ابوظبي - ياسر ابراهيم - الخميس 25 ديسمبر 2025 12:06 صباحاً - تتحول دبي بوتيرة متسارعة من مدينة اشتهرت بعروضها المعمارية الشاهقة إلى مركز متكامل للحياة الذكية والمستدامة، مدفوعة برؤية حكومية واضحة واستجابة نشطة من المطورين العقاريين لمتطلبات المستقبل. ووفقاً لما أورده موقع «فايند أرتيكالز»، فإن الحاجة المتزايدة للمشاريع الصديقة للطاقة والمزودة بالتقنيات الرقمية أسهمت في بروز جيل جديد من المشاريع العقارية بتصورات معاد صياغتها بالكامل.
مبانٍ ذكية
وتجسد المباني الحديثة في دبي مفهوم الأنظمة البيئية المتجاوبة، حيث لم تعد الصيانة التنبؤية وإدارة الطاقة الذكية عناصر تكميلية، بل أصبحت جوهراً أساسياً في تشغيل المباني. كما تتكامل تطبيقات المساكن الرقمية لتلبية احتياجات السكان اليومية، في مشهد يؤكد أن هذه الميزات لم تعد ترفًا، بل مواصفات قياسية في المشاريع الجديدة. وتنعكس هذه التحولات إيجاباً على جميع أطراف القطاع العقاري، من مستثمرين ومستأجرين ومشترين، من خلال تحقيق استدامة قابلة للقياس، وتقليص تكاليف الصيانة، وتوفير منظومة متكاملة لخدمات نمط الحياة، ما يسهم في إعادة تشكيل السوق وتعزيز مفهوم العيش الذكي في الإمارة.
فتح آفاق جديدة
يعتمد كبار مطوري دبي اليوم على أنظمة متقدمة لإدارة المرافق، تقوم على توحيد التحليلات الرقمية وأجهزة الاستشعار الذكية (IoT) وأنظمة إدارة المباني (BMS)، ضمن طبقة تشغيلية واحدة تشمل إدارة الأصول وتطبيقات السكان. وتتيح هذه المنصات مقارنة أداء الأصول ضمن المحافظ العقارية، ما يساعد في تحديد المباني منخفضة الكفاءة، وتطبيق الصيانة التنبؤية للحد من أعطال المعدات وتقليل فترات التوقف. كما تسهم أتمتة تدفقات عمل الموردين في تنفيذ عمليات تجهيز ذكية، وضبط النفقات التشغيلية، وضمان تقديم خدمات مستقرة ومتسقة.
تكامل المرافق
وعلى مستوى البنية التحتية الحضرية، تشهد دبي توسعاً متسارعاً في تحديث المرافق لجعل المشاريع أكثر ذكاءً. ويشمل ذلك تركيب محطات طاقة افتراضية ضمن المشاريع الجديدة، في إطار استثمارات هيئة كهرباء ومياه دبي في تطوير الشبكات الذكية.
ويتيح تكامل موارد الطاقة الموزعة والعدادات الذكية تدفقاً ثنائي الاتجاه للبيانات بين شبكات الطاقة والمياه والمباني، ما يمنح المستهلكين قدرة أكبر على مراقبة الاستهلاك وإدارته بكفاءة، وتحسينه وفق أوقات الذروة.
كما تعزز مبادرات مثل «شمس دبي» الاعتماد الواسع على الألواح الشمسية وأنظمة تخزين البطاريات، ما يوفر فوائد مباشرة للمطورين والمالكين، من حيث خفض الفواتير، وتعزيز مرونة المشاريع متعددة الاستخدامات، وتخفيف الضغط على الشبكات خلال فترات الذروة.
السكان أولاً
في ظل المناخ وطبيعة المشاريع العقارية الفاخرة، برز التركيز على راحة السكان كأولوية أساسية. ولدمج معايير الضيافة في الحياة اليومية، تعتمد غالبية المشاريع الحديثة أنظمة زجاج ذكي وحلول تكييف مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وتقوم هذه الأنظمة بضبط البيئة الداخلية تلقائياً وفق درجات الحرارة الخارجية، وأنماط إشغال المباني، وإشارات أسعار الطاقة، ما يقلل أحمال التبريد القصوى دون المساس بمستويات الراحة. كما بات السكان يتوقعون ميزات متقدمة لجودة الهواء، وإضاءة مخصصة، وتطبيقات صوتية في الأبراج السكنية الفاخرة.
ويؤدي دمج أتمتة المنازل بمعايير الكونسيرج إلى رفع القيمة السوقية للعقارات، وترسيخ نمط حياة أكثر سلاسة ورفاهية.
وكان للاجراءات الحكومية دوراً محورياً في تسريع اعتماد تقنيات المباني الذكية في دبي، من خلال لوائح مثل «لوائح البناء الأخضر»، التي تفرض معايير واضحة لكفاءة الطاقة، والمحافظة على المياه، وأداء المواد المستخدمة. كما تنسجم هذه الجهود مع رؤية دبي الحضرية 2040، التي تهدف إلى دمج البنية التحتية الذكية والمواد الموفرة للموارد ضمن التخطيط العمراني طويل الأمد، ما يشجع المطورين على تطوير أحياء متكاملة بدلاً من مشاريع منفردة.
مخططات رئيسية
تمثل المشاريع المخططة حديثاً في دبي معياراً متقدماً للميزات الذكية، في وقت تخضع فيه المجتمعات القائمة لعمليات تحديث واسعة. وتشمل هذه التحولات مناطق مثل واحة دبي للسيليكون ومدينة إكسبو دبي، إضافة إلى مشاريع مستقبلية كخور دبي وجزر دبي. وتؤثر كفاءة الواجهات واستراتيجيات التبريد بشكل مباشر على التكاليف والانبعاثات، ما يدفع المطورين لاعتماد واجهات عالية الأداء، وجدران مظللة، وأنظمة تكييف محسّنة. كما تغذي أجهزة الاستشعار المدمجة النماذج الرقمية المزدوجة وأنظمة الكشف المبكر عن الأعطال، ما يقلل هدر الطاقة ويعزز الكفاءة التشغيلية.
تغير تقنيات المباني الذكية خريطة السوق العقاري في دبي، عبر منح المطورين ميزة تنافسية واضحة ورفع القيمة الاستثمارية للأصول. ولم يعد المشترون والمستأجرون يركزون فقط على الفخامة أو الموقع، بل باتوا يبحثون عن مبانٍ مترابطة، ذكية، ومستعدة للمستقبل. كما ينعكس ذلك على التقييمات العقارية، إذ يسهم تحسين الاحتفاظ بالمستأجرين وخفض التكاليف التشغيلية في تعزيز صافي الدخل، بينما يتزايد إقبال أصحاب الثروات العالية والمغتربين المهتمين بالتكنولوجيا على العقارات الذكية عند اختيار مساكنهم الفاخرة في دبي.
