ابوظبي - ياسر ابراهيم - الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 09:06 صباحاً - يعتبر الذهب ملاذاً آمناً للمستثمرين حول العالم، لكن صعود نجم «الذهب الصيني» يثير تساؤلات حول مستقبله، فما هو هذا الذهب؟ وكيف يمكن أن يؤثر في الصعود التاريخي لأسعار المعدن الأصفر في الأسواق العالمية؟ الإجابة لا تكمن في نوع واحد، بل في ظاهرتين متناقضتين تماماً مصدرهما بكين.
الذهب المقلد
في أسواق الشرق الأوسط، يتردد مصطلح «الذهب الصيني» لوصف الإكسسوارات الرخيصة التي تباع بأسعار زهيدة. هذه القطع ليست ذهباً حقيقياً، بل معادن رخيصة مثل النحاس والزنك تطلى بطبقة ذهبية رقيقة. ورغم أنها لا تؤثر بشكل مباشر في أسعار الذهب العالمية، إلا أن ضررها يتمثل في جوانب أخرى مثل تشويه سمعة الذهب، لأن انتشار الذهب المقلد يؤدي إلى تشويه سمعة الذهب الحقيقي، خاصة عندما يباع للعرائس كبديل أرخص، ما يفتح الباب أمام ممارسات تجارية غير أخلاقية. وقد يتسبب الاحتكاك بين المجوهرات المقلدة والحقيقية في خدش وتآكل الذهب الأصلي، ما يقلل من قيمته على المدى الطويل. وفي ظل الارتفاعات القياسية لأسعار الذهب، يلجأ بعض المستهلكين إلى الذهب المقلد، ما يؤدي إلى تراجع الطلب على المجوهرات الذهبية الحقيقية.
ثورة صينية
الخطر الثاني هو الذهب الصافي الصلب، الذي يعتبر ثورة صينية تهدد عرش الذهب التقليدي، إذ يشكل هذا النوع التهديد الحقيقي والمثير للجدل، فهو ليس تقليداً، بل ابتكار تكنولوجي صيني يقلب الموازين، فقد نجح العلماء في الصين في إنتاج «ذهب صافٍ صلب» بنقاوة عالية جداً (عيار 24 قيراطاً)، لكنه أكثر صلابة ومتانة من الذهب النقي التقليدي. وهذا الذهب الجديد يتميز صلابة فائقة، وهو مقاوم للخدوش والانثناء، ما يجعله مثالياً للاستخدام اليومي في المجوهرات الفاخرة. كما يجمع بين نقاء الذهب عيار 24 قيراطاً ومتانة الذهب عيار 18 قيراطاً. ويمكن أن يصبح بديلاً جذاباً للذهب التقليدي، ما قد يغير قواعد لعبة سوق الذهب العالمية.
لعبة معقدة
تأثير الذهب الصيني الجديد ليس مباشراً وسريعاً، بل يتأثر بعدة عوامل، باعتبار الصين أكبر منتج ومستهلك للذهب في العالم. أي تحول في أنماط الاستهلاك الصيني، سواء نحو الذهب الجديد أو الذهب المقلد، سيؤثر في الطلب العالمي. ويقوم البنك المركزي الصيني بزيادة احتياطياته من الذهب بشكل مستمر، وهو ما يزيد الطلب ويسهم في ارتفاع الأسعار العالمية.
وتسعى الصين إلى تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي، وتستخدم الذهب أداة لتعزيز نفوذها المالي، وهذا يدعم أسعار الذهب. وعلى المدى الطويل، إذا أصبح «الذهب الصافي الصلب» بديلاً شائعاً للذهب التقليدي، فقد يؤدي ذلك إلى تغييرات في أسعار الذهب العالمية، ومع ذلك تواجه هذه التكنولوجيا الجديدة بعض التحديات، مثل صعوبة إعادة صهرها حالياً.
عرش الذهب
على الرغم من التحديات التي يفرضها الذهب الصيني، فمن غير المرجح أن يؤثر بشكل جوهري في الصعود التاريخي لأسعار الذهب العالمية، فسوق الذهب تحكمه عوامل اقتصادية وجيوسياسية أكبر، مثل التضخم، والتوترات الدولية، وسياسات البنوك المركزية.
لكن الذهب الصيني بنوعيه يضيف تعقيداً جديداً لسوق الذهب. الذهب المقلد يشكل تحدياً للمجوهرات التقليدية، بينما الذهب الصلب يفتح آفاقاً جديدة للمستثمرين والمصنعين. ويبقى السؤال: هل ستنجح بكين في تحقيق حلمها بالسيطرة على سوق الذهب العالمية، أم ستبقى مجرد محاولة أخرى في سباق السيطرة على الثروات؟