ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأربعاء 5 نوفمبر 2025 06:21 مساءً - أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، أن موقف دولة الإمارات تجاه الأزمة في السودان يقوم على رؤية متكاملة ذات أبعاد إنسانية وسياسية واضحة، مشدداً على ضرورة منع عودة "دكتاتورية الماضي" وإتاحة المجال أمام انتقالٍ مدنيٍّ حقيقي يعبّر عن إرادة الشعب السوداني.
وأوضح معاليه أن الإمارات تشعر بقلقٍ بالغ حيال الوضع الإنساني المتدهور في السودان، حيث يحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى مساعداتٍ عاجلة تشمل الغذاء والرعاية الصحية والإيواء. وأكد أن دولة الإمارات، التي تُعدّ من أكبر المانحين للسودان، تواجه تحدياتٍ في إيصال المساعدات بسبب القيود على الوصول، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك السريع لتسهيل وصول الإغاثة إلى المدنيين.
وأدان قرقاش جميع الفظائع والانتهاكات التي ترتكب في إطار الحرب الأهلية، مؤكداً ضرورة التحقيق الشامل في الادعاءات المتعلقة باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين ومحاسبة المسؤولين عنها. وأضاف أن الدعوة إلى وقفٍ إنسانيٍّ لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقتٍ مضى، مشيراً إلى أن تحقيق هدنةٍ حقيقية هو المدخل الأساسي لمعالجة الأزمة الإنسانية.
وعلى الصعيد السياسي، شدّد معاليه على أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يمثلان طرفين رئيسيين في الحرب الأهلية الدائرة، إلى جانب نحو 30 ميليشيا أخرى، مؤكداً أن قلق الإمارات ينصبّ على وحدة السودان وسلامة مؤسساته.
وأشار إلى أن الوثيقة التي تم التوصل إليها ضمن اجتماعات "الرباعية" في سبتمبر الماضي، والتي تضم دولة الإمارات والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، تمثّل اليوم خارطة طريق واقعية للحل السياسي.
وأوضح قرقاش أن بيان "الرباعية" يدعو إلى وقفٍ إنسانيٍّ لإطلاق النار، وحوارٍ مباشر بين الطرفين، يفضي إلى انتقالٍ مدنيٍّ خلال تسعة أشهر، متسائلاً: "لماذا قد يعارض أي طرف وقفاً فورياً لإطلاق النار في ظل هذه الظروف المأساوية؟".
وأضاف معاليه أن الحرب الحالية قائمة على ما يمكن وصفه بـ"توازن الضعف"، إذ لا يمتلك أيٌّ من الطرفين القدرة على الحسم العسكري، ما يجعل استمرار القتال عبثاً لا طائل منه سوى إطالة معاناة الشعب السوداني. مؤكداً أن العودة إلى الحكم المدني هي الخيار الوحيد الذي ينسجم مع تطلعات الشعب السوداني بعد ثورته عام 2019، وأن ما يحتاج إليه السودان اليوم هو الاستقرار لا إعادة إنتاج الدكتاتوريات بأشكال جديدة.
واختتم معالي الدكتور أنور قرقاش بالتأكيد على أن موقف دولة الإمارات ثابت وواضح؛ لا بديل عن وقفٍ فوريٍ لإطلاق النار، وعودة إلى طاولة المفاوضات، وبدء عملية انتقالٍ مدنيٍ شاملة، داعياً المجتمع الدولي إلى دعم هذا التوافق وحمايته لضمان مستقبلٍ آمنٍ ومستقرٍ للسودان وشعبه.
