حال قطر

الأزواج الجدد.. بين تأجيل الإنجاب والاكتفاء بطفلين

  • الأزواج الجدد.. بين تأجيل الإنجاب والاكتفاء بطفلين 1/5
  • الأزواج الجدد.. بين تأجيل الإنجاب والاكتفاء بطفلين 2/5
  • الأزواج الجدد.. بين تأجيل الإنجاب والاكتفاء بطفلين 3/5
  • الأزواج الجدد.. بين تأجيل الإنجاب والاكتفاء بطفلين 4/5
  • الأزواج الجدد.. بين تأجيل الإنجاب والاكتفاء بطفلين 5/5

الدوحة - سيف الحموري - أكد مواطنون وخبراء مختصون أن ظاهرة تأجيل الإنجاب بين «الأزواج الجدد» أو الاكتفاء بطفلين أو ثلاثة بات أمراً شائعاً في مجتمعنا خلال السنوات الأخيرة، حيث يختار العديد من الأفراد والأزواج تأجيل الانجاب أو الاكتفاء بطفلين بحجة أن «الجودة أفضل من الكثرة». وأرجعوا أسباب ذلك في جزء منها إلى الرغبة في الرفاه العام للأسرة وأفرادها، وأعباء مسؤوليات التربية، وزيادة انشغال الأزواج بأولويات العمل، والاهتمام بتوفير حياة أفضل للأبناء، من حيث جودة تعليم الأبناء والتنشئة الاجتماعية السليمة، وغيرها. وأكدوا لـ «العرب» أن انخفاض معدلات الإنجاب وتراجع معدلات الخصوبة بين المواطنين، يتعارض مع أهداف الاستراتيجية الوطنية الثالثة في دولة قطر، التي تتطلب تعزيز معدلات الإنجاب، بما يضمن توازناً سكانياً يواكب النمو الاقتصادي في الدولة.

50cf2502fc.jpg

 د. محمد بن علي الكبيسي: البعض يفضل «الجودة» على «الكثرة»

قال الكاتب والأكاديمي د. محمد بن علي الكبيسي: ليس غريباً أن نجد من بين الجيل الجديد من يتجه إلى تأخير الزواج، وهو ما ساهم في زيادة نسبة العنوسة لدى الجنسين، كما أدى في النهاية إلى عدد مواليد أقل، أو نجد من يتجه إلى تأخير الإنجاب أو الاكتفاء بطفلين أو ثلاثة بحجة أن «الجودة أفضل من الكثرة». 
وأوضح د. الكبيسي أن كل ذلك أدى إلى انخفاض نسبة المواليد عند المواطنين، من 4.2 طفل لكل امرأة في في عام 1980 إلى أقل من 1.92 طفل لكل امرأة في عام 2014، علماً أن دخل الفرد القطري بلغ في نفس العام 102 دولار، ومن المعروف عالمياً أن انخفاض معدل المواليد عن 2.11 طفل لكل امرأة سيؤدي إلى تقلص عدد المواطنين وتهديد المجتمع.
وأرجع الدكتور الكبيسي انخفاض معدل المواليد وعدم الرغبة في إنجاب المزيد من الأبناء، إلى أسباب متنوعة، من بينها تأثر الشباب بثقافات دخيلة على المجتمع وعدم الرغبة في تحمل مسؤولية بناء أسرة، مع ارتفاع مستوى التعليم، وتغلغل فكرة «أسرة صغيرة.. حياة أفضل»، إلى جانب محاولة المرأة عدم الإنجاب للمحافظة على قوامها. 
واشار إلى أن الأسباب الأخرى لا تعدو أن تكون أسباباً اقتصادية مغلفة بتغليف اجتماعي، مبيناً أن الجانب الاقتصادي هو من ضمن أسباب انخفاض عدد المواليد لكل امرأة وهو ما يستدعي التغلب عليه من جانب الحكومة من خلال الدعم والمساندة، وتخصيص «بدل للأطفال» لتحقيق الاستقرار الاجتماعي عن طريق توفير الحياة الكريمة لهم ولأبنائهم حتى يتم إلغاء التخوف من المستقبل ويعودوا للعمل بجد لزيادة نسلهم.
وأكد أن صرف مثل هذا البدل سوف يؤدي إلى تشجيع المواطنين على الإنجاب، وزيادة عدد السكان ومعالجة الخلل في التركيبة السكانية وتخفيف العبء المالي الملقى على عاتق الآباء مع تزايد احتياجات الأبناء ومتطلبات الحياة اليومية، فضلاً عن المساهمة في القضاء على العنوسة وتشجيع الشباب على الزواج والإنجاب، ومواجهة أعباء الحياة التي تواجهها الأسرة خاصة في ظل ارتفاع الأسعار المستشري حالياً في الأسواق.

