حال الكويت

الحاكم القادم... يفوز باختبار الشعبية

  • الحاكم القادم... يفوز باختبار الشعبية 1/3
  • الحاكم القادم... يفوز باختبار الشعبية 2/3
  • الحاكم القادم... يفوز باختبار الشعبية 3/3

كتب ناصر المحيسن - الكويت في الخميس 16 أكتوبر 2025 09:11 مساءً - تنشر «الراي» الحلقة الثالثة من كتاب «الشيخ أحمد الجابر الصباح... نشأته وأحداث عهده وإنجازاته» للمؤلف علي غلوم الرئيس، الذي يُقدّم صورة شاملة عن الحياة في الكويت خلال حكم الشيخ أحمد الجابر الصباح، حاكم الكويت العاشر، مدعومة بالوثائق والصور التي تنشر للمرة الأولى.

وتتطرق الحلقة الثالثة من الكتاب إلى رحلة عودة الشيخ أحمد الجابر والوفد المرافق له من رحلة لندن بعد تقديم التهاني لبريطانيا بمناسبة النصر في الحرب العالمية الأولى، حيث مرّوا بالقاهرة وأجرى خلالها الشيخ أحمد لقاء صحافياً كشف بعض ملامح الحكم في تلك الفترة بالكويت.

وتتناول الحلقة دور الشيخ أحمد الجابر، في معركة الجهراء، أكتوبر عام 1920، عندما خرج الشيخ سالم الصباح إلى الجهرة وعَهِدَ إليه بإدارة شؤون الكويت، حيث وصف الحالة في المدينة مع تواتر أخبار المعركة وخوف الناس، «وقف شاب في مقتبل العمر هو الشيخ أحمد بن المرحوم الشيخ جابر والمرشح في ذلك الحين لولاية الحكم، يرد على أسئلة الناس المحيطين به بهدوء وثقة بالنفس كبيرة توحي بالاطمئنان».

مغادرة لندن عبر القاهرة

وفي 7 نوفمبر 1919، أبحر جميع أعضاء الوفد عائدين إلى الوطن، وكان الجو سيئاً، ولم يكن أحمد مسروراً من الرحلة بالبحر بسبب رداءة الجو، وفي الحقيقة لم يكن هناك يوم هادئ في الرحلة من غلاسكو إلى الكويت. وفي 21 من نوفمبر وصل إلى الإسكندرية واستقبله ممثلو الحكومة، وجعل الزوار يطوفون بالمدينة ويزورون ما يستحق الزيارة، وبعد ذلك زار أحمد وحاشيته القاهرة، وقد أقاموا في فندق شبرد الشهير.

وفي القاهرة، شاهدوا المتحف وشاهدوا المومياوات الخاصة بقدماء المصريين وأعجبوا بها كثيراً، ووقفوا أمامها يتأملون ويفكرون كثيراً. كما زاروا مسجد محمد علي والقلعة، وكذلك جامع الأزهر، وقابلوا سلطان مصر، بالإضافة إلى حفل استقبال على شرف الشيخ أحمد أقامه له المكتب العربي.

وفي 27 من نوفمبر، غادر أحمد ورفاقه القاهرة إلى السويس، حيث ركبوا سفينتهم من هناك، إلا أنها تأخرت، وقد قضوا ليلة أخرى في الفندق، وأخيراً في 15 من ديسمبر وصلت السفينة الصغيرة إلى ميناء الكويت، وحيّتها بطارية الشيخ سالم بإطلاق المدافع 5 طلقات، وكانت البلدة (مدينة الكويت) مزدانة مثلها في ذلك مثل اللنش الذي استقبل أحمد في الميناء، وكان الشاطئ مزدحماً، وهذا يدل دون شك على أن أحمد له شعبيته... وبالتأكيد وصوله إلى الكويت بعد غياب عدة أشهر كان اختباراً لشعبيته.

