ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 20 أكتوبر 2025 09:06 صباحاً - 12.5 % ارتفاع أسعار السيارات الفاخرة
17.4 % زيادة أسعار العقارات السكنية
142000 مليونير ينتقلون عبر الحدود
تشهد الساحة العالمية تحولاً بالغ التأثير، وتحتل دولة الإمارات موقع الصدارة فيه، فمن المتوقع أن ينتقل نحو 142000 مليونير عبر الحدود في عام 2025، وفقاً لتقديرات خبراء الاستشارات في «هينلي آند بارتنرز»، ومن بين هؤلاء ستستقبل الإمارات الحصة الأكبر بصافي هجرة يبلغ 9800 مليونير، سيجلبون معهم ما يقدر بـ63 مليار دولار من الثروات القابلة للاستثمار.
ووصف الدكتور يورغ ستيفن، الرئيس التنفيذي لشركة «هينلي آند بارتنرز»، هذا الاتجاه في تقرير الشركة بعنوان «هروب الثروات الكبرى»، بأنه أكبر انتقال طوعي للثروة الخاصة في التاريخ الحديث، معتبراً أنه يشكل تحولاً عميقاً في موازين النفوذ الاقتصادي، حيث تتنافس الدول اليوم ليس فقط على استقطاب المواهب، بل على الثروات التي تصاحبها.
ولطالما اجتذبت مدينتا دبي وأبوظبي رؤوس الأموال العالمية، بحسب تقرير على موقع «جولف بيزنس»، إلا أن الإمارات رفعت الجاذبية إلى مستويات غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة، فالتسهيلات الضريبية الخالية من ضريبة الدخل، والتشريعات المواتية للأعمال، كلها عوامل أساسية تجعل من الدولة قاعدة مغرية للمستثمرين، ورواد الأعمال، والمواطنين العالميين.
ويقول فيشواجيت باتيل، المدير التنفيذي الأول لدى شركة «Nuvama Private DIFC»، خلال جلسة نقاش حديثة نظمتها «جولف بيزنس» حول اتجاهات الاستثمار: «الأمر لا يتعلق فقط بالنظام الضريبي المناسب، العملاء ينظرون إلى خمسة محاور رئيسية عند التفكير في الانتقال: الاستقرار الجيوسياسي، والبنية التحتية الصحية والتعليمية، وتكاليف المعيشة ونمط الحياة، والموقع الجغرافي والربط العالمي، وسهولة تأسيس الأعمال والحصول على الإقامة. دبي تتفوق في جميع هذه الجوانب».
وأوضح باتيل، الذي وسعت شركته عملياتها إلى دبي في 2024، أن جاذبية الإمارة تكمن في كفاءتها العالية وموقعها الاستراتيجي، وأضاف: «سواء تعلق الأمر بسرعة إجراءات الحصول على التأشيرات الذهبية، أو الوصول إلى خدمات صحية وتعليمية رفيعة المستوى، أو مرونة الأنظمة الحكومية، فإن الإمارات تقدم مستوى غير مسبوق من الخدمة والسرعة».
نمط الحياة
ولا ينعكس هذا التوجه في الإحصاءات المتعلقة بالهجرة فحسب، بل يتجلى أيضاً في مؤشرات استهلاك الرفاهية، فقد صنف تقرير «الثروة ونمط الحياة العالمي 2025» الصادر عن بنك «جوليوس باير دبي» في المرتبة السابعة عالمياً من حيث تكلفة المعيشة، متقدمة على مدن مثل لندن وموناكو وزيوريخ.
ويسهم القادمون الجدد من أصحاب الثروات في رفع الطلب على السلع والخدمات الفاخرة بشكل ملحوظ؛ إذ ارتفعت أسعار السيارات الفاخرة بنسبة 12.5 %، فيما سجلت العقارات السكنية ارتفاعاً بنسبة 17.4 %، وتُقدم دبي اليوم أكثر من ضعف المساحة السكنية الفاخرة لكل دولار مقارنة بلندن، ما يجعلها خياراً جذاباً للأثرياء الراغبين في الانتقال.
ويقول ريشاب ساكسينا، الشريك الإداري في بنك «جوليوس باير» والمتخصص في فئات الأصول العالمية: «دبي لا تنمو فحسب، بل تعيد تعريف مستقبل الحياة الحضرية؛ فبنيتها التحتية الاستثنائية، والعقارات الفاخرة، ومكانتها مركزاً نابضاً للمواطنين العالميين جعلتها وجهة رائدة بحق».
