلى أسس تاريخية صلبة تعززها روابط الدم والمصير المشترك، وعلاقات ثنائية استثنائية، تربط القيادتين والشعبين الشقيقين في جميع المجالات، وتزداد هذه العلاقات عمقاً ورسوخاً مع الارتقاء المستمر بالتعاون الاستراتيجي بين البلدين في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة.

علاقات راسخة

وتشكل العلاقات التاريخية العميقة، ووشائج القربى المتجذرة، ووحدة الرؤى والثوابت، ومظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أساساً متيناً لازدهار وتميز العلاقــات الراسخة التي تربط بين شعبي وقيادتي البلدين، والتي تجسدت عبر تعاون وتكامل استراتيجي في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتجاريـة والثقافيـــة والتعليمية، وغيرها من المجالات والقطاعات الحيوية. كما ترجمت العلاقات الثنائية بين البلدين نموذجاً فريداً للعلاقات العميقة بين الدول، وانعكست بتعاون استراتيجي مثمر في تلبية تطلعات وطموحات الشعبين الشقيقين، ومواصلة الإرادة السياسية الراسخة لقيادتي البلدين في تعزيز هذه العلاقات والبناء على نجاح التعاون المثمر للارتقاء إلى مستويات جديدة في التعاون الثنائي في جميع المجالات.

وثمة محطات بارزة متميزة شهدتها العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين أسهمت بصورة مباشرة في ترسيخ هذه العلاقات والمضي بها قدماً سواء على المستوى الثنائي أو من خلال مسيرة مجلس التعاون، بما يترجم تحقيق مصالح البلدين الشقيقين، حيث أرسى دعائم هذه العلاقة التي جمعت دولة الإمارات ودولة الكويت المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأخيه الشيخ جابر الأحمد الصباح في إطار العلاقة الأخوية التي ترسخت عبر عقود من الزمن، وتوطدت منذ اللقاء الذي جمع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالمغفور له الشيخ صباح السالم الصباح عام 1973.

اهتمام مشترك

وتمتاز العلاقات الإماراتية الكويتية بالمتانة والرسوخ، وعلى مدى العقود الماضية، شهدت تطوراً ملحوظاً وتعاوناً في مختلف المجالات من أبرزها: التعاون السياسي، والاقتصادي والتجاري، والتعاون العسكري والأمني، والعلاقات الثقافية والتعليمية، ما أسفر عن توقيع عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة بين البلدين. كما تشهد العلاقات السياسية بين الدولتين الشقيقتين تطوراً ملحوظاً يعكسه التنسيق المتبادل بينهما في المحافل الإقليمية والدولية تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يخدم مصلحة الجانبين، وتعزز الزيارات الرسمية المتبادلة رفيعة المستوى بين المسؤولين في البلدين الشقيقين قوة ومتانة هذه العلاقات والروابط القوية المتأصلة في وجدان قيادة وأبناء البلدين وتاريخهما المشترك المبني على الاحترام المتبادل والمصير المشترك.

وتحرص القيادتان على توسيع نطاق التعاون المشترك في ضوء ما يجمعهما من روابط تاريخية وأواصر تعاون متينة وطموحات مشتركة لمستقبل يحمل الخير والنماء للشعبين الشقيقين، وتعملان على تعزيز الروابط الأخوية وتكامل الرؤى ومواصلة تعزيزها وتنميتها لمصلحة البلدين وشعبيهما، إذ تشمل مسيرة العلاقات الثنائية بين الدولتين التعاون بينهما في المجالات كافة، لتحقيق التطور وتعزيز مسيرة التعاون والدفع بها إلى آفاق أشمل، بما يخدم الأهداف والمصالح المشتركة، وتحقيق مستويات أكثر تكاملاً لما فيه الخير والازدهار للشعبين الشقيقين.

وتتعاون الإمارات والكويت تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية برؤى متوافقة وموحدة لخدمة القضايا والملفات العربية والإقليمية والعالمية، وذلك انطلاقاً من ثوابت مشتركة تهدف إلى تدعيم أمن واستقرار المنطقة، وتعزيز الأمن والسلم العالميين، وتمثل العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين محوراً رئيسياً لتقوية دعائم مجلس التعاون الخليجي، بما يضمن تحقيق الحفاظ على استقرار شعوب دول المجلس ورفاهيتها وازدهارها، وتعد هذه العلاقات ضمانة رئيسية لوحدة وقوة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

لجنة مشتركة

وشهدت العلاقات الأخوية بين الإمارات والكويت في عام 2007 انطلاقة لمرحلة جديدة من التنمية المشتركة وفتح آفاق أوسع لتطوير التعاون الاستراتيجي بين البلدين، حيث تم خلال العام المذكور أعلاه إنشاء اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين دولة الإمارات ودولة الكويت، وشهدت الأعوام الماضية توقيع العديد من الاتفاقيات المهمة بين البلدين في المجالات الثقافية والفنية والتربوية وفي قطاعي التعليم العالي والبحث العلمي.