2395166e44.jpg

 د. محمود عبدالعزيز أبو المعاطي: الاتفاق على تأخير الإنجاب جائز.. بشروط

قال فضيلة الشيخ الدكتور محمود عبدالعزيز أبوالمعاطي، أستاذ الفقه المقارن وعضو مكتب الفتوى سابقاً، إن اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب مسألة فقهية ترتبط بنية الزوجين وظروفهما، وحكمها الشرعي يتفصل على النحو الآتي:

أولاً: الجواز بضوابط شرعية 
اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب جائز شرعاً بشروط وضوابط، وهي:
1. تراضِي الزوجين واتفاقهما على ذلك، دون إكراه من أحدهما على الآخر. فلكل منهما حق في الأولاد، ولا يجوز للزوج أن يمنع الإنجاب ضد رغبة زوجته، والعكس صحيح.
2. أن يكون التأخير مؤقتاً وليس منعاً مطلقاً ودائماً للإنجاب. فالتأخير لظرف ما (كإكمال دراسة، أو تحسين وضع مادي، أو علاج) أمر مقبول، أما المنع الدائم فهو ممنوع.
3. ألا يكون في وسيلة منع الحمل ضرر معتبر على صحة أحد الزوجين، وفقاً لتقرير الأطباء الثقات.
4. أن تكون الوسيلة مشروعة، فيجوز استخدام الوسائل المؤقتة (كالحبوب والحقن التي تمنع الحمل مؤقتاً) ويحرم استخدام الوسائل الدائمة (كربط القنوات التناسلية) إلا لحاجة طبية قوية يقرها طبيب مسلم ثقة، وذلك لأنها تعد تعطيلاً لدائم لوظيفة من وظائف الأعضاء.

ثانياً: الاعتبارات
· النية والظرف: الإسلام يراعي الظروف والأحوال، والتخطيط للأسرة بما لا يتعارض مع مقاصد الشريعة منوطة بالنية والظرف. فإذا كانت النية صالحة (كتحضير بيئة مناسبة لتربية الأطفال) فهو أمر محمود.
· حقوق الزوجية: من مقاصد الزواج في الإسلام السكن والإيلاد، ولكن تقديم أحد هذه المقاصد على الآخر بحسب الحاجة والظرف لا يخل بالمقصد الشرعي للزواج.
· الاستجابة للضرورات: إذا كان تأخير الإنجاب لضرورة (كخوف مرض وراثي، أو ضيق ذات اليد بشكل شديد) فإن ذلك يدخل تحت قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات»، مع مراعاة الضوابط الشرعية.

ثالثاً: ما يُكره ويُمنع
· يكره تأخير الإنجاب دون حاجة أو سبب معتبر، خاصة في بداية الزواج، لأن في ذلك تعطيلاً لأحد حكم الزواج العظيمة.
· يمنع منعاً باتاً:
 · الاتفاق على عدم الإنجاب مطلقاً (العقم الاختياري) إذا كان خوفاً من الفقر، لأن الله تعالى هو الرزاق: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} [الإسراء: 31].
 · استخدام أي وسيلة دائمة لها آثار ضارة أو تقطع النسل قطعاً نهائياً لا يجوز إلا لضرورة طبية قاهرة.
إذن اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب مؤقتاً لأسباب مقبولة وباتباع الوسائل المشروعة والخالية من الضرر الصحي جائز شرعاً. 
أما الاتفاق على منع الانجاب مطلقاً أو استخدام وسائل ضارة أو دائمة بلا ضرورة فهو ممنوع شرعاً.

