ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 27 أكتوبر 2025 05:46 مساءً - اتسمت المحادثات بين الولايات المتحدة والصين التي جرت مؤخراً بالإيجابية، إذ توصل الجانبان إلى تفاهمات بشأن مجموعة من القضايا الخلافية، ما يمهد السبيل أمام كل من دونالد ترامب وشي جين بينغ لإبرام اتفاق نهائي هذا الأسبوع، وفقاً لمحللين. فبعد يومين من المحادثات في ماليزيا انتهيا الأحد، قال مسؤول صيني إن الجانبين توصلا إلى توافق مبدئي حول موضوعات تشمل ضوابط التصدير ومادة الفنتانيل والرسوم المفروضة على الشحن.
وارتفع مؤشر «هانغ سنغ تشاينا إنتربرايزز» بنسبة وصلت إلى 1.3% يوم الاثنين، في حين صعد مؤشر «سي إس آي 300» داخل الصين بنسبة بلغت 1%، وارتفع المؤشر الأوسع «إم إس سي آي آسيا والمحيط الهادئ» بنسبة 1.5% مسجلاً مستوى قياسياً جديداً خلال الجلسة. وتراجع مؤشر الدولار أمام العملات الرئيسية. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما تأثير التوافق التجاري بين أمريكا والصين على الأسواق العالمية؟
في هذا الصدد، قالت تشارو تشانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في «ساكسو ماركتس» في سنغافورة: «يبدو أن هذه نتيجة تبدو رابحة للطرفين، فالولايات المتحدة تخفف من مخاطر التضخم واضطرابات سلاسل التوريد المرتبطة بالعناصر الأرضية النادرة والإلكترونيات، بينما تتجنب الصين الرسوم الجمركية الواسعة وتحافظ على قنوات التصدير مفتوحة. لكن إلى أن يوقع الزعيمان الاتفاق في القمة، فإن ما تحقق هو تمديد للهدنة لا اختراق فعلي. من الجانب الصيني، المستفيدون المحتملون هم المصدرون ومصنعو الأجهزة وسلاسل توريد السيارات الكهربائية وقطاعات الخدمات اللوجستية والمنصات الإلكترونية، بينما قد يتأخر أداء شركات تعدين العناصر النادرة إذا تم تأجيل القيود على الصادرات. وفي الولايات المتحدة، قد تستفيد شركات الأجهزة التقنية وأشباه الموصلات من وضوح أكبر في سلاسل التوريد وتراجع ضغوط التضخم».
من جهته، قال ديلين وو، استراتيجي في «بيبرستون غروب»: «رد الفعل على المدى القصير قد يكون متفائلاً بحذر. من المرجح أن تستفيد الأسهم الآسيوية والصينية، خصوصاً في قطاعات التكنولوجيا والتصنيع والتصدير. وقد تسجل المؤشرات الرئيسية مثل «هانغ سنغ» مكاسب، في حين قد يشهد اليوان الخارجي ارتفاعاً طفيفاً أمام الدولار، ما يعكس تحسناً في شهية المخاطرة». وأضاف: «ستظل السوق تترقب نتائج اجتماع ترامب وشي، لذا فإن أي مكاسب ستكون محدودة، وتعكس تحسناً في معنويات الأصول عالية المخاطر أكثر من كونها قفزة كبيرة في الأسواق».
بدورها، قالت هيبي تشين، محللة في «فانتدج ماركتس» في ملبورن: «إشارة واضحة لإنهاء الاضطراب الجمركي المستمر منذ أشهر هي تماماً ما يحتاجه الطرفان حالياً — بالنسبة لترامب، الأمر يتعلق بتهيئة ساحة المعركة الجمركية للمضي قدماً في المرحلة التالية من السياسة، أما بالنسبة لشي، فهي ضرورة اقتصادية وسياسية لإنهاء شدّ وجذب طال أمده ولم يعد قادراً على تحمله. من شأن هذا الانفراج الدبلوماسي أن يمنح الأسهم الصينية موجة انتعاش، تقودها قطاعات التكنولوجيا والصادرات، مع تسعير المستثمرين لتراجع المخاطر القريبة الأجل. رغم أن الاجتماع النهائي قد يكون رمزياً أكثر من كونه لحظة حاسمة في التفاوض، فإن تجاوز هذه العقبة -ولو مؤقتاً- يساعد على استعادة الثقة في الأسهم الأمريكية والآسيوية على حد سواء».
من جانبه، قال شن منغ، مدير بنك الاستثمار «شانسن آند كو» ومقره بكين: «رغم أن تفاصيل المفاوضات لم تُكشف رسمياً، إلا أن البيانات الصادرة عن الولايات المتحدة والصين تشير إلى أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق ملموس. بدلاً من ذلك، تم وضع إطار عام لكيفية المضي قدماً في المفاوضات المستقبلية، وهو ما يكفي لدعم المعنويات في سوق الأسهم الصينية (A-Share)، لا سيما في قطاعات التكنولوجيا والتصدير».
من جهته، قال فيشنو فاراتان، رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية الكلية لآسيا (باستثناء اليابان) في «ميزوهو بنك»: «أعتقد أن التصريحات الصادرة عن ترمب ستصب في مصلحة الجانبين، إذ تم تجنب معاناة غير ضرورية. ومن المرجح أن تجد الأسهم الصينية أسباباً للتفاؤل بعد انحسار التهديدات الفورية أمام المستثمرين المراهنين على الارتفاع. قد يكون الاستثمار السريع قصير الأجل مفضل على الرهانات الهيكلية طويلة الأجل. قطاع التكنولوجيا قد يحقق أداء جيداً مع انخفاض الحواجز وتراجع مخاوف حظر صادرات البرمجيات الأمريكية».
وقال تشيتان سيث، استراتيجي الأسهم لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في «نومورا هولدينغز»: «المحادثات البنّاءة بين الولايات المتحدة والصين تعزز المعنويات تجاه الأسهم، خصوصاً في هونغ كونغ والبرّ الرئيسي للصين. كل الأنظار هذا الأسبوع ستتجه الآن إلى اجتماع الرئيسين شي وترامب، وإلى نتائج الشركات الأمريكية العملاقة في قطاع التكنولوجيا».
وأكد كايل رودا، كبير محللي الأسواق في «كابيتال دوت كوم»: «هذا تطور إيجابي للغاية لمنطقة آسيا، وللأسهم الصينية على وجه الخصوص، خاصة إذا شهدنا خفضاً في الرسوم الجمركية، فإزالة أو تقليص الرسوم على الفنتانيل قد ترفع أحد العوائق أمام نمو الصين. من الواضح أن الاقتصاد الصيني لا يزال في حالة تباطؤ، وربما في مرحلة انكماش سعري، لذا فإن تنشيط التجارة وتقليص حالة عدم اليقين المرتبطة بها سيساعد في معالجة ذلك، مع احتمال أن تمتد الفوائد إلى المنطقة بأكملها. إذا أُبرم اتفاق تجاري شامل، فسيكون ذلك نتيجة جاءت أسرع مما كان متوقعاً، وهو تطور إيجابي للجميع».
