الرياض - ياسر الجرجورة في الجمعة 19 ديسمبر 2025 05:49 مساءً - في تطور يعكس حجم التحدي الذي واجهته المملكة، أعلنت الشركة السعودية للكهرباء عن نجاحها في إعادة الخدمة الكهربائية لأكثر من 5 مليون شخص في المنطقة الشرقية، بعد انقطاع مفاجئ ضرب منطقة بحجم دولة البحرين بأكملها. العاصفة التي ضربت المنطقة كانت بقوة استثنائية، مما يثير تساؤلاً محورياً: هل نحن مستعدون فعلاً للمواجهات القادمة مع الطبيعة؟
تفاصيل مثيرة كشفتها مصادر مطلعة تُظهر أن المهندس خالد العتيبي، رئيس فريق الصيانة الطارئة، عمل مع فريقه لمدة 12 ساعة متواصلة تحت ظروف جوية قاسية لإعادة النور للمنازل المظلمة. "كان صوت الرياح مرعباً، والمطر يضرب وجوهنا كالسهام، لكننا لم نتوقف لحظة واحدة"، يروي أحد أعضاء الفريق. في هذه الأثناء، كانت أم محمد من الدمام تراقب بقلق ثلاجتها المتوقفة: "خفت أن يفسد طعام الأطفال، كانت ساعات عصيبة حقاً".
الخبراء يؤكدون أن هذا الحدث يُذكّرنا بقوة بـعاصفة تكساس المدمرة عام 2021، التي شلّت شبكة كهرباء كاملة لأيام. د. فهد الشمري، خبير الطاقة الكهربائية، يوضح: "الظروف المناخية تزداد قسوة بنسبة 15% سنوياً، مما يستدعي إعادة تقييم جذرية لأنظمة الحماية". المنطقة الشرقية، بموقعها الاستراتيجي كمركز صناعي ونفطي، تواجه تحدياً مضاعفاً، حيث أن انقطاع الكهرباء لساعة واحدة فقط قد يكلف المجمعات الصناعية ملايين الريالات.
التأثير لم يقتصر على الأرقام والإحصائيات، بل امتد ليشمل تفاصيل حياتية مؤثرة. سعد البقمي، صاحب محل تجاري، يتنهد بارتياح: "لحسن الحظ عادت الكهرباء قبل أن تفسد البضائع المبردة، كانت كارثة حقيقية ستحدث لو تأخرت أكثر". رائحة مولدات الكهرباء الاحتياطية ملأت الأجواء، بينما انتشرت فرق الصيانة في الشوارع كالنمل العامل، تصارع الوقت والطبيعة معاً. الشركة تواصل مراقبتها الدقيقة للشبكة، وتدعو المواطنين للإبلاغ عن أي مشاكل فردية عبر الرقم 933 أو تطبيق الكهرباء.
بينما تعود الحياة لطبيعتها تدريجياً، يبقى السؤال الأهم معلقاً في الأذهان: هل تكفي الاستعدادات الحالية لمواجهة العواصف القادمة التي قد تكون أشد قسوة؟ الخبراء ينصحون بضرورة الاحتفاظ بمصابيح الطوارئ وأجهزة احتياطية، فالطبيعة لا تحذر قبل أن تضرب، والاستعداد هو خط الدفاع الأول ضد المجهول.