cdd16d6a6d.jpg

زينب خشان: مكافآت مادية عند إنجاب كل طفل

قالت الأستاذة زينب خشان، مستشارة تربوية وأسرية، إن في الزواج مجموعة من المقاصد التي تلبي احتياجات روحية ونفسية واجتماعية، ومن أبرز المقاصد الاجتماعية حفظ النسل. فقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة”. فالإنجاب مقصد عظيم يضمن استمرار البشرية بطريقة شرعية تحفظ الأنساب وتصون المجتمع من الفوضى الأخلاقية.
وأضافت أن ما نشهده في الآونة الأخيرة من تأجيل الإنجاب أو الاكتفاء بعدد قليل من الأطفال هو أمر لا محالة سيؤثر على تكوين المجتمع، من حيث تراجع عدد أفراد الأسرة.
وأشارات إلى أن الأزواج باتوا يضعون اعتبارات اقتصادية ومهنية وسياسية على رأس أولوياتهم. وكثيرًا ما نسمع في بداية الحياة الزوجية أن بعض الأزواج يؤجلون الإنجاب للتأكد من الاستعداد المادي لتوفير مستوى معيشة وتعليم وسكن لائقين، وكأنهم نسوا قول الله تعالى:
﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾ [الإسراء: 31].
ولفتت إلى أن هناك من يخشى من تدهور العلاقات الأسرية، فيؤجل الإنجاب حتى يتأكد من اختياره الزوجي، فيبدأ بعدها بالاستثمار في الأسرة وتكبيرها، مبينة أن هذه المخاوف في حقيقتها ناتجة عن غياب الإعداد الروحي والنفسي والاجتماعي للزواج.
وأكدت أن الدراسات تشير إلى أن كثيرًا من الأزواج يرغبون في إنجاب عدد أكبر من الأطفال، لكنهم يصطدمون بعوائق اقتصادية ومادية واجتماعية، إضافة إلى المخاوف التربوية وتحديات التربية المعاصرة. وهنا تبرز الحاجة إلى فتح هذا الملف على طاولة الحوار والنقاش، للوصول إلى حلول عملية تسهم في إحياء دور الأسرة، وتحقيق أهداف التنمية الوطنية في قطر برفع معدلات الخصوبة.
واستعرضت أهم الخطط العلاجية التي نحتاج التركيز عليها:
1. التأهيل قبل الزواج: من خلال برامج تعليمية تبدأ من المراحل الإعدادية والثانوية، تزرع القيم الدينية وتعد الأبناء إعدادًا روحيًا وتربويًا يساعدهم على تحديد اختياراتهم وبناء أسر سوية.
2. التأهيل التربوي للمربين: عبر تزويدهم بالأدوات التربوية اللازمة، بما يرفع من شعورهم بالرضا عن نتائج التربية، ويزيد رغبتهم في تحقيق وصية الرسول صلى الله عليه وسلم في كثرة الإنجاب.
3. الدعم المؤسسي للأسرة: مثل تعديل بعض القوانين لصالح الأم العاملة، كتخفيف ساعات العمل، وزيادة مدة إجازة الأمومة، ومنح مكافآت مادية عند إنجاب كل طفل.
وختمت بقولها أنه لا يمكن اعتبار تأجيل الإنجاب أو الاكتفاء بطفل أو طفلين حلًا لمشكلات الأسرة المعاصرة، بل هو في الحقيقة مسكّن خطير يهدد كيان المجتمع العربي. فإذا كان سبب العزوف عن الإنجاب هو ضعف القدرة المادية، فالرزق على الله، وإن كان السبب هو المخاوف التربوية أو صعوبة العلاقات الأسرية، فالحل يكمن في الإعداد الجيد والوعي التربوي السليم، لا في تقليص النسل.