علاقات اقتصادية

كما تربط بين البلدين علاقات اقتصادية وتجارية متينة وشراكة راسخة، وتحرص الإمارات والكويت على أهمية التعاون الاقتصادي والتجاري المشترك وضرورة تفعيله عبر زيادة التبادل التجاري وتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية في مختلف المجالات والصناعية والتجارية والاستثمارية، وبلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية للإمارات مع الكويت خلال العام الماضي 49.7 مليار درهم، وحققت التجارة النفطية لدولة الإمارات مع الكويت نسبة نمو بلغت 8.8 % مقارنة مع عام 2023. كما تعد الكويت الشريك التجاري الــ 14 عالمياً للإمارات خلال عام 2024 والرابع عربياً، فيما تعد دولة الإمارات أهم شريك تجاري للكويت عربياً وخليجياً، وتأتي في المرتبة الأولى على الصعيدين الخليجي والعربي والثانية عالمياً، و75 % من تجارة الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2023 كانت مع دولة الإمارات.

ويبلغ حجم الاستثمار المباشر الكويتي في الإمارات بنهاية عام 2022 نحو 14.3 مليار درهم. وتأتي دولة الكويت في المرتبة الــ 9 عالمياً لأهم الدول المستثمرة في الإمارات بمساهمة 3 % من الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى الإمارات والمرتبة الـ2 عربياً. كما يبلغ حجم الاستثمار الإماراتي في الكويت 3.7 مليارات درهم.

وفي المجال السياحي، بلغ عدد السياح الكويتيين الذين أقاموا في فنادق الدولة في عام 2023 أكثر من 381 ألف سائح مقارنةً بـ 250 ألف سائح في عام 2022.

رؤية

وتتشارك دولة الإمارات ودولة الكويت رؤية مشتركة للسلام والاستقرار في المنطقة، وتلعبان دوراً بارزاً في تشجيع الحوار الدبلوماسي، حيث تدعو كل من دولة الإمارات ودولة الكويت إلى إيجاد سبل دبلوماسية لحل النزاعات الإقليمية، والحفاظ على موقف يتماشى مع القوانين الدولية، ومنع أي تصعيد إضافي في المنطقة، كما تلعب الإمارات والكويت دوراً فعالاً في دعم الحلول السلمية للصراعات الراهنة في المنطقة، بالتعاون مع المجتمعين الإقليمي والدولي.

تعاون ثقافي وتعليمي

ويترجم التعاون في مجالات الثقافة والتعليم حجم التقارب والقواسم المشتركة بين البلدين والشعبين الشقيقين، وفي إطار هذا التقارب أبرمت الإمارات والكويت العديد من الاتفاقيات الثنائية في مجال الثقافة والتربية والتعليم والفنون، بغرض تبادل الخبرات وتطوير التعاون المشترك بما يصبّ في مصلحة البلدين.

وتم التوقيع على برنامج تنفيذي للتعاون في مجال المكتبات والثقافة والفنون بين هيئة أبوظبي للثقافة والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت خلال الأعوام من 2014 إلى 2017. وفي أغسطس 2024، أعلنت وزارة التعليم العالي بدولة الكويت الشقيقة عن إضافة برنامج ماجستير في تخصص علاج وجراحة اللثة بكلية حمدان بن محمد لطب الأسنان في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية بدولة الإمارات العربية المتحدة، يأتي هذا القرار ضمن جهود الوزارة لتوفير برامج تعليمية متخصصة تلبي احتياجات الطلبة الكويتيين، مع الالتزام بالشروط والمعايير الأكاديمية المعتمدة لضمان جودة التعليم.

تعاون عسكري وأمني

وترتبط الإمارات والكويت بعلاقات عسكرية وأمنية عميقة الجذور ومتينة الأسس، وتمتد لتشمل المجالات العسكرية والأمنية، ويتجسد هذا التعاون في مختلف المبادرات والاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ومكافحة التهديدات الأمنية المشتركة، وتحقيق التعاون الاستراتيجي في مجالات متعددة، وأحد أهم مظاهر التعاون العسكري بين الدولتين، هو تبادل الزيارات والخبرات في المجال العسكري والتدريبات المشتركة بين الجيشين الإماراتي والكويتي.

البيئة

ويمتلك البلدان رؤية مشتركة تدعم الاستدامة البيئية العالمية، حيث شاركت الكويت بفعالية في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ «COP28»، وكان حضور دولة الكويت لافتاً في هذا المؤتمر الذي عقد في مدينة إكسبو دبي، من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023، حيث طرحت الكويت عدة مبادرات في مجال تطوير مشروعات منخفضة الكربون لدعم الاستدامة البيئية العالمية. ولعب الكويت دوراً مهماً في مؤتمر «COP28» عبر دعم المبادرات البيئية لحقيق أهداف وتطلعات المؤتمر، كما انضمت الكويت لتحالف القرم من أجل المناخ الذي أطلقته دولة الإمارات. وحرص الصندوق الكويتي للتنمية على تقديم عدة مشروعات في مجالات الطاقة المتجددة، والمياه، والزراعة المستدامة، ونظم محاضرات حول التغير المناخي.

مسيرة مستمرة

وتتواصل مسيرة العلاقات الإماراتية الكويتية بخطى ثابتة من خلال الحرص المتبادل على المضي بهذه العلاقات في حاضر مشرق ونحو مستقبل واعد، سواء على المستوى الثنائي من خلال اللجنة المشتركة الكويتية - الإماراتية وما تقوم به من تنسيق في المجالات المختلفة، وخاصة الاقتصاد والاستثمار والتبادل التجاري، أو من خلال البيت الخليجي الواحد ومسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بما يحقق مصالح بلدينا وشعبينا الشقيقين، ومن خلال ترسيخ الانسجام بين المواقف الإماراتية والكويتية على الصعيدَين الإقليمي والدولي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا