ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 26 أكتوبر 2025 11:50 صباحاً - بعيداً عن بريق السبائك في الخزائن، وفي قلب قاعة التداول الرقمية ببورصة كومكس التابعة لمجموعة بورصات شيكاغو التجارية، تتكشف الاستراتيجيات الحقيقية التي يستخدمها خبراء المال لإدارة وتداول الذهب. إن عقود الذهب الآجلة ليست مجرد أداة للمضاربة؛ بل هي لغة معقدة من التحوّط، والرافعة المالية، وفهم عميق لديناميكيات السوق. بحسب بلومبرج.
اللعب على الهامش
يُركز المحترفون على استغلال آليتين جوهريتين تُضاعفان إمكانية الربح (والمخاطر) هما الهامش والرافعة المالية، إلى جانب استراتيجيات تداول متقدمة للوصول إلى قيمة عقد ذهب قياسي (عادة 100 أونصة)، يودع المتداولون المحترفون جزءاً صغيراً فقط كـ«هامش أولي». هذا الهامش يعمل كضمان حسن النية.
يتيح الهامش للمحترفين التحكم في كميات ضخمة من الذهب برأس مال محدود. إذا تحرك سعر الذهب دولاراً واحداً، فإن التأثير على رأس مالهم سيكون كبيراً، ما يُضاعف الأرباح في الاتجاه الصحيح.
كما يراقب الخبراء قيمة مراكزهم على مدار الساعة. فإذا تحرك السوق ضدهم بشكل كبير، يتلقون «نداء الهامش»، وهو طلب فوري لإيداع المزيد من الأموال للحفاظ على المركز. عدم الاستجابة لهذا النداء يعني إغلاق المركز قسراً بخسارة، وهذا هو الخطر الأعظم الذي يتجنبونه بإدارة نقدية صارمة.
فهم منحنى الأسعار
الاستراتيجيات الأكثر تطوراً تعتمد على تحليل العلاقة بين السعر الفوري للذهب وسعر العقود الآجلة في المستقبل، أو ما يُعرف باسم منحنى العقود الآجلة. وبما أن العقود الآجلة لها تاريخ انتهاء صلاحية، فإن المتداولين الذين لا يرغبون في التسليم الفعلي للذهب يستخدمون استراتيجية «لف المركز» قبل وقت قصير من انتهاء صلاحية العقد القريب (مثلاً عقد ديسمبر)، يقومون ببيع هذا العقد، ثم يفتحون عقداً جديداً لأجل أبعد (مثلاً عقد فبراير).
هذه العملية تتيح للمضاربين الحفاظ على تعرضهم لسعر الذهب دون تحمل عبء التخزين أو التسليم الفعلي. لكن يجب عليهم إدارة تكلفة اللف، التي تكون سلبية في حالة الكونتانجو لأنهم يبيعون بسعر أقل ويشترون بسعر أعلى.
العقود الآجلة
أما اللاعبون الحقيقيون في الاقتصاد (البنوك المركزية، وشركات التعدين الكبرى، وصناع المجوهرات) فيستخدمون العقود الآجلة كـ«بوليصة تأمين» ضد تقلبات الأسعار لأنهم يبيعون عقوداً آجلة لتأمين سعر مبيعاتهم المستقبلية. هذا يضمن لهم تدفقاً نقدياً مستقراً لتغطية تكاليف الإنتاج، حتى لو انخفض سعر الذهب فعلياً عند الاستخراج.
أما مصنعو المجوهرات (التحوّط الشرائي) يشترون عقوداً آجلة اليوم لتثبيت تكلفة المواد الخام التي سيحتاجونها لاحقاً. هذا يحميهم من ارتفاع الأسعار الذي قد يلتهم هوامش أرباحهم.
