حال المال والاقتصاد

دراسة: تحول كبير في طموحات شباب الإمارات بشأن مسيرتهم المهنية

دراسة: تحول كبير في طموحات شباب الإمارات بشأن مسيرتهم المهنية

ابوظبي - ياسر ابراهيم - السبت 1 نوفمبر 2025 06:51 مساءً - كشفت دراسة جديدة أصدرتها «الفطيم»، بالتعاون مع الجامعة الأمريكية في دبي، وشركة «كي بي إم جي الشرق الأوسط»، و«مجموعة G42»، عن حدوث تحول كبير في طموحات الشباب الإماراتي في مسيرتهم المهنية. وتعد الدراسة، التي تحمل عنوان «مستقبل الشباب الإماراتي»، من منظور واضعي السياسات وأرباب العمل والشباب، بمثابة خارطة طريق للحكومات وقطاع الأعمال والمؤسسات الأكاديمية لتمكين القوى العاملة المستقبلية في الدولة من خلال التفكير بما يتجاوز الحصص المقررة والأهداف، وتبني نهج قائم على الجودة في تطوير المواهب.

واستناداً إلى النتائج والمعطيات التي أسفرت عنها مبادرة تتكون من ثلاثة أجزاء أطلقتها الفطيم، تسلّط الدراسة الضوء على تنامي تطلعات الشباب الإماراتي، والتي تم رصدها من خلال استطلاع لرأي أكثر من 500 شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً. وأكد 53 % من الشباب الإماراتي أهمية التوازن بين الحياة المهنية والشخصية عند اختيار جهة العمل، بينما أكد 51 % منهم على أهمية وجود بيئة عمل إيجابية وداعمة. علاوة على ذلك، تلعب الديناميكيات الثقافية دوراً محورياً في مسيرتهم المهنية، حيث تم إبراز دور الآباء والأسرة كتأثير رئيسي بنسبة (F) على قراراتهم المهنية.

وبالنسبة للشباب الإماراتي، تعد بيئة العمل المتميزة هي تلك التي تعزز الإبداع والابتكار فضلاً عن الاحتفاء بالإنجازات الفردية، وذلك وفقاً لـ 82 % من المشاركين. وأشارت الدراسة إلى أن الشباب يبحث عن بيئات تعطي الأولوية للنمو الشخصي (81 %)، وتعلي القيم الأخلاقية (81 %)، وتُشجع العمل الجماعي (79 %). فمن خلال القيادة القوية والتواصل المفتوح والتعاون، يُمكن للمؤسسات بناء ثقافة يشعر فيها الجيل القادم بالتمكين والتقدير والإلهام للنجاح والازدهار.

في الوقت نفسه، هناك بعض التحديات التي تُعيق طموحاتهم، لا سيما فيما يتعلق بالمهارات. فبينما يفكر 42 % منهم جدياً في تأثير الذكاء الاصطناعي، يسلط 33 % فقط الضوء على محو أمية البيانات كعامل للنجاح، مما يُظهر فجوة بين الوعي والمهارات العملية. علاوة على ذلك تعد المنافسة الشديدة على وظائف المبتدئين (33 %)، ونقص الخبرة (28 %)، ومحدودية فرص الحصول على التدريب (23 %) والتوجيه (21 %) من المعوقات الشائعة.

وأشارت الدراسة إلى أن التفاوتات في معاشات التقاعد تشكل عائقاً كبيراً أمام مشاركة القطاع الخاص، إذ يعتبر أكثر من نصف الشباب الإماراتيين الذين شملهم الاستطلاع أن المعاش التقاعدي يمثل أمراً بالغ الأهمية عند اختيار جهة العمل، إلا أن 48 % منهم يجدون البرامج الحكومية أكثر جاذبية. والجدير بالذكر أن 36 % من الشباب الإماراتيين منفتحون على العمل في الخارج، ما يشير إلى حاجة المُلحة إلى استقطاب فرص عمل محلية تنافسية قادرة على استقطاب أفضل الكفاءات والاحتفاظ بها.

