الرياض - ياسر الجرجورة في الاثنين 8 ديسمبر 2025 02:49 مساءً - في تطور مفاجئ هز مطار عدن الدولي، تسببت أعطال فنية في طائرتين من الأسطول المحدود للخطوط الجوية اليمنية في شلل حركة الطيران نحو 5 وجهات دولية حيوية - الرياض وجدة والقاهرة والريان ودبي - تاركة آلاف المسافرين عالقين في قلق وترقب. والأكثر إثارة للجدل أن هذا التوقف تزامن بالضبط مع انسحاب القوات السعودية من المطار في مشهد يطرح تساؤلات حول طبيعة هذا التوافق الزمني المريب.
أحمد المحضار، رجل أعمال من عدن، يروي لحظات الإحباط التي عاشها: "انتظرت 12 ساعة كاملة لرحلتي إلى دبي، واجتماع مهم قد يضيع بسبب هذا التأخير المجنون". مصادر المطار تؤكد أن العطل ليس مجرد خلل تقني بسيط، بل أزمة حقيقية تضاف إليها تعقيدات عدم صدور التصاريح الأمنية اللازمة، في مؤشر واضح على تداعيات الوضع السياسي المعقد. الكابتن سالم بافضل من شركة بلقيس للطيران يحاول إنقاذ الموقف: "نستعد لتسيير رحلات طوارئ لنقل المسافرين العالقين، لكن قدراتنا محدودة أمام هذا العدد الهائل".
هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها مطار عدن أزمة مشابهة، فمنذ بداية الصراع في 2015، شهد القطاع الجوي اليمني تدهوراً مستمراً بسبب نقص الصيانة وقلة قطع الغيار والتعقيدات الأمنية المتزايدة. د. محمد العولقي، خبير الطيران المدني، يحذر: "ما نشهده اليوم هو نتيجة طبيعية لإهمال البنية التحتية للطيران، ومطار عدن يسير على خطى مطارات عربية أخرى شهدت انهياراً مماثلاً في ليبيا والعراق". الوضع الحالي يشبه مريضاً يعاني من انتكاسات متتالية، حيث كل عطل جديد يزيد من ضعف النظام ككل.
التأثيرات تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد إزعاج المسافرين، فقد أصبح التنقل من وإلى عدن كابوساً حقيقياً يؤثر على المرضى المحتاجين للعلاج في الخارج، ورجال الأعمال، والطلاب المبتعثين. فاطمة أحمد، التي كانت متجهة للقاهرة لزيارة طبية عاجلة، تصف مشاعرها: "كل دقيقة تأخير قد تكلفني صحتي، والمعلومات متضاربة لا نعرف متى سنتمكن من السفر". شركات الطيران البديلة مثل بلقيس تحاول ملء الفراغ، لكن قدراتها المحدودة لا تكفي لاستيعاب الطلب المتزايد، مما يخلق فرصاً ذهبية لاستثمارات جديدة في القطاع.
وسط صدى الإعلانات المتكررة عن التأخيرات وأصوات المحادثات الهاتفية القلقة في صالات المطار المكتظة، يقف مطار عدن اليوم على مفترق طرق حاسم بين النهوض من جديد أو الانزلاق نحو العزلة التامة. الحكومة والمستثمرون أمام تحدٍ عاجل لإنقاذ هذا القطاع الحيوي قبل فوات الأوان. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: كم من الوقت يمكن لعدن أن تتحمل هذه العزلة الجوية قبل أن تفقد مكانتها كبوابة جنوب اليمن للعالم؟
