الارشيف / حال الإمارات

القصة الكاملة.. كيف أعادت الإمارات الحياة لتراث الموصل؟

القصة الكاملة.. كيف أعادت الإمارات الحياة لتراث الموصل؟

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الثلاثاء 2 سبتمبر 2025 08:14 مساءً - شهدت مدينة الموصل العراقية واحدة من أكثر الحقبات قسوة في تاريخها الحديث، وذلك خلال الفترة ما بين 2014 و2017 حين وقعت تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي. تلك السنوات السوداء تركت المدينة في حالة خراب واسع، حيث دُمّرت البنى التحتية وتحوّلت معالمها التراثية إلى ركام. لم تسلم الجوامع والكنائس التاريخية من المعاول، فخسرت المدينة رموزها التي شكّلت هويةً عمرها قرون.

مع تحرير الموصل في صيف 2017، برزت الحاجة إلى مشروع يعيد لهذه المدينة العريقة روحها ووجهها الحضاري. وهنا جاءت المبادرة الإماراتية التي أُعلن عنها في فبراير 2018 تحت اسم «إحياء روح الموصل»، بتمويل سخي وإشراف مباشر من منظمة اليونسكو وبالتعاون مع الاتحاد الأوروبي. المبادرة لم تقتصر على ترميم حجارة وبناء جدران، بل حملت رسالة أعمق: إعادة الاعتبار لذاكرة المكان وتاريخ المدينة العريق الذي قاوم محاولات الطمس والتشويه.

في المرحلة الأولى من المشروع، وُجهت الجهود نحو جامع النوري الكبير، وهو أحد أبرز المعالم الدينية والتاريخية في الموصل، والذي ارتبط اسمه بالمئذنة الحدباء الشهيرة. هذه المئذنة التي شُيّدت قبل أكثر من 840 عامًا كانت رمزًا للمدينة وملهمة لأجيال من أهلها. بارتفاعها الذي يبلغ 45 مترًا، مثّلت الحدباء علامة فارقة في قلب الموصل القديمة، ورغم تدميرها على يد داعش، فقد أعيد بناؤها بدقة وعناية تعيد إليها مكانتها كرمز تاريخي.

إحياء الكنائس العريقة

شملت المبادرة إعادة إعمار أبرز الكنائس التاريخية في الموصل. ففي المرحلة الثانية من المشروع، شُرع في إعادة بناء كنيسة الساعة وكنيسة الطاهرة، وهما من أهم الرموز الروحية والثقافية في المدينة. بذلك، حمل المشروع رسالة تسامح وتعايش، وأن الموصل كانت وستبقى مدينة التعايش بين الثقافات والأديان.

التزام ثقافي وإنساني

بلغت قيمة التمويل الإماراتي للمبادرة 50.4 مليون دولار، وهو استثمار يتجاوز البعد المادي ليجسد التزامًا إنسانيًا وثقافيًا من دولة تجاه العراق وشعبه. الهدف لم يكن مجرد إعادة بناء الحجارة، بل ترميم النسيج العمراني والاجتماعي للمدينة وإحياء روحها الحضارية التي شكّلت عبر التاريخ صلة وصل بين الشرق والغرب.

اكتمل المشروع بحضور رسمي وشعبي واسع، أمس، حيث اعتبر العراقيون هذه المبادرة بمثابة إعادة إحياء لذاكرة مدينتهم العريقة ورسالة تضامن من الأشقاء في الإمارات. كما حظي المشروع بإشادة دولية واسعة، باعتباره نموذجًا يحتذى في مجال حماية التراث الثقافي وإعادة إعمار المدن التي دمّرتها الحروب.

Advertisements

قد تقرأ أيضا