الرياض - ياسر الجرجورة في الاثنين 15 ديسمبر 2025 04:34 صباحاً - في تطور تاريخي يهز أسس سوق العمل في الخليج، استيقظ 12 مليون عامل أجنبي في السعودية اليوم على واقع جديد تماماً بعد صدور قرار حكومي يسمح لهم بنقل كفالتهم دون موافقة أصحاب العمل في خمس حالات محددة. هذا القرار الثوري، الذي يُعتبر انتهاءً لعصر العبودية الحديثة في المملكة، يمنح العمال حرية الانتقال عبر منصة إلكترونية واحدة خلال 90 يوماً فقط مقارنة بسنوات الانتظار والمعاناة التي كانوا يواجهونها سابقاً.
"لأول مرة منذ 30 عاماً، شعرت بالحرية الحقيقية"، تقول فاطمة الفلبينية التي استطاعت الانتقال لوظيفة أفضل بعد تأخر راتبها لثلاثة أشهر متتالية. القرار الجديد، المستند إلى المادة 14 البند 8 من اللائحة التنفيذية، يشمل حالات صادمة مثل تأخر الرواتب لثلاثة أشهر، عدم تجديد الإقامة لشهر كامل، والتعرض للإيذاء. وزارة الموارد البشرية أكدت أن هذه الحالات تُعد "مخالفات صريحة" تستوجب الحماية الفورية للعامل.
هذا القرار ليس مفاجئاً تماماً، فهو جزء من رؤية السعودية 2030 الطموحة لتحويل المملكة إلى وجهة استثمارية عالمية. الخبراء يشيرون إلى أن النظام السابق، الذي ربط العامل بصاحب عمل واحد مدى الحياة، كان "مثل نظام القنانة في أوروبا القديمة" حسب تعبير د. سامي العمري، خبير قانون العمل. التغيير يأتي أيضاً تحت ضغط دولي متزايد من منظمات حقوق الإنسان التي انتقدت نظام الكفالة التقليدي لعقود، ووصفته بـ"أحد أسوأ أشكال استغلال العمالة في العصر الحديث".
التأثير الفوري لهذا القرار يُشبه "زلزالاً بقوة 9 درجات على مقياس ريختر" في سوق العمل السعودي. أحمد المصري، عامل بناء، يروي كيف تغيرت معاملة مديره خلال ساعات من إعلان القرار: "أصبح يسأل عن راحتي ويحرص على دفع راتبي في موعده خوفاً من انتقالي". الأرقام الأولية تُظهر ارتفاعاً بنسبة 300% في الاستعلام عن منصة نقل الكفالة خلال الـ24 ساعة الأولى. محمد الهندي، الذي يعمل في قطاع الضيافة، يؤكد: "الآن لدينا قوة تفاوضية حقيقية، لسنا عبيداً بعد اليوم".
هذا القرار التاريخي يضع السعودية في موقع الريادة الخليجية والعربية في مجال حقوق العمال، ويُتوقع أن تحذو دول المنطقة حذوها قريباً. للعمال الذين يواجهون أي من الحالات الخمس المحددة: الوقت الآن للتحرك. التسجيل في منصة وزارة الموارد البشرية مجاني وبسيط، والإجراءات واضحة ومحمية قانونياً. لأصحاب العمل: التكيف مع الواقع الجديد ليس خياراً بل ضرورة حتمية للبقاء في السوق. السؤال المحوري الآن: هل سيغير هذا القانون وجه العمل في الخليج إلى الأبد، أم أن هناك تحديات خفية في الطريق؟
