المرأة الإماراتية.. نصف المجتمع وشريكة التقدم

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الثلاثاء 2 ديسمبر 2025 12:21 صباحاً - تسير المرأة الإماراتية بثبات، في ظل اتحاد دولة آمنت بشعبها، وجعلت المرأة منارة تضيء استراتيجياتها، وتنسج دبلوماسيتها الناعمة في المحافل قاطبة، لتؤكد على دولة راهنت على شعبها.

Advertisements

وجعلت المرأة ركيزة للتغيير والبناء، حيث أصبح حضورها في المعرفة والعمل والقيادة، جزءاً من صورة الدولة نفسها، لا استثناءً طارئاً ولا مكسباً وليد اللحظة.

ومنذ تأسيس ، ارتبط بناء الإنسان ببناء المجتمع، وقام على قاعدة ترى الكفاءة قبل النوع، وتعتبر التعليم والعمل مسارين متاحين لإعمار الوطن والعقول، ومع الزمن، لم تُعامل مشاركة المرأة كتحوّل اجتماعي يراقب من بعيد، بل كمسار وطني يبدأ من الأسرة، ويمتد إلى المدرسة والجامعة، ثم يستقر في المؤسسات ومواقع التأثير.

وجاء هذا النهج مصحوباً برؤية عملت على ترسيخه مؤسسياً، تقودها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات».

فقد نقلت سموها مفهوم تمكين المرأة من دائرة الدعم الرمزي، إلى إطار بنيوي يقوم على إعدادها معرفياً ومهنياً، ويوازن بين دورها في الأسرة ودورها في التنمية، فباتت المرأة الإماراتية تقود أدواراً قيادية، برؤية واضحة، وطريق ممهد بالطموح الوطني.

ومنذ السنوات الأولى لقيام الاتحاد، اتجهت الأسر الإماراتية إلى تعليم الفتيات، بوصفه مسؤولية أخلاقية واجتماعية، قبل أن يتحول تدريجياً إلى توجه وطني واسع، تدعمه الدولة عبر البعثات الخارجية، وتوسّع التخصصات العلمية في الجامعات، ومع تطور المناهج.

وارتفاع جودة العملية التعليمية في الدولة، لم تعد التخصصات العلمية مساراً محدوداً أو نخبوياً، بل أصبحت خياراً طبيعياً، يتماشى مع التحول الوطني، من اقتصاد يرتكز على التجارة التقليدية، إلى اقتصاد يقوم على التكنولوجيا والمعرفة والابتكار.

ولم يغير هذا الانتقال وجهة التعليم فقط، بل نقل المرأة الإماراتية إلى مجالات علمية وتقنية نادرة، لتصبح العلوم التطبيقية والهندسة والتقنيات الحديثة، جزءاً من مساراتهن الأكاديمية الأساسية.

واليوم، تمثل الإناث ما يقارب 70 % من خريجي التعليم العالي داخل الدولة، مع صعود لافت في مجالات ترتبط بقطاعات المستقبل، مثل الهندسة النووية، وهندسة الطيران، والذكاء الاصطناعي، وعلم البيانات، والهندسة الطبية الحيوية، والطاقات المتجددة.

كما برزت الإماراتيات في تخصصات لم يكن حضور المرأة فيها مألوفاً على مستوى المنطقة، من بينها هندسة المياه، والروبوتات الطبية، والبرمجيات الهندسية، وتحليل النظم.

ومع هذا التحول، أصبح التعليم للمرأة الإماراتية استثماراً وطنياً في بناء كفاءات قادرة على قيادة التحولات المقبلة، وتطوير الصناعات الجديدة، والمشاركة في صياغة اقتصاد يعتمد على الخبرة العلمية.

قيادة ذكية

وحين دخلت المرأة الإماراتية سوق العمل، لم يكن ذلك تحولاً منفصلاً عن دورها في الأسرة، بل امتداداً لمسؤولية اجتماعية أوسع، تقوم على المشاركة في الاستقرار والارتقاء بجودة الحياة، لذلك لم يظهر العمل بوصفه خياراً فردياً أو سعياً وراء وظيفة بحد ذاتها، بل مساهمة في تعزيز قوة المجتمع وتلبية احتياجاته.

وفي هذا الإطار، باتت النساء يشكلن نسبة تزيد على 34 % من القوى العاملة داخل الدولة، ضمن قطاعات ترتبط مباشرة بحياة الناس، مثل الصحة، التعليم، الإدارة، والخدمات الاجتماعية، إلى جانب حضور بارز في المصارف وإدارة الموارد والمحاسبة.

وفي القطاع الصحي، لم يعد الدور النسائي محصوراً في التمريض أو الرعاية المباشرة، بل امتد إلى ميادين تشكل عمق الأمن الصحي للدولة، من بينها مكافحة الأمراض الوراثية، والتحليل الجيني، والفحوص المخبرية الدقيقة.

والبحث الدوائي، أما في قطاع التعليم، فقد انتقلت المشاركة من حدود التدريس إلى صناعة التجربة التعليمية نفسها، عبر تطوير المناهج الرقمية، وتصميم المحتوى التربوي، والإشراف على تدريب الكوادر، ما يعكس انتقال التعليم من تلقين المعرفة إلى إنتاجها.

وينعكس هذا الحضور أيضاً في الخدمات الحكومية الذكية، حيث أصبحت الإماراتيات جزءاً من إدارة المنصات الرقمية التي تقدم الخدمات للمجتمع، ويشرفن على تطوير الأنظمة الإلكترونية التي تسهّل الإجراءات.

وتدعم جودة الحياة اليومية، وبذلك لم يعد حضور المرأة في مؤسسات الدولة مقصوراً على المهام الإدارية التقليدية، بل بات مرتبطاً بإدارة البنية الرقمية، التي يقوم عليها نمط الحياة الحديثة في الإمارات.