907df3c3fc.jpg

 د. حسن سالم البريكي: تقديم حوافز للأسر ذات الأعداد الكبيرة

قال د. حسن سالم البريكي، خبير العلاقات الزوجية والإصلاح الأسري إن هناك توجهاً لدى العديد من الأزواج في مختلف دول العالم، بما في ذلك دولة قطر، إلى تأجيل إنجاب الأطفال، أو الاكتفاء بعدد محدود من الأبناء (غالبًا طفلين). مبيناً أن هذا التوجه يتأثر بعدد من العوامل مثل الوضع الاقتصادي، صعوبة التوازن بين الحياة المهنية والعائلية، وتطور التعليم والمفاهيم الاجتماعية الحديثة حول الأسرة.
 وحول تأثير ذلك على المجتمع من حيث انخفاض معدلات النمو السكاني، خاصة أن ذلك يتعارض مع أهداف الإستراتيجية الوطنية الثالثة في دولة قطر في زيادة معدلات الخصوبة، أوضح الدكتور البريكي أن تأثير ذلك على المجتمع يشمل انخفاض معدلات النمو السكاني من خلال تأجيل الإنجاب أو الاكتفاء بعدد محدود من الأبناء وبالتالي انخفاض في معدلات الخصوبة، وهو ما يعكس تراجعا في نمو السكان، وهذا قد يشكل تحديا طويل الأمد، مشيرا إلى أن النمو السكاني المستدام يعد أساسيا للحفاظ على التوازن بين الأجيال، وضمان استمرارية القوى العاملة.
وأضاف أنه إذا استمر هذا الاتجاه فقد يترتب على ذلك زيادة في نسبة كبار السن مقابل صغار السن، وهو ما يضغط على النظام الصحي والرعاية الاجتماعية، كما قد يتسبب في انخفاض الإنتاجية الاقتصادية إذا قل عدد الأفراد القادرين على العمل على المدى الطويل.
وأشار إلى أن دولة قطر، مثل العديد من الدول التي تضع أهدافا طموحة للتنمية المستدامة، وتضع أيضا خططا لزيادة معدلات الخصوبة لتحقق نموا سكانيا يعزز من إمكانيات الدولة الاقتصادية والاجتماعية، وإذا استمر الاتجاه نحو الانخفاض في معدلات الولادات، فقد يؤثر ذلك سلبا على هذه الأهداف.
ولفت إلى أن تقديم حوافز للأسر ذات الأعداد الكبيرة من الأبناء قد يكون له تأثير إيجابي في مواجهة انخفاض الخصوبة، فقد تشجع هذه السياسة على زيادة عدد المواليد، نتيجة لتخفيف العبء المالي عن الأسر التي تقرر إنجاب أطفال أكثر. إلا أننا نرى أن الأفضل من ذلك، هو الاستثمار في تحسين جودة الحياة، وتوفير الظروف المناسبة للأسر، لتتمكن من تربية أطفالها بشكل صحي وسليم.

6 عوامل أثرت في انخفاض معدلات الخصوبة في المجتمع القطري

تكشف الدراسة التي أجراها معهد الدوحة الدولي للأسرة حول «المحددات الاجتماعية للخصوبة في دولة قطر» أبرز العوامل التي تؤثر في انخفاض معدلات الخصوبة في المجتمع القطري.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور أحمد عارف، مدير إدارة البحوث والسياسات الأسرية بالمعهد أن 6 عوامل تشكل محددات لقرار الإنجاب في قطر، وهي عوامل الاختيارات الشخصية والاقتصادية والهيكلية أو المتعلقة بمنظومتي التعليم والعمل والعوامل الصحية، منوهاً إلى أن غالبية المشاركين في الدراسة أكدوا على تفضيل تحديد النسل والاكتفاء بطفلين أو ثلاثة على الأكثر، وأن الإناث يميلن بشكل أكبر لتحديد النسل، وذلك نظراً لعدة أسباب، منها الاعتناء بالرفاه العام للأسرة وأفرادها.

