الرياض - ياسر الجرجورة في الاثنين 8 ديسمبر 2025 11:49 صباحاً - في تطور مثير يُعيد تعريف معنى الإرادة والصمود، حققت المعاهد التقنية اليمنية نسبة نجاح صادمة بلغت 82.50% من إجمالي 3,718 طالباً وطالبة، في إنجاز يُكتب بماء الذهب وسط ظروف استثنائية تشهدها البلاد. هذا الرقم ليس مجرد إحصائية، بل معجزة حقيقية تحققت في أرض تقاوم منذ سنوات، حيث استطاع 2,974 طالباً وطالبة أن يحولوا التحدي إلى انتصار، والمعاناة إلى أمل متجدد.
عيدروس غالب حسان الحاجبي من المعهد التقني الصناعي حدة، لم يكن يتوقع أن يصبح اسمه على كل لسان عندما حقق 74.72% ليتربع على عرش الثانوية المهنية على مستوى الجمهورية. "كنت أدرس تحت ضوء الشموع أحياناً، لكن الحلم كان أقوى من كل التحديات"، يروي عيدروس وعيناه تلمعان بالفخر، بينما تقف والدته فاطمة إلى جانبه وهي تمسح دموع الفرح: "كل ليلة كنت أدعو الله أن يوفقه، واليوم أرى الدعاء يتحقق أمام عيني". إلى جانبه، حقق ماجد فؤاد علي يوسف الشوافي من المعهد المهني الصناعي الدريهمي إنجازاً مماثلاً، ليؤكد أن التميز اليمني لا يعرف المستحيل.
وراء هذه الأرقام المذهلة قصة كفاح طويلة، فقد شملت الاختبارات 60 تخصصاً معتمداً موزعة بين التخصصات التقنية والثانوية المهنية ودبلوم التدريب المهني، في امتحانات شملت 263 مادة نظرية. الدكتور أحمد كليب من وزارة التعليم العالي يؤكد: "هؤلاء الطلاب أثبتوا أن التعليم اليمني كالشعلة التي لا تنطفئ، حققوا نسب نجاح تراوحت بين 81.89% في الدبلوم التقني و87.71% في الثانوية المهنية". هذا الإنجاز يذكرنا بعصور النهضة التعليمية في اليمن، عندما كانت صنعاء وعدن منارات للعلم في المنطقة، لكن الفرق أن هؤلاء الطلاب حققوا التفوق في ظروف أشد قسوة وأكثر تعقيداً.
التأثير الحقيقي لهذا النجاح يمتد إلى ما هو أبعد من الأرقام والنسب، فهؤلاء الخريجون الجدد سيصبحون عماد التنمية في مجالات حيوية مثل الهندسة والصناعة والتكنولوجيا. أحمد محمد، شاب من إحدى المحافظات غير المشمولة في هذا البرنامج، يعبر عن أمنيته: "أتمنى أن تصل هذه الفرص إلينا يوماً ما، فنحن لسنا أقل عزيمة أو طموحاً". الدكتور سالم العولقي، خبير في التعليم التقني، يحذر قائلاً: "هؤلاء الخريجون كنز حقيقي، يجب استيعابهم في سوق العمل والاستثمار في مهاراتهم، وإلا فقدنا فرصة ذهبية لبناء اقتصاد قوي". كما تشير التوقعات إلى أن هذا الجيل الجديد من التقنيين والمهنيين سيساهم في تحسين الخدمات وتطوير الصناعات المحلية بشكل ملحوظ.
وسط أصوات التصفيق في قاعة إعلان النتائج برائحة الورد وأجواء الاحتفال، تبقى الحقيقة الأهم: أن الشباب اليمني أثبت مرة أخرى قدرته على تحويل المعاناة إلى إبداع، والتحدي إلى فرصة. هؤلاء الـ 2,974 خريجاً الجديد يحملون على أكتافهم آمال جيل كامل في مستقبل أفضل، ويرسلون رسالة واضحة للعالم أن اليمن السعيد قادر على استعادة مجده التعليمي والتقني. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستكون هذه النجاحات الباهرة بداية عهد جديد لتوحيد التعليم التقني في كامل التراب اليمني؟
أخبار متعلقة :