ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 14 سبتمبر 2025 11:50 مساءً - يعد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مدرسة متفردة عالمياً في الحكم والإدارة والقيادة وبناء الإنسان وصناعة قادة الغد، وقد أرسى على مدار سنوات طويلة دعائم هذه المدرسة، التي تعتبر مدرسة حياة بامتياز، تتجاوز حدود الإدارة بمعناها الضيق، لتقدم نموذجاً متكاملاً في القيادة الإنسانية، والإدارة المرنة، والحكم الرشيد، من خلال تجربة سموه القيادية، التي جمعت بين الفكر والممارسة، وبين الطموح والواقعية، بين الإنسان والمشروع، فعلى مدار حوالي ستة عقود لم تكن تجربة سموه مجرد سنوات في السلطة، بل كانت رحلة إنسانية وفكرية وإدارية صنعت مدرسة ستبقى ملهمة للأجيال.
وشكل نهج سموه في الإدارة والقيادة منارة تنهل منها الأجيال مبادئ التميز، وتستقي منها مفاتيح الوصول إلى المراكز الأولى في شتى المجالات، وتخرج أجيالاً من القادة، فالمتابع لمسيرة سموه يدرك تماماً أنها لم تكن مجرد ممارسة للسلطة أو إدارة للشأن العام، بل تجربة متكاملة قدمت نموذجاً في الجمع بين الرؤية الاستراتيجية والإدارة المرنة، بين الحزم في اتخاذ القرار والرحمة في التعامل مع البشر، وبين الطموح الذي لا يعرف حدوداً والواقعية التي تتعامل مع التحديات بذكاء ومرونة.
وتعتبر تجربة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قصة إلهام للأجيال، وتجربة إنسانية وتنموية استثنائية، تستحق التأمل والدراسة، فهي قصة تُجسد كيف يمكن لرؤية واضحة وقلب نابض بالإنسانية أن يغيرا ملامح مجتمع، ويصنعا نموذجاً عالمياً في الريادة والنهضة، وتجربة جسدت أن القيادة الحقيقية تبدأ من الإيمان بالإنسان، وإن النهضة لا تُقاس في التطور في البنى التحتية، بل بما يُبنى في النفوس من أمل، وما يُزرع في العقول من معرفة، وما يُغرس في القلوب من إنسانية. وبذلك تبقى رسالة سموه خالدة في وجدان أفراد المجتمعات، والتي تنطلق من أن خدمة الناس هي أسمى أشكال الحكم، وأن القائد الملهم هو الذي يترك أثراً في حياة البشر، قبل أن يترك بصمته على جغرافيا المكان.
ورسخت المبادرات الإنسانية والمجتمعية لسموه، العمل الخيري والعطاء منظومة عمل مستدامة، وعكست الوجه الحضاري والإنساني لدولة الإمارات، وأسهمت في تحسين جودة الحياة داخل وخارج الدولة، للملايين الذين استفادوا من مختلف مبادرات سموه الإنسانية، وجسدت إرث العطاء الخيري والإنساني لدولة الإمارات في العالم، ورسخت مكانة الدولة، التي باتت أكثر الدول مساهمة في العطاء الإنساني، وصاحبة الأيادي البيضاء الأسرع وصولاً والأكثر تأثيراً في مختلف ميادين العمل الإنساني العالمي.
وبلغ حجم إنفاق مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية لعام 2024، الأكبر من نوعها في المنطقة في مجال العمل الخيري والإنساني والإغاثي والمجتمعي، أكثر من 2.2 مليار درهم، أحدثت أثراً إيجابياً في حياة نحو 149 مليون مستفيد، في 118 دولة حول العالم.
رؤية تنموية
وأدرك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، منذ بداية مسيرته في العمل العام، أن الإنسان هو محور التنمية وغايتها. لذلك، لم تكن مشاريعه مجرد أبراج شاهقة، أو بنى تحتية متقدمة، بل كانت قبل كل شيء استثماراً في الإنسان، في تعليمه وصحته، وفرصه في الحياة، وحلمه بمستقبل أفضل، وجسد ذلك في عبارته الشهيرة: «غايتنا هي بناء الإنسان قبل بناء العمران».
ويحرص سموه على نشر ثقافة العطاء والعمل الخيري من الإمارات إلى العالم، من خلال رؤية تسعى إلى تطوير العمل الإنساني والإغاثي والمجتمعي في صيغة أكثر تكاملية، ووفق منظومة تتبنّى صناعة الأمل ثقافة وفكراً استراتيجياً وعملاً مستمراً، يتم تجسيده بشكل واقعي على الأرض، إذ ينظر سموه إلى القيادة على أنها رسالة ومسؤولية، وليست امتيازاً أو سلطة، فخلال ما يقارب 6 عقود، رسّخ سموه أسلوباً في الحكم، يعتمد على القرب من الناس، والاستماع لهم، وإشراكهم في صناعة المستقبل. لذلك، أصبح نموذج «حكومة دبي» علامة فارقة في الإدارة الحكومية القائمة على الكفاءة والشفافية والسرعة في الإنجاز، مع وضع سعادة الناس في صميم السياسات العامة.
خدمة الإنسانية
وامتدت تجربة سموه إلى الإنسانية جمعاء، عبر مبادراته العالمية، ولم تقتصر على الداخل الإماراتي، فأطلق سموه «مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية»، التي قدمت دعماً لملايين البشر في مختلف أنحاء العالم. كما أسس «مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، التي تُعد من أكبر المؤسسات الإنسانية في المنطقة، وتهدف إلى محاربة الفقر، ودعم التعليم، وتمكين الشباب، ومكافحة الأمراض، وترسيخ ثقافة الأمل.
حجر الأساس
ويأتي التعليم أحد أبرز الأولويات، إيماناً من سموه بأنه السلاح الأقوى لمواجهة تحديات المستقبل. فإلى جانب تطوير التعليم داخل الدولة، أطلق سموه مبادرات عالمية، مثل «تحدي القراءة العربي»، الذي أصبح أكبر مشروع معرفي في المنطقة، واستطاع أن يُعيد لملايين الطلاب شغفهم بالكتاب والمعرفة. كما دعم البحث العلمي والابتكار، إيماناً من سموه بأن المجتمعات لا تنهض إلا بعقول أبنائها.
وفي الأزمات والأحداث الكبرى، كان الجانب الإنساني في شخصية سموه هو الأوضح، إذ يعرف العالم أجمع استجابة سموه لتقديم يد العون لشعوب العالم التي تتعرض لأزمات وكوارث، سواء عبر إرسال المساعدات، أو إطلاق المبادرات الإنسانية، ويشكل هذا البعد الإنساني جزءاً أصيلاً من رؤيته بأن الإمارات يجب أن تكون «بيتاً للخير»، وأن مكانتها العالمية تُقاس أيضاً بمدى عطائها الإنساني.
نموذج ملهم
باتت تجربة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، اليوم، وبعد أكثر من نصف قرن من العطاء، مرجعاً عالمياً في القيادة الملهمة، حيث تُظهر كيف يمكن للقائد أن يجمع بين الرؤية الاقتصادية والنهضة العمرانية من جهة، وبين العطاء الإنساني والإيمان بالإنسان من جهة أخرى، عبر مواصلة مسيرة العطاء والعمل الخيري اللامحدود، لسموه، في ترسيخ العطاء نهجاً إنسانياً مستداماً، يعزز جودة الحياة للمحرومين، ويعكس الصورة الحضارية لدولة الإمارات، التي تحتل مكانة عالمية مرموقة في خارطة العمل الإنساني العالمية.