حال المال والاقتصاد

هزة اليورو وعزلة ماكرون.. «القنبلة الموقوتة» في الاقتصاد الفرنسي

هزة اليورو وعزلة ماكرون.. «القنبلة الموقوتة» في الاقتصاد الفرنسي


ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 12 أكتوبر 2025 06:54 مساءً - هبط اليورو وسوق الأسهم في باريس، في الوقت الذي تشهد فيه فرنسا أعمق أزمة سياسية منذ سنوات، وهي أزمة تتجاوز حدود البرلمان، لتلقي بظلالها القاتمة على أحد أكبر اقتصادات منطقة اليورو. إن التجاذبات المستمرة بين الرئيس إيمانويل ماكرون والبرلمان المشظى، والذي لا يملك فيه أي طرف أغلبية حاكمة، تهدد ليس فقط مصير الحكومة الفرنسية، بل مصداقية البلاد المالية وثقة المستثمرين الدوليين.

صدمة الأسواق
في قلب الأزمة السياسية تتفاعل الأسواق المالية بحذر وقلق متزايد، حيث شهدت الأسهم الأوروبية تراجعاً، وقادت الأسهم الفرنسية هذا الهبوط، خصوصاً بعد استقالة رئيس الوزراء الأخيرة (سيباستيان لوكورنو أو من سبقه)، ما يعكس مخاوف المستثمرين من شلل الحكومة، وعدم قدرتها على تنفيذ الإصلاحات، كما أن اليورو (EUR) تأثر بالغموض السياسي، ما زاد من رهانات الهبوط في عقود الخيارات قصيرة الأجل.

ارتفاع تكلفة الاقتراض
ارتفاع تكلفة الاقتراض (عوائد السندات) تعتبر النقطة الأكثر خطورة، حيث ارتفعت العوائد على السندات الحكومية الفرنسية لأجل عشر سنوات، ووصلت الفروق بينها وبين السندات الألمانية إلى أعلى مستوياتها في سنوات، هذا يعني أن المستثمرين أصبحوا يرون أن إقراض الحكومة الفرنسية أصبح أكثر خطورة، وتجبر فرنسا الآن على دفع فوائد أعلى على ديونها مقارنة بدول أخرى.
وزادت الأزمة السياسية الحالية من الضغط على وكالات التصنيف الائتماني، التي خفضت بالفعل التصنيف الائتماني لفرنسا. إن استمرار الجمود يهدد بمزيد من التخفيضات، ما سيؤجج أزمة الديون، ويجعل الاستثمار في البلاد أكثر كلفة ومخاطرة.

جذور الأزمة الاقتصادية والسياسية
الاضطراب الحالي ليس وليد اللحظة بل هو نتيجة لعوامل هيكلية عميقة، حيث تعتبر فرنسا «رجل أوروبا المريض» مالياً. ارتفع الدين العام إلى مستويات مقلقة (حوالي 114-116% من الناتج المحلي الإجمالي)، وعجز الميزانية يفوق بكثير الحد الأوروبي الرسمي (3%)، حيث بلغ نحو 5.8% في عام 2024، هذه الأرقام هي حصاد الإنفاق الحكومي المفرط، الذي يعد الأعلى في أوروبا.

الشلل البرلماني
يعيش البرلمان حالة من التشرذم والانقسام الحاد، منذ انتخابات 2024. لا يملك الرئيس ماكرون أغلبية مطلقة، ما جعل تمرير الموازنات وخطط الإصلاح الاقتصادية (مثل خطط التقشف لكبح الدين العام) أمراً مستحيلاً، وأدى إلى سقوط الحكومات بسرعة،
فيما يواجه الرئيس الفرنسي ماكرون وضعاً صعباً للغاية، فبعد فشل حكومته الأخيرة أصبح محاصراً سياسياً، وتطالبه المعارضة اليمينية واليسارية على حد سواء بحل البرلمان أو حتى بالاستقالة. هذه العزلة تترجم إلى فقدان للثقة بقدرة الإليزيه على إرساء الاستقرار.

Advertisements

قد تقرأ أيضا