صناعة للسياسات

ولا يُقاس حضور المرأة في دولة الإمارات، بعدد الوظائف التي تشغلها، بل بطبيعة الأدوار التي تتولاها، فاليوم تتقدم الإماراتيات في مواقع القرار داخل الوزارات والهيئات الحكومية، حيث تتولى أكثر من 30 % منهن مناصب قيادية عليا، تُعنى بصياغة الخطط والسياسات في مجالات التعليم، والأسرة، والتنمية المجتمعية، والإعلام، والاقتصاد، وهذا الحضور لا يأتي بصفة تمثيلية، بل نتيجة مسار طويل من التأهيل والمعرفة التي تراكمت عبر العقود.

كما تشكّل النساء ثلثي الكوادر الحكومية، مع مشاركة واسعة في اللجان الاستشارية والمجالس التنظيمية والرقابية، التي تحدد معايير العمل المؤسسي وتوجهاته، وهذا الدور يجعل المرأة جزءاً من إدارة التحولات الاجتماعية.

ويتسع هذا الحضور إلى العمل التشريعي والرقابي داخل المجلس الوطني الاتحادي، وإلى السلك الدبلوماسي، حيث تمثل الإمارات في المحافل الدولية، وتشارك في صياغة سياساتها الخارجية، وهكذا تأتي مشاركة المرأة في صنع القرار، بوصفها حاجة وطنية تستند إلى خبرة تعليمية ومهنية، وليست منحة اجتماعية أو استثناءً مرحلياً.

كفاءة

وفي القطاع الخاص، الذي يعد ميداناً يعتمد على التنافسية وكفاءة الأداء، تبرز تجربة المرأة الإماراتية بصورة أوضح، ففي عام 2025، وصلت نسبة الإماراتيات العاملات في هذا القطاع إلى أكثر من 70 % من المواطنين العاملين فيه، ما يعكس انتقالاً حقيقياً من الوظائف الحكومية إلى السوق الاقتصادية.

ولا ينحصر هذا الحضور في الوظائف، بل يمتد إلى الملكية والإدارة، عبر ريادة الأعمال والمشاريع الناشئة في مجالات تعتمد على المعرفة والتخصص، مثل الصحة الرقمية، والتقنيات التعليمية، والخدمات القانونية والاستشارية، والتحول المالي، ومشاريع الذكاء الاصطناعي.

ويعكس دخول المرأة الإماراتية قطاعات المستقبل طبيعة هذا التحول، ففي مجالات الفضاء والذكاء الاصطناعي والعلوم الدقيقة، باتت الإماراتيات يشاركن في تصميم الأنظمة الفضائية، تحليل بيانات الأقمار الاصطناعية، الاستشعار عن بُعد، وإدارة أنظمة الملاحة والاتصالات الفضائية.

كما يشاركن في العمليات العلمية داخل المختبرات ومراكز التحكم الأرضية، ما يربط حضورهن بملفات استراتيجية على مستوى الدولة.

وفي القطاع الطبي المتقدم، باتت المرأة جزءاً من منظومة العلوم الصحية الحديثة، عبر تخصصات تشمل الروبوتات الجراحية، الطب الحيوي، وتطوير المستحضرات الدوائية، وتحليل الأمراض باستخدام الذكاء الاصطناعي، أما في مجال الأمن الرقمي، فتشارك الإماراتيات في حماية الأنظمة الحكومية، والتحقيق الرقمي، وتعزيز الأمن السيبراني، وهو مجال تزداد أهميته، مع اعتماد الحياة اليومية والخدمات الوطنية على البيانات وأنظمة الاتصال.

محور النهضة

ومع مرور 54 عاماً على قيام الاتحاد، لم تعد مشاركة المرأة الإماراتية مجرد مؤشر على تقدم اجتماعي، بل بُعداً ثابتاً في بناء الهوية الوطنية، فهي امتداد لمسار يبدأ من الأسرة، بوصفها أساس الاستقرار،.

ويتطور في التعليم بوصفه مدخل الكفاءة، ويستمر في المؤسسات بوصفه مسؤولية، ثم يتقدم في القيادة والابتكار، بوصفه تعبيراً عن استحقاق معرفي، ومساهمة في مستقبل الدولة.

فالمرأة الإماراتية اليوم تعمل وتدير وتبتكر وتربي، وتشارك في حماية المجتمع، وتحديد أولوياته العلمية والاقتصادية، وحضورها في عام الاتحاد الـ 54 بسجل حافل من الإنجازات، جاء نتيجة رؤية جعلت الإنسان محور التنمية، واعتبرت أن نهضة المجتمع لا تكتمل إلا بتكامل أدوار أبنائه المخلصين.

مؤشرات ابنة الإمارات:

70 %

من خريجي التعليم العالي محلياً

34 %

من القوى العاملة ضمن قطاعات مرتبطة بحياة الناس

30 %

من المناصب القيادية العليا.. وثلثا الكوادر الحكومية

70 %

من المواطنين العاملين في القطاع الخاص

الإمارات جعلت المرأة منارة تضيء استراتيجياتها وتنسج دبلوماسيتها الناعمة

«أم الإمارات» نقلت مفهوم تمكين المرأة من دائرة الدعم الرمزي إلى إطار بنيوي

الإماراتية في مجالات المستقبل.. من الذكاء الاصطناعي إلى الفضاء

التعليم للمرأة الإماراتية.. استثمار في بناء كفاءات قادرة على قيادة التحولات المقبلة

حضور المرأة في مواقع الدولة لم يعد يقاس بعدد الوظائف التي تشغلها بل بطبيعة الأدوار التي تتولاها

أخبار متعلقة :