حال الإمارات

الإمارات تدخل عالم تصنيع الأقمار الاصطناعية محلياً عبر قدرات "أوربت ووركس" المتقدمة

الإمارات تدخل عالم تصنيع الأقمار الاصطناعية محلياً عبر قدرات "أوربت ووركس" المتقدمة

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 06:36 مساءً - افتُتِحت اليوم منشأة التصنيع المتكاملة لشركة «أوربت ووركس» في المنطقة الاقتصادية الخاصة كيزاد بأبوظبي، لتكون الأولى من نوعها في الشرق الأوسط المخصّصة للإنتاج والتجميع التجاري للأقمار الاصطناعية.

ومع هذا الافتتاح، يُباشَر بإنتاج كوكبة «الطائر»، أول كوكبة تجارية محلية على مستوى الشرق الأوسط، وأول أسطول إماراتي لمراقبة الأرض مزوّد بالذكاء الاصطناعي.

ويُعَدّ هذا الإنجاز خطوةً متقدّمة تضع دولة في طليعة صناعة الفضاء العالمية، من خلال دمج القدرات التصنيعية المتطورة، وتحقيق الوصول السيادي، وتسريع وتيرة التطوير نحو مرحلة جديدة تتحوّل فيها الدولة إلى منشئٍ ومشغّلٍ ومصدّرٍ للتقنيات الفضائية.

أشاد معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير الرياضة ورئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، بهذا الإنجاز الوطني الذي يعكس التطور النوعي لمنظومة الفضاء في دولة الإمارات، ويؤكد مكانتها على الخارطة العالمية كمركز رائد في التصنيع الفضائي. واعتبر معاليه أن افتتاح أول منشأة متكاملة في المنطقة لتصنيع وتجميع الأقمار الاصطناعية التجارية، خطوة محورية تجسد جاهزية الدولة للمنافسة العالمية، وتفتح آفاقاً جديدة للابتكار والتقنيات المتقدمة في قطاع الفضاء.

وأوضح معاليه أن المشروع يسهم في تأسيس قاعدة اقتصادية فضائية مستدامة قائمة على المعرفة والابتكار، ويعزز الدور المتنامي للقطاع الخاص الوطني في دعم مسيرة الدولة نحو قطاع فضائي متكامل، كما يوفر منصة لتعزيز البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، ويدعم تدريب الكوادر الوطنية، وتطوير الشركات الناشئة والمبتكرة في مجال الفضاء، بما يعكس رؤية دولة الإمارات الطموحة في بناء منظومة فضائية رائدة قادرة على المنافسة على المستويين الإقليمي والعالمي.

أول منشأة متكاملة في الشرق الأوسط

تعد منشأة «أوربت ووركس»، منصة متقدمة من الجيل الجديد، مصممة لتسريع تطوير ونشر تقنيات الفضاء عبر المنطقة، حيث تم تصميمها لدعم التقنيات الفضائية من أقمار مراقبة الأرض وأقمار الاتصالات إلى المركبات الفضائية المتقدمة والحِمل المتخصص.

وتضم المنشأة غرفاً نظيفة لتجميع الأقمار بالكامل، إلى جانب بنية تحتية متكاملة للاختبارات تشمل غرف التفريغ الحراري، وغرف التداخل الكهرومغناطيسي، وبيئات محاكاة المهام، مما يتيح إجراء التأهيل الكامل تحت سقف واحد.

وبعيداً عن القدرات التقنية، تعمل المنشأة كمركز ابتكار وتعاون، حيث يمكن للشركاء والعملاء العمل جنباً إلى جنب مع فرق الهندسة لاكتساب الخبرة العملية ونقل المعرفة.

يوفر هذا النموذج للإنتاج المتكامل، من التصميم ودمج الحِمل وحتى الاختبارات والاستعداد للإطلاق، تسريعاً هائلاً للعمليات التقليدية من سنوات إلى أشهر، من خلال الإنتاج المعياري والمتوازي، مما يمكّن من إنتاج أقمار مخصصة عالية الأداء مع مرونة وكفاءة تكلفة استثنائية.

