ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 26 أكتوبر 2025 12:22 صباحاً - تواصل الإمارات تعزيز مكانتها قوة رائدة في مجال التمويل الأخضر بالشرق الأوسط، مستندة إلى التزام حكومي قوي وصناديق سيادية مؤثرة، وأطر تنظيمية واضحة، وفق تقرير نشره موقع «green prophet»، وتشهد السوق نمواً متزايداً في الحجم والنضج، مدفوعة بمبادرات، أطلقتها الدولة عقب مؤتمر المناخ «كوب 28»، لتؤكد توجهها نحو بناء اقتصاد منخفض الكربون ومستدام.
وبدأت رحلة الإمارات الناجحة في هذا المجال منذ عام 2008، مع إطلاق مشروع «مدينة مصدر»، التي كانت تهدف لأن تكون أول مدينة خالية من الكربون، لتتحول اليوم إلى مركز عالمي للابتكار وواجهة للاستثمارات السيادية في التكنولوجيا النظيفة والابتكار.
وتدرك الإمارات أن اقتصاد الوقود الأحفوري لم يعد قادراً على ضمان مستقبل مبتكر أو مستدام مع بلوغ العالم مرحلة «ذروة النفط»، وتزايد القيود على الانبعاثات الكربونية. وفي سوق السندات المستدامة تبرز الإمارات محركاً رئيسياً في المنطقة، إذ تبقى المصدر الأكبر للسندات الخضراء في الشرق الأوسط.
ورغم التراجع الطفيف في الإصدارات الإقليمية خلال عام 2024 بسبب الظروف الاقتصادية العالمية تتوقع وكالة «إس آند بي جلوبال» أن تتراوح الإصدارات المستدامة في المنطقة بين 18 و23 مليار دولار في عام 2025.
ويقود القطاع المالي الجزء الأكبر من هذه السوق داخل الإمارات، في حين تبقى الإصدارات المؤسسية أكثر تقلباً، مع تركيز واضح على مشاريع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والعقارات والنقل المستدام.
وتلعب الصناديق السيادية دوراً محورياً في دفع التحول الأخضر، وعلى رأسها مؤسسات مقرها أبوظبي مثل «مبادلة» و«أدنوك للاستثمار» و«مصدر».
وقد رسخت «مصدر» مكانتها لاعباً عالمياً في مجال الطاقة النظيفة، من خلال إصدار سندات خضراء تمول مشاريع في الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر وتخزين البطاريات. وفي مايو 2025 أصدرت الشركة ثالث سند أخضر بقيمة مليار دولار، وقد تمت تغطيته 6.6 مرات، ما يعكس إقبالاً قوياً من المستثمرين الدوليين والإقليميين، وتستخدم عائدات هذه الإصدارات لتمويل مشروعات للطاقة الشمسية والرياح في أنحاء مختلفة من العالم.
كما أطلقت الإمارات خلال «كوب 28» صندوق «ألتيرا» برأسمال مبدئي يبلغ 30 مليار دولار، بهدف تحفيز تمويل الاقتصاد المناخي الجديد، مع خطة لجذب استثمارات تصل إلى 250 مليار دولار بحلول عام 2030، بينها خمسة مليارات مخصصة للأسواق الأقل نمواً. وتتبنى الشركة العالمية القابضة إطاراً متكاملاً للتمويل المستدام، يوجه استثماراتها نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات، بينما تسعى «مبادلة» إلى تحقيق الحياد الكربوني عبر محفظتها الاستثمارية العالمية بحلول عام 2050.
وعلى الصعيد التنظيمي أرست الجهات الرقابية الإماراتية، مثل المصرف المركزي وهيئة الأوراق المالية والسلع وسلطة أبوظبي العالمية للأسواق المالية وسلطة دبي للخدمات المالية، أطر عمل قوية للتمويل المستدام.
وفي عام 2023 أطلقت سلطة أبوظبي للأسواق المالية إطاراً تنظيمياً شاملاً، يتضمن معايير إفصاح بيئي واجتماعي وحوكمة، إلى جانب تصنيفات رسمية للأدوات المالية الخضراء. كما تهدف هذه الأطر إلى مكافحة ظاهرة «الغسل الأخضر» عبر فرض التحقق من طرف ثالث، وتقارير منتظمة، والالتزام بالمعايير الدولية مثل مبادئ السندات الخضراء الصادرة عن «الرابطة الدولية لأسواق رأس المال».
