 
                        
ابوظبي - ياسر ابراهيم - الجمعة 31 أكتوبر 2025 09:06 صباحاً - الوقف وسيلة لإحداث التحول الإيجابي في حياة الشعوب
---------------
دبي نموذج للمدن التي تجمع بين التنمية الاقتصادية والإنسانية
دبي - وائل نعيم
يشكل العمل الإنساني أحد المرتكزات الأساسية في نهج صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حيث أعاد سموه صياغة مفهوم هذا العمل ليصبح أكثر استدامة وتأثيراً عبر تحويله إلى وقف مؤسسي تنموي يضمن ديمومة العطاء، ويؤسس لمصادر دخل ثابتة لدعم التعليم والصحة ومبادرات التنمية حول العالم.
ويترجم هذا التوجه بوضوح إطلاق سموه مشروعاً وقفياً بتكلفة تصل لــ4.7 مليارات درهم تذهب عوائده لدعم مشاريع الصحة والتعليم حول العالم، وذلك ضمن مبادرات محمد بن راشد الإنسانية العالمية، من خلال رؤية استراتيجية لبناء مستقبل مستدام للإنسانية.
بهذه الرؤية المتفردة، يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن الخير يمكن أن يكون مشروعاً حضارياً متكاملاً، وأن الوقف ليس صدقة جارية فقط، بل هو استثمار في بناء الإنسان، وتحقيق التنمية، وصناعة المستقبل، وهو ما تجسده بصمة دولة الإمارات الراسخة في سجل العطاء الإنساني العالمي، التي تعكس حقيقة مفادها أن العطاء حين يقوده الإيمان والابتكار، يصبح رسالة خالدة تتجاوز الأجيال وتعبر الحدود.
بعد إنساني
ويعد العمل الإنساني بالنسبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ليس مجرد نشاط خيري، بل فكر تنموي ونهج حضاري ينبع من قيم الإسلام والإنسانية، فسموه حرص دائماً على أن تكون مبادراته الوقفية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالاحتياجات الأساسية للمجتمعات، والتي يأتي في مقدمتها التعليم والصحة، نظراً للتأثر الكبير والمباشر للقطاعين في بناء الإنسان وتمكينه من قيادة مجتمعه نحو التقدم، كما ينطلق هذا المشروع من رؤية استراتيجية عميقة لسموه التي ترى في الوقف وسيلة لإحداث التحول الإيجابي في حياة الشعوب، وضمان استمرارية العطاء بما يتجاوز حدود الزمان والمكان، انطلاقاً من مبدأ أن العطاء الحقيقي يستمر أثره، ويُسهم في بناء الإنسان وتنمية قدراته وتحسين جودة حياته.
وتضمّن المشروع الوقفي الجديد مستشفى بطاقة استيعابية تصل إلى 90 ألف مراجع سنوياً، إضافة إلى جامعة طبية ومدارس تستوعب أكثر من 5000 طالب، إلى جانب مباني سكنية تضم 2000 وحدة، وبوليفارد ومحال تجارية وقفية تدر دخلاً ثابتاً يضمن استدامة التمويل لهذه المشاريع، وهذا بدوره يشير إلى أن هذه البنية الوقفية المتكاملة تمثل نموذجاً يحتذى به في الجمع بين الاستثمار الاقتصادي والعمل الخيري، بما يجعل الوقف مؤسسة قائمة على التخطيط المالي والإدارة الحديثة، وليست مجرد تبرع مؤقت أو عمل عاطفي.
أثر كبير
المشاريع التي يطلقها سموه في شتى المجالات، وخاصة في قطاعي التعليم والصحة تحقق أثراً كبيراً يعود بالفائدة على العديد من الناس، فالتعليم والصحة ركيزتان أساسيتان لأي نهضة بشرية أو اقتصادية، ولهذا اختار سموه أن تكون عوائد الوقف مخصصة لهذين المجالين تحديداً، ففي التعليم سيسهم المشروع في توفير فرص تعليمية متكافئة للطلاب في مختلف أنحاء العالم، من خلال تمويل الجامعات والمدارس والبرامج التعليمية، وتمكين الأجيال القادمة من امتلاك المعرفة والمهارات التي تؤهلهم لبناء مستقبلهم.
كما أنه يعزز الدور الثقافي لدولة الإمارات في نشر العلم والمعرفة بوصفهما سبيلين لتحقيق التنمية، وفي مجال الصحة، سيسهم المستشفى المرافق للمشروع في تقديم خدمات طبية متقدمة على المستويين المحلي والعالمي، مما يرسخ مكانة دبي كمركز طبي وإنساني إقليمي.
كما أن تخصيص عوائد الوقف لدعم مبادرات الرعاية الصحية في الدول المحتاجة يمثل امتداداً للرسالة الإنسانية التي حملتها الإمارات على مدى العقود الماضية، حيث كانت دائماً في مقدمة الدول الداعمة للجهود الطبية والإغاثية عالمياً.
الاستثمار في الإنسان
فعبر هذا التكامل بين التعليم والصحة، يرسّخ المشروع فلسفة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم التي ترى أن الإنسان المتعلم السليم هو أساس التنمية والاستقرار، وأن الاستثمار في الإنسان هو الطريق الأسرع والأكثر استدامة لصناعة التقدم.
ولقد تجاوزت بصمة سموه في تعزيز العمل الإنساني العالمي حدود الإمارات لتصل إلى عشرات الدول، حاملة معها رسالة الإمارات في نشر الخير والعطاء. فمؤسسة «مبادرات محمد بن راشد العالمية» تعتبر اليوم أكبر منظومة إنسانية في المنطقة، تضم تحت مظلتها أكثر من 35 مبادرة ومؤسسة تعمل في مجالات الإغاثة والتعليم والصحة وتمكين المجتمعات، وسيضيف المشروع الوقفي الجديد بعداً نوعياً لهذه المنظومة من خلال إرساء مفهوم الاستدامة المالية للمشاريع الإنسانية.
ووضع سموه بصمة فريدة في تاريخ الوقف والعمل الإنساني العالمي، من خلال نقل الوقف من الإطار المحلي إلى البعد الدولي، وجعل دبي نموذجاً للمدن التي تجمع بين التنمية الاقتصادية والإنسانية في آن واحد، كما أن توجه سموه نحو توسيع قاعدة المساهمين في الخير، عبر تحفيز القطاع الخاص ليكون شريكاً فاعلاً في تحقيق التنمية الإنسانية، يعكس إيمان سموه في تحويل العمل الخيري إلى ثقافة مجتمعية واقتصاد تشاركي يُسهم فيه الجميع.
وجعلت رؤية القيادة الرشيدة من الإمارات دولة تصنع الأمل وتبني المستقبل، وباتت مبادراتها مرادفاً للخير والابتكار الإنساني، إذ اختارت الإمارات طريق العطاء والتأثير الإنساني لبناء صورتها ومكانتها العالمية.