وفي هذه المناسبة، قال الدكتور حمد الله محيب، الرئيس التنفيذي بالإنابة لأوربت ووركس والرئيس التنفيذي لمارلان سبيس: "إن تدشين هذه المنشأة اليوم ليس مجرد افتتاح مبنى، بل إعلان عن القدرة الوطنية، وتحوّل الإمارات من مستهلك للتقنيات الفضائية إلى منشئ ومشغل ومصدر لها.

وأضاف: هدفنا إعادة تعريف كيفية بناء الأقمار لتكون أسرع، أذكى، وبالقرب من أماكن الطلب، ويسعدنا أن نعلن أن كوكبة «الطائر» هي بداية لعصر جديد تصبح فيه الإمارات منتجاً عالمياً للبنية التحتية الفضائية، حيث صممت «أوربت ووركس» ليس فقط لخدمة كوكباتها الخاصة، بل لتكون منصة يمكن للشركات والحكومات والمؤسسات البحثية استخدام بنيتها التحتية لتحقيق أهدافهم، بما في ذلك البرامج الجاهزة، وحمل الأقمار المستضافة، والمهام المشاركة، وبناء القدرات السيادية، من أبوظبي إلى العالم.

القدرة الكاملة على التصنيع والتجميع

وتتألف كوكبة «الطائر» من عشرة أقمار اصطناعية، صممت لتقديم معلومات مراقبة الأرض شبه اللحظية عبر مجالات متعددة، وعلى عكس الأقمار التقليدية التي تلتقط الصور وترسلها إلى محطات الأرض لمعالجتها، تقوم أقمار «الطائر» تحليل البيانات في المدار وتقديم معلومات قابلة للتنفيذ خلال دقائق، كما يدمج كل قمر بين المستشعرات البصرية، وتحت الحمراء، والحرارية والراديوية مع معالجة ذكية على متنه، وعند رصد أي نشاط يعمل القمر على تسجيل الصور بالتفصيل ومعالجتها في الوقت الفعلي، لتحويل البيانات الأولية إلى معلومات فورية.

وتدعم هذه القدرات الأمن الوطني، والاستجابة للكوارث، ومراقبة المناخ، والزراعة، والعمليات البحرية، بما في ذلك كشف التجريف غير القانوني، وتقييم أضرار الكوارث، ومراقبة صحة المحاصيل لضمان الأمن الغذائي.

وعلى عكس برامج مراقبة الأرض التقليدية، توفر كوكبة "الطائر" وصولاً جاهزاً متعدد المستشعرات، مما يتيح للحكومات والمؤسسات القدرة السيادية على الأقمار خلال أشهر، دون الحاجة لعقود طويلة أو استثمارات ضخمة.

ومن المقرر أن يتم الإطلاق الأول للكوكبة في عام 2026، ومن المتوقع أن تصبح بحلول نهاية العقد أحد أكثر أساطيل مراقبة الأرض تقدماً في الشرق الأوسط.

شراكة إماراتية-دولية لتطوير البنية التحتية الفضائية

«أوربت ووركس» هي مشروع مشترك بين «مارلان سبيس» الإماراتية التابعة لشركة القابضة الدولية (IHC) و«لوفت أوربيتال» الأمريكية، الرائدة عالمياً في البنية التحتية للأقمار وعمليات المهام الفضائية.

تجمع الشراكة بين رؤية «مارلان» الإقليمية والاستراتيجية الوطنية وخبرة «لوفت أوربيتال» في منصات الأقمار المثبتة وتشغيل المهام، لتصبح أول شركة خاصة للبنية التحتية الفضائية في الشرق الأوسط.

محطة رئيسية

من جانبه أكّد بيير-داميان فوجور، الرئيس التنفيذي لشركة لوفت أوربيتال، أهمية هذه الشراكة قائلاً: «يُعد افتتاح منشأة "أوربت ووركس" محطة رئيسية في الرؤية المشتركة مع شركة "مارلان سبيس" لبناء قدرات تصنيع متقدمة في أبوظبي، بما يتماشى تماماً مع رؤية القيادة الرشيدة لتطوير منظومة الفضاء في الدولة. وقد أُنجز هذا المشروع خلال 12 شهراً فقط، ليشكل امتداداً طبيعياً لأهداف شركة "لوفت" في بناء قدرات فضائية سيادية بسرعة وكفاءة في أبوظبي».