أبرز العوامل:
العوامل الشخصية: أكد غالبية المشاركين على تفضيل تحديد النسل والاكتفاء بطفلين أو ثلاثة على الأكثر، مع ميل الإناث بشكل أكبر لتحديد النسل، وذلك نظراً لعدة أسباب، منها الاعتناء بالرفاه العام للأسرة وأفرادها، وأعباء مسؤوليات التربية، والاهتمام بتوفير جودة معيشة أفضل للأبناء، وأهمية الاستثمار في النوع وليس العدد، من حيث جودة تعليم الأبناء والتنشئة الاجتماعية السليمة، وكشفت الدراسة بشكل مبدئي عن العلاقة بين عمل المرأة وارتفاع مستوى تعليمها، وبين قرار الحد من الإنجاب.
عوامل سياسات التوازن بين العمل والأسرة: أكد المشاركون على وجود التضارب بين تحقيق التميز والنجاح المهنيين وبين إنجاب الأطفال في ظل محدودية سياسات العمل المرنة أو الداعمة للتوازن بين العمل والأسرة.
واقترح المشاركون في هذا الإطار ضرورة تمديد إجازة الأمومة، وتوفير دور الحضانة في أماكن العمل، وإقرار ترتيبات عمل مرنة تشجع النساء العاملات على الزواج والإنجاب، وتشجع ربات المنازل على الانخراط في النشاط الاقتصادي. 
العوامل الهيكلية: العوامل الهيكلية برزت في جانب تحليل البيانات الثانوية في الدراسة والتي تدلل على تراجع معدلات الزواج وارتفاع معدلات الطلاق، والتي كان لها تحديداً أثر كبير على المبحوثين من غير المتزوجين، الذين يرون أنه مع وجود ومعاصرة حالات طلاق كثيرة في عائلاتهم، يظل قرار الخوض في تجربة الزواج قراراً متردداً، وذكر كذلك بعض المبحوثين والمبحوثات أنه قد يؤخرون قرار الإنجاب بعد الزواج حتى يتم التأكد من نجاح تجربة الزواج واستمرارها، ولا يكون هؤلاء الأطفال ضحية للتفكك الأسري، هذا بالإضافة للعوامل الاقتصادية والصحية المحددة للإنجاب.
وتبين الإحصائيات أن معدل الخصوبة شهد انخفاضات ملحوظة، حيث تراجع المعدل بنسبة 5.3% عام 1986 إلى 4.6% عام 1997، ثم إلى 4.5% عام 2004، ثم شهدت الأعوام الستة التالية حتى عام 2010 أكبر معدل للتراجع، حيث وصل إلى 3.6% عام 2010، واستمرت معدلات الخصوبة في التراجع حتى وصلت إلى 2.9% عام 2017. وتزامن مع هذا التراجع ارتفاع في معدلات الطلاق، وانخفاض في معدل الزواج لدى المواطنين القطريين، أما متوسط العمر عند الزواج الأول فلم يشهد خلال العقدين الأخيرين تغيرات كبيرة، وإن كان اتجاهه العام يميل نحو الارتفاع.
وقد اعتمدت الدراسة التي يجريها المعهد، والحاصلة على موافقة لجنة أخلاقيات البحوث العلمية، في شقها الأول على منهج التحليل النوعي للمقابلات المعمقة التي أجراها الباحثون مع عينة قصدية مؤلفة من 58 من المواطنين القطريين (30 من الإناث و28 من الذكور)، وجمع آراء المشاركين حول العوامل التي تؤدي إلى تراجع معدلات الخصوبة في المجتمع القطري، وسبل الحد من هذا التراجع، كما يتم العمل على الشق الثاني من الدراسة وهو مرحلة المسح الكمي بالتعاون مع جهاز التخطيط والإحصاء لتعزيز النتائج، والوصول لأدلة منهجية أكثر مصداقية.
وقد أوصت الدراسة بضرورة إنشاء صندوق للزواج يقدم دعمًا ماليًا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج، تتناسب قيمته مع الوضع الاقتصادي في السياق القطري، وترتفع قيمة المكافأة كلما كان دخل الأسرة أقل، وضرورة إنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية ترتفع قيمتها كلما زاد عدد الأطفال في الأسرة، ومنح العائلات مساعدات مالية لتغطية تكاليف رعاية الأطفال وخاصة تكاليف الحضانات ورياض الأطفال والمدارس الخاصة وضرورة التوسع في إنشاء قاعات الأفراح لتشمل جميع مناطق الدولة والارتقاء بالخدمات المقدمة فيها، وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد وتسريعها وإعفاء هؤلاء من تسديد قسم من القرض الخاص ببناء المسكن وزيادة القسم المعفى كلما زاد عدد الأبناء. وبينت الدراسة أن هناك عوامل تشكل محددات لقرار الإنجاب، وهي عوامل الاختيارات الشخصية أو عوامل اقتصادية أو هيكلية أو المتعلقة بمنظومتي التعليم والعمل فضلاً عن عوامل الصحية. ووجود التضارب بين تحقيق التميز والنجاح المهنيين وبين إنجاب الأطفال وعدم التوازن بين العمل والأسرة.

Advertisements

قد تقرأ أيضا