حال المال والاقتصاد

«بنك التسويات الدولية» يحذّر من «فقاعة مزدوجة» في الذهب والأسهم

«بنك التسويات الدولية» يحذّر من «فقاعة مزدوجة» في الذهب والأسهم


ابوظبي - ياسر ابراهيم - الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 12:36 مساءً - وجه «بنك التسويات الدولية» ، المؤسسة المالية الدولية مملوكة للبنوك المركزية الأعضاء ، تحذيراته من احتمال تشكّل «فقاعة مزدوجة» في سوقَي الذهب والأسهم، بعدما سجّل المعدن الأصفر والأسواق المالية ارتفاعات متزامنة وغير مسبوقة منذ نحو نصف قرن.
ففي الوقت الذي تواصل فيه الأسهم العالمية صعودها بدعم من طفرة الذكاء الاصطناعي وأسهم التكنولوجيا، قفز الذهب بنحو 60% منذ بداية العام، في أكبر ارتفاع سنوي له منذ عام 1979. هذا الصعود المتسارع يعيد فتح النقاش حول التحوّل المحتمل في الدور التقليدي للذهب الذي لطالما عُدّ ملاذاً آمناً.

وقال هيون سونغ شين، المستشار الاقتصادي ورئيس القسم النقدي والاقتصادي لدى «بنك التسويات الدولية»، خلال عرض التقرير السنوي الصادر الاثنين، إن «الذهب تصرّف هذا العام بطريقة غير معتادة مقارنة بنمطه التاريخي»، مضيفاً أنّ «السلوك اللافت هذه المرة هو أن الذهب أصبح أشبه بأصل مضاربي».
ويشير البنك، المعروف بلقب «البنك المركزي للبنوك المركزية»، إلى أنه لطالما حذّر خلال السنوات الماضية من مخاطر الفقاعات في أسواق الأسهم. غير أنّ التحرك المتزامن للذهب والأسهم يطرح، برأيه، تحدياً مضاعفاً.
وتبرز هنا أسئلة أساسية: إلى أي أصول سيلجأ المستثمرون إذا انهارت الأسهم والذهب معاً؟ وما التداعيات المحتملة على البنوك المركزية ومديري الاحتياطيات، خصوصاً أولئك الذين كثّفوا مشتريات الذهب في الفترة الأخيرة؟
وتخلص تحليلات «بنك التسويات الدولية» إلى أن هذه هي المرة الأولى منذ 50 عاماً التي يظهر فيها الذهب ومؤشر «ستاندرد آند بورز 500» معاً «سلوكاً انفجارياً» في الاتجاه نفسه.
فالذهب لم يقفز فقط 60% هذا العام، بل ارتفع أيضاً بأكثر من 150% منذ عام 2022، وهي فترة اتسمت بارتفاع التضخم بعد الجائحة، واندلاع الحرب في أوكرانيا، والعقوبات الغربية التي تلت ذلك.
ومن بين مؤشرات الفقاعة المحتملة أيضاً التدفقات الضخمة من المستثمرين الأفراد. فقد ظلت أسعار صناديق المؤشرات المتداولة (ETF) المدعومة بالذهب أعلى من صافي قيمة الأصول طوال العام، وهو ما يعكس – بحسب البنك – «ضغوط شراء قوية مقترنة بوجود عوائق أمام عمليات المراجحة».
وأضاف شين أن مشتريات البنوك المركزية «وضعت بلا شك أساساً صلباً لارتفاع أسعار الذهب»، مشيراً إلى أنه «كلما ارتفعت الأسعار، تدافع المزيد من المستثمرين للشراء، بما في ذلك الأفراد، ولم يقتصر ذلك على الذهب وحده».

وفي سياق أوسع، حذّر «بنك التسويات الدولية» من «تنامي هشاشة» بيئة الإقبال على المخاطر، في ظل الشكوك حول تقييمات أسهم الذكاء الاصطناعي، والانخفاضات الحادة التي سجّلتها العملات المشفّرة أخيراً، ومنها تراجع «بيتكوين» بنحو 20%.
وكان «البنك المركزي الأوروبي» و«بنك إنجلترا» قد أعربا بدورهما، خلال الأسابيع الماضية، عن مخاوف مشابهة بشأن احتمال تشكّل «فقاعة ذكاء اصطناعي» وتعرّض الأسواق لهزّة قوية إذا خابت التوقعات المفرطة.
وأشار شين إلى أن الأرباح التي تحققها شركات الذكاء الاصطناعي – والتي ضاعفت استثماراتها في مراكز البيانات – تمثل فارقاً جوهرياً مقارنة مع «فقاعة الإنترنت» مطلع الألفية، حين كانت الشركات آنذاك تفتقر إلى أرباح حقيقية.
وقال: «السؤال الجوهري هو ما إذا كانت هذه النفقات ستُعدّ مبرّرة على المدى الطويل»، مضيفاً أن قوة أداء الاقتصاد العالمي العام المقبل ستكون عاملاً حاسماً في تحديد اتجاهات الأسواق.
وأضاف: «حتى الآن، ظل النشاط الاقتصادي أكثر صلابة مما كان متوقعاً».
ويراقب «بنك التسويات الدولية» أيضاً تطورات الدولار الذي يتجه هذا العام لتسجيل أكبر تراجع سنوي له منذ أزمة «ليمان براذرز» في عام 2007.
وقال شين: «بعد موجة الاضطراب في أبريل (عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب خططاً واسعة للرسوم الجمركية)، بقي الدولار مستقراً نسبياً»، مضيفاً: «أعتقد أن سلوك التحوّط لدى المستثمرين غير الأميركيين سيشكّل عاملاً بالغ الأهمية في تحديد مسار الأسواق من الآن فصاعداً».

Advertisements

قد تقرأ أيضا