وأضاف: «ستستفيد المنشأة من قوة الشركاء المحليين الذين نفخر بالتعاون معهم، لتكون حجر الأساس في استقطاب شركاء عالميين من مختلف أنحاء العالم لتطوير منظومة فضائية متكاملة في أبوظبي. كما تمثل كوكبة «الطائر»، التي تم بناؤها وتشغيلها بواسطة «أوربت ووركس»، أول كوكبة أقمار اصطناعية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وستُطلق جيلاً جديداً من التطبيقات حول العالم، بما يعزز المكانة العالمية المتنامية لدولة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي».

المنشأة الصناعية والبنية التحتية

تمتد المنشأة على 50 ألف قدم مربع، بما في ذلك غرفة نظيفة بمساحة 15 ألف قدم مربع وفق معايير ISO، مع بنية تحتية كاملة للتجميع والاختبارات.

وبفضل التصميم المعياري والإنتاج المتوازي، يمكن للمنشأة تصنيع حتى 50 قمراً سنوياً، أي ما يعادل قمراً واحداً أسبوعياً عند كامل الطاقة الإنتاجية، لدعم كوكبة "الطائر" والبعثات الدولية، وتأسيس قاعدة قوية للاقتصاد الفضائي التجاري في الإمارات.

وقال محمد الخضر الأحمد، الرئيس التنفيذي لمجموعة كيزاد: "يعزز بناء "أوربت ووركس" منشأتها في كيزاد مكانة أبوظبي كمركز للابتكار والتصنيع المتقدم. هذا النوع من الاستثمار يسرّع استراتيجية الإمارات الصناعية، من خلال الجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والبنية التحتية العالمية لخلق صناعات المستقبل."

من جهته قال: جاستن ليدبيتر، مدير تنفيذي في أوربت ووركس: «ما يميز هذا المشروع ليس السرعة فقط، بل الطموح. نحن نبني بنية تحتية فضائية متقدمة للتصدير من الإمارات ولخدمة الإمارات نفسها، وننشئ قنوات شراء سيادية للتقنيات الفضائية، حيث صُممت المنشأة منذ البداية لتكون منصة انطلاق لمهمات الفضاء من جميع الأنواع».

دعم الرؤية الوطنية والتحول الاقتصادي

أوربت ووركس صُممت أيضاً لتكون منصة للشركاء الإقليميين والدوليين. يمكن للحكومات والشركات والمؤسسات البحثية تصميم ونشر الأقمار باستخدام بنيتها التحتية، والاستفادة من البرامج الجاهزة، حمل الأقمار المستضافة، ومهام المشاركة، وبناء القدرات، جميعها من أبوظبي.

تمكّن أنظمة نقل البيانات اللحظية، المعالجة على متن القمر، وتصميم الحِمل المعياري من إنشاء أقمار يمكنها التفكير، الاستجابة، وتقديم معلومات استخباراتية مباشرة من المدار، مما يخدم العملاء في الاتصالات، المناخ، والقطاعات الأمنية.

حضر حفل الإطلاق نخبه من قادة القطاع ومسؤولي منظومة الفضاء والابتكار الإماراتية، بما في ذلك ممثلون عن الهيئة الإماراتية للفضاء، ومجموعة إدج، سبيس42، IHC، إلى جانب شركاء دوليين ورواد صناعة الفضاء.

ومع كوكبة "الطائر" في صميم عملياتها، تُرسّخ "أوربت ووركس" موقع الإمارات كحلقة وصل بين الشرق والغرب في سوق الأقمار الاصطناعية العالمي، مما يتيح تصميم وتجميع وإطلاق المهمات من مركز واحد مستقل.

كما تمثل المنشأة خطوة مهمة نحو انتقال الإمارات من اقتصاد قائم على الطاقة إلى اقتصاد قائم على الابتكار، من خلال توفير وظائف تقنية متقدمة، وتنمية المواهب الإماراتية، وبناء قدرات جاهزة للتصدير في تكنولوجيا الفضاء المتقدمة.

Advertisements

قد تقرأ أيضا