معركة الجهراء

عندما خرج الشيخ سالم الصباح إلى الجهراء، في أكتوبر 1920، عَهِدَ بإدارة شؤون الكويت إلى ابن أخيه أحمد الجابر، وأوصاه باستشارة رجال الدين وأعيان الكويت في ما يحدث من الأزمات.

يقول الدكتور ستانلي ميلري: كان التوتر يسود الكويت، فمنذ الثامن من أكتوبر (1920م) بدأ الإخوان يحشدون قواتهم على مقربة من الجهراء، وكان الشيخ سالم مع جيشه هناك. وبينما كنت أتناول الشاي مع زوجتي في شرفة منزلنا في الصباح الباكر، سمعنا صوت الرصاص من الجهراء، وامتلأ الجو بالاشاعات المتناقضة، وأصاب الجميع حالة من الهياج وهُرعُوا إلى بوابات السور لأخذ أماكنهم ومساندة المدافعين عنه، وكانوا مسلحين ببنادق من طراز «موزر» «ومارتيني»، وكانت الذخيرة متوافرة بكثرة، وكان يحمل بعضهم السيوف والمسدسات.

يتابع الدكتور ميلري: زارنا بعد الظهر المعتمد البريطاني الميجور مور، وقال إنه سمع بأن الشيخ سالم محاصرٌ في قلعة الجهراء، وأنه معرض للخطر الشديد، وبعد حديث قصير أخذني بسيارته إلى بوابة السور الرئيسية، وكان الشيخ أحمد ولي العهد هناك، وأكد لنا أن كل شيء على ما يرام، وأنه لا داعي للقلق، ولكن المشهد الذي شاهدناه لا يدل على التفاؤل، فقد كان اللاجئون من منطقة الجهراء يتدفقون على البوابة، عائلات بكاملها مع أمتعتها المنزلية وجِمالها وحميرها وكلابها.

وكانت بعض الجِمال تأبى الدخول من البوابة لعدم تعودها على ذلك، وكان الشيخ أحمد يوجه الأسئلة إلى القادمين، ولكني لم أفهم منهم شيئاً، لأنهم كانوا يتكلمون دفعة واحدة. وفي هذه الأثناء وصل خيالة الشيخ سالم ومعهم بعض الجرحى، وفي المساء تبيّن لنا أنَّ الشيخ سالم معظم قواته محاصرون داخل القلعة ولديه مؤن كثيرة إنما الماء شحيح ومالح، وبدا الوضع ميئوساً منه.

دفاع عن السور

يواصل الدكتور ميلري، حديثه عن ذلك اليوم: وبينما كنت أنا وزوجتي نتناول طعام العشاء بعد غروب الشمس، سمعنا صراخاً وعويلاً من الجانب الشرقي من المدينة، وكانت الإشاعات بأن الإخوان دخلوا المدينة، فاتصلت بالمعتمد السياسي بالهاتف (هاتف خاص) فأخبرني أَنَّ بعضَ الفارين من المعركة وصل إلى إحدى البوابات وظنهم الحرس من الإخوان، وتبادلوا معهم إطلاق النار، ثم انكشفت الحقيقة.

وفي صباح العاشر من أكتوبر، سمعت وزوجتي أصوات الرصاص وتبادل إطلاق النار من جهة الجهراء، ولما تطلعنا صوب شاطئ البحر بعد قليل قيل لنا إن كل رجل في المدينة قادر على حمل سيف أو بندقية أو مسدس، قد اتجه مع غيره من الأبطال المدافعين إلى السور، كان منظرهم رائعاً بثيابهم البيضاء القصيرة وأحزمة الخرطوش تزين صدورهم، وعلى رؤوسهم الكوفيات البيضاء والعقالات السوداء. وعند ظهر ذاك اليوم وصل إلى بيتي الكولونيل مور للتشاور معي، وكان غريباً أن الشيخ سالم لم يطلب في هذا الوقت العصيب المشحون بالخطر أي مساعدة من بريطانيا.

