ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 27 أكتوبر 2025 01:26 مساءً - في مرسيليا، ثاني أكبر مدينة فرنسية، بدأت موجة جديدة من المطاعم تضيف بعداً اجتماعياً لتجربة الطعام الفاخر، حيث يمكن للزبائن تناول وجبة غداء كاملة بأسعار مخفضة تصل إلى يورو واحد لمن هم في وضع مالي صعب.
من بين هذه المطاعم، يبرز "لو ريبوبليك"، الذي يقدم أطباقاً فاخرة مثل سمك البوري المدخن مع زبدة الشمر البحري، من إعداد الشيف الحائز على نجمة ميشلان سيباستيان ريتشارد وفق بي بي سي.
لكن ما يميز المطعم ليس فقط جودة الطعام، بل كونه مطعماً تضامنياً يوظف فئات مهمشة مثل السجناء السابقين، ويتيح لحوالي 40% من رواده تناول وجبة من ثلاثة أطباق مقابل يورو واحد.
مطاعم أخرى تتبنى نموذجاً مشابهاً، مثل "لابري إم" الذي يقدم برجر فاخراً مع خدمة توصيل مجانية للمحتاجين، و"شالور" الذي يقدم قائمة طعام بأسعار معقولة، مع خيار دفع مبلغ رمزي لمن يمر بضائقة مالية.
يشير رافائيل رينارد، الشريك المؤسس لشالور، إلى أن الهدف الأساسي هو تحقيق الرضا الشخصي من خلال مساعدة الآخرين، مع التبرع بوجبات مجانية ودعم المجتمع المحلي.
وتعكس هذه المبادرات تاريخ مرسيليا العريق كميناء متنوع ومجتمع متسامح، استقبل عبر القرون موجات هجرة من اليونان، واليهود الأيبيريين، والأرمن، ما جعلها بوتقة ثقافية غنية.
في حي لا كابوسيل، حيث الدخل منخفض والمساحات الاجتماعية نادرة، افتتحت لينا كاردو مطعم "لو ريفكتوار"، الذي يجمع بين الطعام الفاخر والأنشطة التعليمية والاجتماعية، من دروس التاريخ للأطفال إلى نصائح التوظيف للبالغين، مع مشاركة طهاة من دول مثل المغرب والكونغو.
تسعى المطاعم التضامنية إلى الإدماج المهني، حيث توظف أشخاصاً من فئات مهمشة تشمل الأمهات العازبات والسجناء السابقين، وقد أثبتت التجربة نجاحها، إذ حصل 75% من السجناء الذين تدربوا في مطعم "لو ريبوبليك" على وظائف أو تدريب بعد إطلاق سراحهم.
تتم جميع معاملات الدفع بسرية لضمان كرامة الزبائن، حتى أولئك الذين يحصلون على وجبة مخفضة، كما يؤكد المؤسسون أن الاتفاقيات مع الجمعيات الخيرية تمنع استغلال النظام.
أصبحت مرسيليا نموذجاً فريداً يجمع بين الفخامة الاجتماعية والطعام الرفيع، ليصبح المطعم أكثر من مجرد مكان لتناول الطعام، بل أداة للتغيير الاجتماعي والاندماج المجتمعي.
