ابوظبي - ياسر ابراهيم - السبت 18 أكتوبر 2025 11:46 مساءً - تحركت الأسواق العالمية بين موجات من التفاؤل والحذر خلال أسبوع حافل بالأحداث السياسية والاقتصادية، وسط تزايد الضبابية بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي وتوجهات السياسات النقدية، وتجدد المخاوف من موجة عنيفة من الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وبينما تواصل الحكومات والبنوك المركزية التعامل مع تحديات النمو والتضخم، أدت التطورات السياسية في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا دوراً محورياً في توجيه بوصلة المستثمرين عبر مختلف الأصول.
ورغم تعدد مصادر القلق، بدءاً من مخاطر الإغلاق الحكومي في واشنطن، مروراً بالتقلبات في أسواق الطاقة، وصولاً إلى الضغوط الائتمانية المتزايدة، فإن شهية المستثمرين للمخاطرة ظلت قائمة، مدفوعة بتوقعات متباينة حول أرباح الشركات ومسار أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة. وقد انعكست هذه الحالة من الموازنة بين الحذر والطموح على أداء الأسواق، التي أظهرت تفاوتاً واضحاً بين مؤشرات الأسهم والسلع.
في المقابل، اتجهت الأنظار نحو الملاذات الآمنة مع التوترات الجيوسياسية وتبدد بعض مؤشرات الثقة في استقرار النظام المالي العالمي، ليعود الذهب إلى واجهة المشهد مدعوماً بموجة شراء قوية من المؤسسات والمستثمرين الأفراد على حد سواء.
أسبوع إيجابي
ورغم الضغوطات المتزامنة، ما بين الإغلاق الحكومي والمخاوف بشأن البنوك الإقليمية، وكذلك الشكوك التي أثارها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن العلاقة مع الصين وتجدد الحرب التجارية قبل أن يتراجع عن حدته لاحقاً، اختتمت المؤشرات الأمريكية أسبوعاً إيجابياً.
وارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي إلى مستوى 46190.61 نقطة مقابل 45479.60 نقطة في الأسبوع السابق، مسجلاً زيادة نسبتها 1.56 %. كما صعد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6664.01 نقطة مقارنة بـ6552.51 نقطة، بارتفاع 1.70 % خلال الأسبوع. أما مؤشر «ناسداك»، الذي تهيمن عليه شركات التكنولوجيا، فكان الرابح الأكبر بعد أن أغلق عند 22679.98 نقطة مقابل 22204.43 نقاط، ليحقق مكاسب أسبوعية بلغت 2.14 %.
وتعكس المكاسب الجماعية استمرار الزخم في الأسهم الأمريكية، مع تركيز المستثمرين على موسم نتائج أعمال الشركات الكبرى، لا سيما بعد نتائج البنوك الرئيسية القوية. وتباين أداء شركات التكنولوجيا الكبرى هذا الأسبوع، لتقفز أسهم تسلا بأكثر من 6 %، كما ارتفعت أسهم أبل بنحو 3 % تقريباً، وصعدت ميتا بنحو 1.5 %، لكن على الجانب الآخر سجلت أمازون تراجعاً نسبته 1.5 %، وانخفضت أوراكل بأقل من 1 %، وقدمت إنفيديا أداء مستقراً.
تراجع المعنويات
ومع تمدد مخاوف الضغوط المرتبطة بمؤشرات أزمة ائتمانية بالولايات المتحدة، كانت الأسواق الأوروبية تحت الضغط هذا الأسبوع، مع تراجع معنويات المستثمرين، واتجاههم لأصول الملاذات الآمنة، وعلى رأسها الذهب، وسط مراقبة حذرة للتطورات الاقتصادية العالمية وتقييم الفرص والمخاطر.
