ابوظبي - ياسر ابراهيم - الخميس 6 نوفمبر 2025 11:51 مساءً - أكدت جلسة ضمن الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2025، أن ملف إسكان المواطنين يتصدر الأولويات الوطنية لدولة الإمارات، حيث يحظى هذا الملف بدعم ومتابعة القيادة الرشيدة، وذلك ضمن رؤية استراتيجية تحرص على تعزيز منظومة الاستقرار الأسري، ورفع مستوى المعيشة والحياة الكريمة للمواطنين.
وشارك في الجلسة التي جاءت بعنوان «ما هو مستقبل الإسكان في دولة الإمارات؟»، كل من معالي سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية، ومحمد علي الشرفاء، رئيس دائرة البلديات والنقل، رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للإسكان، وعمر بوشهاب، رئيس مجلس إدارة مؤسسة محمد بن راشد للإسكان ومدير عام دائرة الأراضي والأملاك في دبي، والمهندس خالد بن بطي المهيري، رئيس دائرة الإسكان بإمارة الشارقة.
وكشفت الجلسة عن أن قطاع إسكان المواطنين شهد خلال السنوات الماضية إنجازات استثنائية، تُوّجت خلال عام 2025 «عام المجتمع»، بمشاريع نوعية استهدفت تعزيز بناء واستقرار الأسرة الإماراتية وترسيخ التماسك المجتمعي.
وناقش المتحدثون الخطط والرؤى المستقبلية في هذا الملف الحيوي، إضافة إلى أبرز التحديات الراهنة والمستقبلية والحلول المبتكرة لمواصلة تعزيز استدامة التخطيط العمراني والحفاظ على الزخم المتواصل في تلبية تطلعات المواطنين، لا سيما الشباب الإماراتي، كما قدم المشاركون رؤى متكاملة حول مستقبل الإسكان في الدولة، مؤكدين أن المرحلة المقبلة ستشهد نقلة نوعية في السياسات الإسكانية، مدعومة بالتقنيات الحديثة والشراكات الاستراتيجية.
قفزات استثنائية
استهل معالي سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية، حديثه بالإشارة إلى القفزات التي حققتها الإمارات في ملف الإسكان، حيث قدمت الدولة للمواطنين 221 ألف مساعدة سكنية حتى اليوم، بقيمة 236 مليار درهم، بما يعكس التزام القيادة بتعزيز الاستقرار الأسري والاجتماعي وتعزيز جودة الحياة.
وقال معاليه إن 91 % من المواطنين يمتلكون مساكن في دولة الإمارات، وهي من أعلى النسب عالمياً، ما يعكس نجاح السياسات الإسكانية الوطنية في تحقيق الاستقرار السكني، مشيراً إلى أن «خدمة الذكاء الاصطناعي للإسكان» التي ستتيح قريباً دراسة الطلبات وإصدار الموافقات الفورية، بما يمكّن المواطنين من التخطيط المسبق لبناء مساكنهم وترتيب أوضاعهم الائتمانية.
وكشف معاليه أن النمو السكاني المتسارع سيؤدي إلى ارتفاع الاحتياجات إلى 100 ألف مسكن بحلول عام 2030، ويتضاعف ليصل إلى 541 ألف مسكن بحلول مئوية الإمارات 2071، وهو ما يتطلب تطوير مدن جديدة برؤية شمولية وتخطيط حضري مرن يستوعب النمو السكاني، خصوصاً في ظل محدودية مخزون الأراضي السكنية الحالية، كما يتطلب تحول أنماط الحياة والأسر الإماراتية من الممتدة إلى الأسر الصغيرة، تغيير ثقافة السكن نحو الوحدات الرأسية والمدن الذكية المستدامة التي تراعي متطلبات الأجيال القادمة.
وأكد معاليه أن برنامج زايد للإسكان يطبق حلولاً مستدامة لمختلف التحديات، حيث تم إنجاز أكثر من 95 % من الطلبات المتراكمة في البرنامج بفضل الشراكات بين القطاع الحكومي والمصرفي، كما يجري التنسيق على مستوى اتحادي لإنشاء مرصد وطني متكامل للبيانات الإسكانية يربط بين الجهات الحكومية الحيوية ويضم بيانات حضرية وسكانية وائتمانية لتسريع اتخاذ القرار، إضافة إلى التوجه نحو مخططات شمولية مرنة بين إمارات الدولة كافة يهدف إلى تحقيق التوازن في توزيع المشاريع وتلبية الاحتياجات السكنية المستقبلية وفق دراسات استشرافية دقيقة.
