ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 29 ديسمبر 2025 01:06 مساءً - تشكل خدمة النقل البحري بنظام الرورو (Roll-on/Roll-off) التي أطلقتها مجموعة «دي بي ورلد» بين دبي والعراق تحولاً لافتاً في خريطة الشحن الإقليمي، عبر تقديم بديل بحري منتظم وسريع لمسارات النقل البري التقليدية التي طالما عانت من التأخير وعدم اليقين. ومع زمن عبور ثابت يبلغ 36 ساعة فقط بين ميناء راشد في دبي وميناء أم قصر في العراق، تعيد هذه الخدمة رسم توقعات الشاحنين بشأن الكفاءة والموثوقية في أحد أكثر ممرات التجارة تعقيداً في الشرق الأوسط.
وبحسب موقع «لوجستيات الشرق الأوسط»، فإن الخط البحري المجدول يوفر مساراً يمكن التنبؤ به لنقل البضائع غير المحولة إلى حاويات، لا سيما المقطورات المصحوبة، في وقت كانت فيه التجارة بين البلدين تعتمد لعقود على الشاحنات العابرة للحدود، بما تحمله من مخاطر أمنية وتقلبات في أزمنة التخليص والتكاليف التشغيلية.
وانطلقت الخدمة الأسبوعية في ديسمبر 2025، بطاقة استيعابية تصل إلى 145 مقطورة في الرحلة الواحدة، مستهدفة الشاحنين الذين ينقلون بضائع عالية القيمة وحساسة للوقت بين الإمارات والعراق، إضافة إلى الأسواق المجاورة. ويعد تقليص زمن العبور من 8–10 أيام عبر الطرق البرية إلى 36 ساعة بحراً قفزة نوعية من حيث السرعة ودقة التخطيط.
وجرى التدشين الرسمي للممر بوصول سفينة «دي بي ورلد إكسبريس» إلى ميناء راشد، بعد خضوعها لعمليات تحديث شاملة في «درايدوكس وورلد»، لتجهيزها خصيصاً لنقل المقطورات والسائقين معاً. ويأتي الإطلاق بعد اختبارات وتحضيرات مكثفة، مستفيداً من الخبرات التشغيلية التي اكتسبتها المجموعة من خدمة سابقة للمقطورات غير المصحوبة أطلقت عام 2023.
وعلى مدى سنوات، ظل النقل البري الخيار الأساسي للتجارة بين الإمارات والعراق، لما يوفره من مرونة، لكنه في المقابل عرّض المشغلين لتأخيرات غير متوقعة وتكاليف إضافية مرتبطة بإعادة الشحن، وانتظار السائقين، والتخزين عند المعابر الحدودية. ويهدف الحل البحري الجديد إلى إزالة جزء كبير من هذا الغموض، عبر رحلة موحدة تبقى فيها البضائع على المقطورة نفسها من نقطة الانطلاق حتى الوصول.
وقال شهاب الجسمي، الرئيس التنفيذي التجاري للموانئ والمحطات في «دي بي ورلد – دول مجلس التعاون الخليجي»: إن إطلاق الخدمة جاء استجابة مباشرة لطلب السوق. وأضاف: «هذه خدمة فريدة ستربط آلاف الشاحنات التي تعبر حدوداً عدة، وتقلص زمن العبور بشكل كبير، وتعزز السلامة، وتجعل العراق ممراً أكثر جاذبية للتجار».
وأوضح الجسمي أن زمن الإبحار الثابت يمنح شركات الخدمات اللوجستية ميزة حاسمة في التخطيط، مشيراً إلى أن القدرة على التنبؤ غالباً ما تكون أكثر أهمية من مكاسب السرعة المحدودة.
وتتطلب خدمات الرورو بنية تحتية متخصصة تختلف عن الشحن بالحاويات، سواء في تجهيز الأرصفة أو إدارة حركة المقطورات والسائقين. وأكد الجسمي أن فرق العمل في ميناء راشد وميناء أم قصر عملت على تبسيط الإجراءات وتوحيدها، لجعل الجزء البحري امتداداً سلساً لمسار الشاحنة.
ومن المتوقع أن تستقطب الخدمة طيفاً واسعاً من الشحنات، تشمل السلع الاستهلاكية سريعة التداول، والآلات، والإلكترونيات، ومواد البناء، التي تكتسب أهمية خاصة في ظل النشاط المتزايد لمشاريع البنية التحتية في العراق. كما يرجح أن تشكل شحنات المشاريع الثقيلة والبضائع السائبة جزءاً مهماً من الطلب.
ورغم أن التركيز الأولي ينصب على الشحنات المتجهة إلى العراق، فقد صممت الخدمة لدعم تدفقات تجارية في الاتجاهين، بما يتيح نقل صادرات عراقية إلى دبي وربطها لاحقاً بالأسواق الإقليمية والعالمية عبر موانئ الإمارات.
وبينما لا تعد الاستدامة العامل الحاسم الرئيسي للعملاء، فإن تحويل الشحن من الطرق البرية الطويلة إلى البحر يساهم في خفض الانبعاثات واستهلاك الوقود، إلى جانب تقليل الازدحام على الطرق.
ومع تصاعد اهتمام الشاحنين بالبدائل الأكثر تحكماً وموثوقية، ترى «دي بي ورلد» أن هذا الممر البحري قد يتحول إلى ركيزة لوجستية إقليمية، مستفيدة من الموقع الجغرافي للعراق كحلقة وصل بين الخليج وبلاد الشام، في خطوة قد تعيد رسم خريطة تدفقات التجارة في المنطقة.