لكن المؤشر الأوروبي «ستوكس 600» استطاع التماسك نسبياً، محققاً مكاسب أسبوعية بنسبة 0.4 % منهياً التعاملات عند مستوى 566.24 نقطة، مقابل 564.16 نقطة الأسبوع الماضي. وتراجع المؤشر الألماني «داكس» بنسبة 1.69 % منهياً التعاملات الأسبوعية عند النقطة 23830.99، مقارنة مع إغلاقه الأسبوع الماضي عند 24241.46 نقطة.
أما المؤشر الفرنسي «كاك» فقد حقق أفضل أداء بين نظرائه مرتفعاً بنسبة 3.24 %، مدفوعاً بالتطورات السياسية التي شهدتها البلاد أخيراً، ومع نجاة رئيس الوزراء من تصويت بحجب الثقة. وقد أغلق المؤشر عند مستوى 8174.20 نقطة مقارنة مع 7918.00 نقطة الأسبوع الماضي، بينما انخفض المؤشر البريطاني «فوتسي 100» بنحو 0.77 % إلى النقطة 9354.57، مقارنة مع 9427.47 لدى إغلاق الأسبوع الماضي.
تراجع
وفي طوكيو، سجل مؤشر «نيكاي» الياباني خسائر أسبوعية بنحو 1 % منهياً التعاملات عند مستوى 47582.15 نقطة، مقارنة مع 48088.80 نقطة عند إغلاق الأسبوع الماضي، وذلك بعد أن ألمح محافظ بنك اليابان إلى احتمال رفع أسعار الفائدة في أكتوبر.
خسائر للنفط
وسجلت أسعار النفط خسائر أسبوعية بأكثر من 2 % بعد إعلان وكالة الطاقة الدولية عن توقعاتها بفائض متزايد في المعروض. كما تترقب الأسواق انفراجة في الملف الروسي الأوكراني، بما يخفف من مخاوف الأسواق نسبياً، وذلك بعد الكشف عن اجتماع مرتقب جديد بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت إلى 61.29 دولاراً للبرميل عند التسوية يوم الجمعة، مقارنة مع 62.73 دولاراً للبرميل بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي. كما تراجعت العقود الآجلة للخام الأمريكي إلى 57.54 دولاراً للبرميل، مقارنة مع 58.9 دولاراً للبرميل بنهاية الأسبوع الماضي.
ورفعت وكالة الطاقة الدولية في أحدث تقاريرها توقعاتها لفائض المعروض بمقدار 3 ملايين برميل يومياً مقارنة بتقديرات سابقة عند 2.7 مليون برميل يومياً. وفي إطار سعيه لإجبار روسيا على القبول بصيغة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، واصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الضغط على الهند للتوقف عن شراء الغاز الروسي، قبل أن يعلنها رسمياً يوم الجمعة بأن «الهند لن تقدم على شراء النفط من موسكو من الآن».
الذهب يواصل مكاسبه
وواصل الذهب مكاسبه الأسبوعية ليستقر فوق مستويات الـ4200 دولار للأونصة بنهاية تعاملات الأسبوع، مسجلاً نمواً بنسبة تقارب 5 % هذا الأسبوع. وكان المعدن الأصفر قد سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 4378.69 دولاراً للأونصة يوم الجمعة، قبل أن يتراجع عن هذا المستوى. وكان قد اخترق حاجز الـ4300 دولار للأونصة للمرة الأولى يوم الخميس.
وجاءت مكاسب الذهب هذا الأسبوع مدعومة بتزايد الإقبال عليه بوصفه ملاذاً آمناً في ظل حالة عدم اليقين التي تسيطر على المشهد الاقتصادي العالمي، وسط تصاعد المخاوف من تباطؤ النمو. ومع استمرار التحديات الجيوسياسية وارتفاع مستويات الدين العالمي، عزز المستثمرون مراكزهم في الأصول الآمنة، ليظل المعدن الأصفر الوجهة المفضلة للتحوّط من تقلبات العملات والتضخم، ما منح الأسعار زخماً إضافياً نحو مستويات قياسية جديدة.