ثقة الشيخ أحمد

يضيف الدكتور ميلري: توجهت والكولونيل مور إلى بوابة السور، لنجد الفوضى العارمة والرجال في هياج كبير، بينما وقف شاب في مقتبل العمر هو الشيخ أحمد بن المرحوم الشيخ جابر، والمرشح في ذلك الحين لولاية الحكم، يرد على أسئلة الناس المحيطين به بهدوء وثقة بالنفس كبيرة توحي بالاطمئنان.

كانت تلك الجموع في حالة لا توصف من الفزع والرعب، ما دعاني والكولونيل إلى التوقف هناك لمراقبة اللاجئين إلى المدينة هرباً من الصحراء، ومع وصول كل قادم جديد تتعالى الأصوات ويرتفع الصراخ من الواقفين هناك مستفسرين متسائلين. بعض القادمين قطع المسافة من الجهراء إلى الكويت مشياً على الأقدام، وكثيرون منهم جاءوا بالنساء والأطفال والمرضى من ذويهم على ظهور الجمال أو الدواب، بينما حملوا ما لديهم من متاع على الحمير والجمال التي كانت تقودها فتيات صغيرات يجدن صعوبة في إناخة الجمال بأحمالها لتعبر البوابة.

وصل بعد قليل عدد من الخيالة يحملون الأخبار إلى الشيخ أحمد، قالوا إن خيالة الشيخ سالم قد تشتتوا في الصحراء على أيدي قوة كبيرة من الأعداء، فهربوا ملتجئين إلى القلعة حيث هم في الوقت الحاضر ضمن طوق يحاصرهم، وليس لديهم من مياه الشرب المالحة سوى القليل.

فك الحصار

ويتابع الدكتور ميلري: لدى سماعي هذه الأخبار عدت إلى البيت، وفي الساعة الثانية بعد الظهر بدأت الحمالات ترد إلى المستشفى حاملة الجرحى من فرسان الحامية المحاصرة. وفي اليوم التالي عرفنا أن نجدة وصلت إلى رجال الشيخ سالم في قلعة الجهراء. حمولة زورق بخاري كاملة من الرجال المسلحين وصلت من الكويت ونزلت على مقربة من مكان المعركة، ما أتاح للشيخ سالم أن يفك الحصار ويخرج برجاله من القلعة ويمسك بزمام المبادرة في القتال.

ازدحم المستشفى عندي بالجرحى، وهب كبار أهل المدينة إلى مساعدة الإرسالية بما قدموا من مال ولوازم، ولقد علمنا في ما بعد أن الجرحى من جانب العدو كانوا يتساقطون لانعدام العناية الطبية، هذا في الوقت الذي لم يمت فيه من المئة والعشرين جريحاً كويتياً سوى أربعة فقط.

كان يشوب الفرح، الذي يسيطر على القلوب إثر معركة الجهراء، شعور قوي بأن العدو سوف يعاود الكرة، وهناك احتمالات كثيرة في نجاح أي محاولة يقوم بها العدو. وكان هذا ما حصل في الواقع، إذ لم يمض سوى أسبوع واحد، حتى وصل رسول خاص يحمل رسالة كانت عبارة عن إنذار نهائي، فاستدعى الأمير كبار الكويتيين إلى مجلس لبحث تطورات الموقف، واستطاع هؤلاء أن يقنعوه بطلب المساعدة البريطانية.

في لقاء مع صحيفة «الكوكب» المصرية بالقاهرة العام 1919

أحمد الجابر: لا يوجد حاجز بين الأمير وشعبه... بابه مفتوح للمظلومين كافة

- الإنكليز لا يتدخلون في شؤوننا... وعندما يُخالفون القانون يُحاكمون مثل أي أجنبي

- في بلادنا الأمير له مجلس من الوجهاء يأخذ بمشورته قبل اتخاذ أي قرار

- مصادر إيراداتنا في الكويت الماشية وأشجار النخيل ورسوم الجمارك وممتلكاتنا في البصرة

أجرى رئيس تحرير الكوكب المصرية الشيخ القلقيلي، مقابلة مع الشيخ أحمد الجابر الصباح، في أثناء وجوده في القاهرة العام 1919.