وأشار معاليه إلى عدد من الحلول المطروحة لمعالجة التحديات الناشئة وتشمل: تطوير الشراكات مع القطاع العقاري والتطوير الخاص والذي يمثل ركيزة رئيسية في المرحلة المقبلة لضمان تنويع الحلول وتوسيع نطاق المشاريع السكنية المبتكرة، إضافة إلى التحول نحو البناء الرأسي والمجمعات المتكاملة لتقليل استهلاك الأراضي، وتوفير وحدات عصرية تناسب تطور نمط الأسرة الإماراتية، وتحديث تقنيات البناء وتسريع الإنجاز مع الحفاظ على جودة عالية وتقليل الانبعاثات وهو يمثل أحد المحاور الرئيسة لتعزيز الاستدامة وكفاءة المشاريع.
كما كشف معاليه عن التوجه نحو مدن سكنية ذكية ومستدامة تتكامل فيها الخدمات الرقمية والمرافق العامة لتوفير تجربة سكنية متكاملة وجودة حياة مرتفعة للمواطنين، وتطوير نظم تمويل مبتكرة بالتعاون مع القطاع المالي والمصرفي لدعم فئات جديدة من المواطنين وتسهيل إجراءات الحصول على المساعدات السكنية.
تخطيط عمراني
من جانبه، قال محمد علي الشرفاء، رئيس دائرة البلديات والنقل، رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للإسكان: إنّ التزامنا بتوجيهات قيادتنا الرشيدة، التي تضع الإنسان في قلب رؤيتها، هو ما يدفعنا اليوم إلى المضي بثبات في تعزيز مسيرة التنمية والبناء، حيث يأتي قطاع الإسكان الحكومي في صميم أجندتنا الوطنية، بوصفه ركيزة أساسية لاستقرار الأسرة والمجتمع، وضمانة لحياة كريمة لكل مواطن. ومن هذا المنطلق، تواصل هيئة أبوظبي للإسكان تطوير منظومة إسكانية عصرية ومستدامة، تراعي تطلعات المواطنين، وتواكب التحول الرقمي، وتعزز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
منظومة موحدة
من جهته، أكد عمر بوشهاب، رئيس مجلس إدارة مؤسسة محمد بن راشد للإسكان ومدير عام دائرة الأراضي والأملاك في دبي، أن قطاع الإسكان في الدولة يشهد مرحلة جديدة من التطور تقوم على التكامل بين الجهات الاتحادية والمحلية، ضمن منظومة وطنية موحدة تهدف إلى تطوير سياسات وبرامج إسكانية أكثر شمولية ومرونة واستدامة، تلبي احتياجات المواطنين بمختلف فئاتهم وتواكب النمو السكاني والتطور الحضري المتسارع في جميع إمارات الدولة.
وأضاف أن الرؤية المستقبلية للإسكان في الدولة ستركّز على توظيف التكنولوجيا والبيانات في التخطيط السكني، وتبنّي نماذج ذكية ومستدامة في التصميم والبناء تعتمد على الطاقة النظيفة وتقنيات البناء الحديثة، بما يسهم في رفع كفاءة المشاريع وتقليل كلفتها وتعزيز استدامتها البيئية.
وأشار إلى أن التكامل المؤسسي والتنسيق بين الجهات المعنية بالإسكان يشكلان ركيزة أساسية في تحقيق رؤية الدولة لمستقبل الإسكان، مؤكداً أهمية الشراكة الفاعلة مع القطاع الخاص في تطوير حلول إسكانية مبتكرة، وتوفير مجتمعات سكنية ذكية تُراعي احتياجات الأسر الإماراتية وتدعم الترابط المجتمعي.
نموذج متميز
وسلط المهندس خالد بن بطي المهيري، رئيس دائرة الإسكان بإمارة الشارقة، الضوء على رؤية الدائرة في تطوير منظومة الإسكان الحكومي وتعزيز جودة الحياة للمواطنين، بما ينسجم مع رؤية «نحن الإمارات 2031» التي تضع الأسرة والمجتمع وجودة الحياة في صميم توجهاتها.
وأكد أن هذا الملف الحيوي يشهد مزيداً من تعزيز التكامل الوطني، من خلال تطوير حلول عملية تجمع بين التمويل والتخطيط والتنمية والتقنية، مما يرسخ نموذجاً إماراتياً متميزاً لإسكان المواطنين يعزز جودة الحياة من مختلف جوانبها.