وقالت ميرة الفطيم، رئيسة مجلس التوطين في الفطيم والرئيسة التنفيذية لمستقبل التعليم في مؤسسة الفطيم التعليمية: يساهم هذا الجيل من الشباب الإماراتي بفاعلية في صياغة ملامح مستقبل العمل، مستنداً إلى رؤية واضحة لما يطمح إلى تحقيقه. وتُظهر نتائج البحث الذي أجريناه بالتعاون مع عدد من الجهات أن الشباب يتمتّعون بقدرات رقمية متقدمة، ووعيٍ واسع بما يشهده العالم من تطورات، إلى جانب قدرتهم العالية على التكيف مع التوجهات العالمية الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة. ورغم هذه المقومات الواعدة، يواجه الشباب تحديات ملموسة، من أبرزها المنافسة الشديدة على الوظائف المخصصة للمبتدئين، ونقص بعض المهارات التطبيقية اللازمة لسوق العمل. وتشكل هذه الدراسة خارطة طريق مهمة لجميع الجهات المعنية، بما يتيح مواءمة الجهود المشتركة وتمكين الشباب من إطلاق طاقاتهم الكامنة بما يعود بالنفع على الوطن وتنميته المستدامة.

وتقدم الدراسة مجموعة شاملة من التوصيات للحكومة وقطاع الأعمال والأوساط الأكاديمية والموظفين، والتي تم التوصل إليها من خلال حلقة نقاشية حصرية مع القطاع، بالإضافة إلى حلقة نقاشية مع المهنيين الشباب. تشمل هذه التوصيات تطوير أطر التوطين من الكم إلى الكيف، ومواءمة أنظمة معاشات التقاعد، ودمج الخبرة المهنية المبكرة في التعليم، وتمكين المديرين من تطوير المواهب، والاستثمار في نماذج وطنية بارزة. كما تسلط الدراسة الضوء على أفضل الممارسات ودراسات الحالة من دولة الإمارات العربية المتحدة، مشيرة إلى الجهود المبذولة بالفعل في هذا الشأن.

من جانبه، قال الدكتور كايل لونغ، رئيس الجامعة الأمريكية في دبي: يحرص المعلمون على تزويد الشباب الإماراتي بالمهارات وتطوير العقلية وطريقة التفكير والقدرة على التكيف اللازمة للنجاح في عالمٍ يتسم بالتعقيد. ومن خلال غرس الفضول وحب الاستطلاع والتفكير النقدي، يضمنون قدرة الجيل القادم على اغتنام الفرص ومواجهة التحديات وحفز الابتكار في مجتمع الإمارات واقتصادها.

بدورها، قالت ماركيتا سيمكوفا، الشريكة ورئيسة قسم الموارد البشرية في «كي بي إم جي الشرق الأوسط»: تمثل الرؤى والنتائج التي أسفرت عنها هذه الدراسة دعوة واضحة لجميع المؤسسات للعمل. إذ تؤكد أن استراتيجيات إدارة المواهب الفعالة اليوم يجب أن تتجاوز أساليب إدارة الموارد البشرية التقليدية، وأن تتبنى مفهوم الرفاهية الشاملة، والهدف، والتطوير المستمر. وبصفتنا شريكاً في هذه المبادرة، تؤمن «كي بي إم جي الشرق الأوسط» بأن هذا النهج الشمولي يبني قوة عاملة إماراتية أكثر مرونة وانخراطًا في المستقبل.

وقالت مايمي كوريان، رئيسة الموارد البشرية والثقافة في «مجموعة G42»: في عصر يتميز بالتقدم التكنولوجي السريع، لا سيما في مجال الذكاء الاصطناعي، لم يعد إعداد شبابنا لمستقبل العمل مجرد خيار، بل ضرورة حتمية. وتسلط هذه الدراسة الضوء على الحاجة المُلحة لتزويد الشباب الإماراتي بمهارات مواكبة المستقبل وتعزيز ثقافة الابتكار. وتلتزم «G42» بقيادة هذا التحول، بما يضمن ازدهار مواهبنا الوطنية وقيادتها في الاقتصاد الرقمي.

وتؤكد الدراسة أن استقطاب أفضل الكفاءات الإماراتية والاحتفاظ بها يتطلب تحولاً جذرياً في النهج. ويعني ذلك إعطاء الأولوية لرفاهية الموظفين الشاملة من خلال مرونة العمل وتوفير الثقافات الداعمة، وتنمية أدوار هادفة تتوافق مع المستهدفات الوطنية، وتمكين المديرين من تطوير المواهب الحقيقية. علاوة على ذلك، يعد الاستثمار في التعلم التجريبي المنظم والدعوة الفعالة إلى إجراء تغييرات منهجية، مثل مواءمة أنظمة معاشات التقاعد، خطوات مهمة للغاية.

Advertisements

قد تقرأ أيضا