حال السعودية

هل يمكن أن يُسلب الإنسان ثقته قبل أمواله؟ قصة عصابة أطاحت بملايين ومصائر في السعودية

هل يمكن أن يُسلب الإنسان ثقته قبل أمواله؟ قصة عصابة أطاحت بملايين ومصائر في السعودية

الرياض - ياسر الجرجورة في الاثنين 29 ديسمبر 2025 10:18 صباحاً - في لحظة واحدة، يتحوّل الأمان إلى فخ، والثقة إلى ثغرة قاتلة، هذه ليست قصة أرقام فقط، بل حكاية أناس صدّقوا الوهم… فدفعوا ثمنه ملايين الريالات وندوبًا لا تُمحى.

ما الذي حدث؟

كشفت مصادر قضائية أن محكمة جزائية في أصدرت حكمًا نهائيًا بحق تنظيم عصابي مكوّن من 11 متهمًا، بينهم 8 سعوديين و3 سودانيين، بعد إدانتهم في سلسلة جرائم منظمة شملت السلب، والاحتيال المالي، والتزوير، والنصب، واحتجاز ضحايا بالقوة، إضافة إلى غسل الأموال.

وقضت المحكمة بسجن أفراد العصابة ما مجموعه 155 سنة، موزعة وفق أدوار كل متهم، مع درء عقوبة القتل لعدم توافر موجبها، وصادقت محكمة الاستئناف على الحكم ليصبح باتًا ونهائيًا.

وبحسب المعلومات، استولت العصابة على نحو 40 مليون ريال من ضحاياها، بينهم مشرف سابق في المنتخب، وشاعر وأديب سعودي، وعضو شرف في نادٍ جماهيري كبير، إضافة إلى امرأة كفيفة وعدد من الضحايا الآخرين.

تفاصيل الصدمة: كيف نُفّذت الجرائم؟

اعتمد زعيم العصابة على صناعة صورة زائفة لرجل أعمال ثري، فاستأجر شاليهًا فاخرًا على البحر بمليون ريال سنويًا، واستخدم سيارات فخمة، وأرقام هواتف مميزة، ومكاتب وساطة عقارية كواجهة لتمرير صفقاته الوهمية.

ومن بين الوقائع، سرقة شيك مصرفي من عضو شرف أثناء أدائه الصلاة، والاحتيال على مشرف سابق بالمنتخب بمبلغ 12 مليون ريال، والاستيلاء على 6 ملايين ريال من امرأة كفيفة عبر إقناعها بإصدار وكالة، فضلًا عن عربون صفقة وهمية لشاعر سعودي.

وفي إحدى الجرائم، احتُجز ضحية داخل مسكن على البحر، كُبّلت يداه، وغُطيت عيناه، وأُشهر السلاح في وجهه، لإجباره على تسليم شيك بملايين الريالات مقابل عقار غير موجود.

مسيار وسوابق و250 دليلًا

التحقيقات التي قدمتها النيابة العامة كشفت أن زعيم العصابة «مسجل خطر» وصادر بحقه أوامر قبض سابقة، وقدّمت النيابة نحو 250 دليلًا وقرينة، شملت اعترافات وأدلة رقمية ومستندات ثابتة.

وأقرت زوجته، التي ارتبط بها بزواج مسيار وتعمل كوافيرة، بأنها استُخدمت غطاءً لنشاطه الإجرامي، فيما تنوعت أدوار باقي المتهمين بين تمرير شيكات، واحتجاز، ومشاركة مباشرة في النصب وغسل الأموال.

العقوبات: كلٌ بحسب دوره

تنوعت الأحكام بين السجن والمنع من السفر والغرامات، أبرزها:

  • سجن زعيم العصابة 25 سنة ومنعه من السفر 25 عامًا.

  • سجن زوجته 13 سنة وغرامة 100 ألف ريال.

  • أحكام بالسجن تراوحت بين 8 و18 سنة بحق باقي المتهمين، مع الإبعاد للمقيمين، ومصادرة الأموال والأسلحة، وإلغاء شرائح الهواتف المستخدمة في الجرائم.

ماذا يعني ذلك للناس؟

هذه القضية تذكير قاسٍ بأن الاحتيال لم يعد ساذجًا أو مباشرًا، بل صار يرتدي أقنعة الثراء والعلاقات والنفوذ، كما تؤكد أن الثقة غير المحسوبة قد تكون أخطر من أي مخاطرة مالية، وأن العصابات باتت تستهدف شخصيات معروفة وأفرادًا ضعفاء في آنٍ واحد.

سؤال مفتوح

الحكم صدر، والملف أُغلق قضائيًا… لكن السؤال الذي يبقى:

كم من الضحايا لم يكتشفوا بعد أنهم وقعوا في فخ “بيع الوهم”؟ وهل تكفي الأحكام الرادعة وحدها، أم أن الوعي هو خط الدفاع الأول قبل فوات الأوان؟

Advertisements

قد تقرأ أيضا