ويعزز هذا النمو رؤية طويلة الأمد، حيث تهدف أجندة دبي الاقتصادية D33 إلى مضاعفة حجم الاقتصاد بحلول عام 2033، بينما تتطور البنية التحتية للرفاهية في المدينة لتصبح منظومة متكاملة تعنى بطول العمر.
ويعاد تشكيل المنظومة المالية في الإمارات بالتوازي مع تحولات الثروة العالمية، حيث تسعى دبي وأبوظبي إلى ترسيخ مكانتهما كمحطات موثوقة لإدارة الثروات ومكاتب العائلات الثرية.
ويقول شهريار رسول الرئيس التنفيذي لإدارة الثروات في مجموعة بنك «حبيب زيورخ»: «نشهد نمواً متواصلاً في مركز دبي المالي العالمي، الذي بات يشكل مركز ثقل لنشاط عملائنا؛ لهذا افتتحنا فرعنا في المركز عام 2022 لتعزيز مستوى التفاعل مع العملاء وتقديم حلول مخصصة لإدارة الثروات والتخطيط للتوريث».
ويؤكد تيم دينتون، المدير التنفيذي لفرع البنك في المركز المالي، أن التغييرات التشريعية الحديثة مثل اعتماد «الأسس المشتركة للقانون» في كل من مركز دبي المالي العالمي وسوق أبوظبي العالمي، شكلت نقلة نوعية في مجال التخطيط للتوريث واستمرارية الأعمال، وقال: «رؤية القيادة في الإمارات لسنّ مثل هذه التشريعات تستحق الإشادة، إذ انتقلنا من بيئة كانت تشكل تحدياً كبيراً في هذا المجال قبل عام 2020، إلى واقع يسمح بالتخطيط السليم والواضح».
حجر الأساس
ويشكل برنامج التأشيرات الذهبية حجر الأساس في استراتيجية الإمارات لجذب المواهب والثروات، حيث انطلق البرنامج في عام 2019، وتم تحديثه في 2022، ليقدم خيارات إقامة مرنة لمدة خمس أو عشر سنوات، تستند إلى الاستثمار العقاري وريادة الأعمال والكفاءات المتخصصة.
وأكد المشاركون في جلسة «جولف بيزنس» ضرورة أن تواصل الإمارات مساعيها للبقاء في طليعة الوجهات الجاذبة، وذلك عبر سياسات استباقية وتنافسية، وحتى الآن، يتفق الجميع أنها تحقق ذلك بامتياز.
وتعزز بيانات «هينلي آند بارتنرز» هذا الطرح، إذ تحتل الإمارات المرتبة الثانية بين الدول الأكثر طلباً من قبل المتقدمين لبرامج الهجرة الاستثمارية، بعد الولايات المتحدة، ما يعكس التزاماً واضحاً، وليس مجرد اهتمام سطحي، ووفقاً لبنك «جوليوس باير»، فقد شهدت دبي نمواً بنسبة 102 % في عدد الأفراد ذوي الثروات العالية خلال العقد الماضي.
هجرة رأسمالية
وفي الوقت الذي تستفيد فيه الإمارات من تدفق الثروات، تواجه دول أخرى هجرة رأسمالية، تتوقع بريطانيا خسارة 16.500 مليونير هذا العام، وهي أكبر خسارة مسجلة حتى الآن، وذلك نتيجة سياسات مثل إلغاء تأشيرة المستثمر من الفئة الأولى، وتعديلات على نظام الإقامة الضريبية لغير المقيمين.
أما الولايات المتحدة فلا تزال تحظى بجاذبية قوية بفضل منظومتها الداعمة لريادة الأعمال، ومن المتوقع أن تستقبل نحو 7.500 مليونير في 2025، مع توقع انتقال 165.000 مليونير سنوياً بحلول عام 2026، فإن المشهد يتغير بوتيرة سريعة، وكما قال ريشاب ساكسينا، من «جوليوس باير»: «دبي لا تنمو فقط، بل تعيد تشكيل مستقبل الحياة الحضرية، وفي عالم تتنقل فيه الثروات بسرعة، قد تكون تلك الميزة الأهم للإمارات».
عوامل تفوق الإمارات:
1 - الاستقرار الجيوسياسي
2 - البنية التحتية الصحية
3 - تكاليف المعيشة ونمط الحياة
4 - الموقع الجغرافي
5 - سهولة تأسيس الأعمال
6 - التأشيرات الذهبية
7 - التسهيلات الضريبية
8 - مرونة الأنظمة الحكومية