ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 27 أكتوبر 2025 11:46 صباحاً - يُعدّ محمد الطراد، المولود في 1948 في بادية الرقة السورية، أحد أبرز الأمثلة على النجاح الاستثنائي للمهاجرين في أوروبا، بعد أن تجاوز طفولة صعبة مليئة بالحرمان والفقد، ليصبح اليوم مالكاً لإمبراطورية صناعية عالمية تحقق مليارات الدولارات.
عانى الطراد طفولة قاسية بعد وفاة والدته وتخلي والده عنه. تولّت جدته تربيته، ومنعته من الدراسة، واضطر للعمل في رعي الأغنام والجمال. لاحقاً، تبنّاه قريب بعيد، ما مكنه من الالتحاق بالمدرسة والتفوق، ما أهله للحصول على منحة دراسية للدراسة في فرنسا عام 1969، رغم أنه لم يكن يعرف الفرنسية، وفقا لما نشرته فوربس.
في مونبلييه، واجه الطراد صعوبات عدة، منها العنصرية والتحيّز ضد العرب، خصوصاً بعد استقلال الجزائر وما رافقه من موجة معادية للمهاجرين. اضطر للعمل في مزارع العنب في فترات الصيف لتأمين مصروفه، لكنه تمكن من استكمال دراسته لنيل الدكتوراه في علوم الحاسوب، والعمل لاحقاً في شركات هندسية كبرى، حيث اكتسب خبرة واسعة.
في عام 1985، وبعد شراء مصنع سقالات فرنسي مفلس، شرع الطراد في إعادة هيكلة الشركة وتطوير عملياتها، ما مكّنها من تحقيق أرباح ضخمة خلال سنوات قليلة. اليوم، تضم مجموعة الطراد نحو 52 ألف موظف في أكثر من 100 دولة، مع تحقيق أرباح تقدر بمئات الملايين من الدولارات سنوياً، ويملك الطراد 80% من الشركة، ما جعل ثروته الشخصية تُقدّر بحوالي 3.4 مليارات دولار بحسب فوربس.
الطراد لم يقتصر دوره على الجانب الصناعي والاقتصادي، بل شارك في مشاريع مجتمعية ودعم رواد الأعمال من أصول مهاجرة، حيث تولى رئاسة وكالة فرنسا لريادة الأعمال التي تركز على مساعدة المناطق الفقيرة، خصوصاً تلك التي يقطنها غالبية من المهاجرين.
وتشير بيانات الوكالة إلى أن هذه المجتمعات، رغم ارتفاع معدلات الفقر والبطالة فيها، تنتج شركات جديدة بوتيرة ثلاث مرات أعلى من المتوسط الوطني.
بالإضافة إلى ذلك، ساهم الطراد في دعم اللاجئين السوريين من خلال تبرعات مباشرة لمنظمات متخصصة، مؤكداً حرصه على وصول مساعداته مباشرة إلى المستفيدين دون وسطاء.
وعلى الصعيد الأدبي، نشر الطراد رواية بدوي في 2002، مستوحاة من طفولته في سوريا، تلتها روايته الأخيرة الصحراء المشتركة التي تتناول الحرب السورية والفقد الشخصي والحياة في المنفى.
يُعد محمد الطراد اليوم نموذجاً للاندماج الناجح للمهاجرين، وأحد أبرز رجال الأعمال الذين استطاعوا الجمع بين الطموح الشخصي والمساهمة المجتمعية، مع الاحتفاظ بجذوره الثقافية والإنسانية، ما جعله شخصية مؤثرة على المستويين الاقتصادي والأدبي في فرنسا والعالم.