وفي ما يلي ما دار من حديث بينهما:

• لقد جرت العادة يا صاحب الفخامة، بعد إجراء مقابلة شخصية عظيمة بغرض نشر تفاصيلها وما دار فيها، أخذ موافقة فخامتكم، فهل تسمح بذلك؟

- لا مانع من ذلك.

• ما طبيعة الزيارة التي قمتم بها إلى إنكلترا واستقبالكم من قبل الملك؟ وهل تعتقدون أن هذه الزيارة مفيدة لبلادكم؟

- لقد أظهر البريطانيون وحكومتهم خلال الزيارة اهتماماً كبيراً، ولا يمكن أن ننسى الاستقبال الذي حظينا به من الملك الذي اتصف بالتعاطف والمودة، وكبرهان على ذلك، فإنني أنقل كلمات الملك بالحرف الواحد: إذا عانيتم من أي عمل خاطئ، فما عليكم إلا أن تبرقوا لي مباشرة، وعندها سأتولى بنفسي النظر في شكواكم. أما بالنسبة إلى نتائج الزيارة، فإننا نتوقع أنها ستعزز روابط الصداقة بين بلدنا والحكومة البريطانية وإننا لا نتوقع أي نتائج أخرى.

• ما شكل العلاقات القائمة بين بلادكم والإمبرطورية البريطانية؟ وهل هي جيدة أم لا؟

- تتسم علاقتنا بالتعاطف والمودة، لذا فإنها جيدة.

• هل توجد هناك أي قوات بريطانية في الكويت؟

- الكويت تحت الحماية البريطانية، وهذه الحماية خارجية فقط، ولا توجد في بلادنا قوات إنكليزية أو أسلحة.

• هل يتدخل الإنكليز في شؤونكم الداخلية؟

- كلا، كلا، إنهم لا يتدخلون فلا يوجد عندنا مثلما يوجد هنا في مصر وفي الأقطار التي كانت تابعة للأتراك، حق حصانة الأجانب من القضاء والمحاكم الوطنية في الداخل. فالأجانب، وحتى الإنكليز عندما يخالفون القانون فإنهم يُحاكمون في محاكمنا ولا يستثنون من ذلك.

• ما الظروف السائدة والأوضاع الحالية في بلادكم؟

- يسودها الأمن والعدل.

• كيف يتم تشكيل الحكومة في بلادكم؟

- تتألف الحكومة من الأمير ومجلسه وقاضي الشرع، فالأمير لا ينظر ويقرر في القضايا مهما كانت صغيرة أو كبيرة، دون أن يستدعي مجلسه للاجتماع الذي يضم وجهاء الدولة، ويأخذ بمشورتهم، ومن ثم يتصرف بناءً على قرار ذلك المجلس، وإذا ما كانت القضية «تقليدية»، فإنه يتم حلها استناداً إلى التقاليد، وإذا كانت قانونية، فالقاضي يعطي قراره استناداً إلى الشريعة الإسلامية. ولا يوجد هناك حاجز بين الأمير وشعبه، فبابه مفتوح للمظلومين كافة، وهو صارم في إصدار أوامره للنظر في القضية وإنصاف المظلوم.

• كيف حال الزراعة في بلادكم؟

- ضعيفة جداً.

• والتعليم؟

- هناك عدد من المدارس الابتدائية الصغيرة «الكتاتيب» في الكويت، التي تقوم بتدريس وتعليم القرآن وحكمة الكلمة فيه وجامعة كبيرة (المقصود المدرسة المباركية الوحيدة وقتها في الكويت) تقوم بتدريس الدراسات الدينية، وهذا العالم.

• وما مصادر الإيرادات للحكومة الكويتية؟

- الماشية وأشجار النخيل ورسوم الجمارك وممتلكاتنا في البصرة.

• هل هناك جيش نظامي في البلاد؟

- نعم هناك جيش نظامي وجيش من البدو أيضاً ولديهم أسلحة ذات كفاءة.

Advertisements

قد تقرأ أيضا