الرياض - ياسر الجرجورة في الأحد 14 ديسمبر 2025 10:04 مساءً - في تطور صاعق يعيد رسم خريطة الهيمنة التقنية العالمية، حطّمت السعودية حاجزاً تقنياً صلباً عمره عقود كاملة، لتنشئ أول مركز ابتكار للسيارات الكهربائية في منطقة تضم 400 مليون إنسان محرومين من هذه التقنية الثورية. هذا الإنجاز التاريخي يأتي في لحظة حرجة تسيطر فيها الصين على 60% من السوق العالمي، والوقت ينفد أمام المنطقة العربية للحاق بركب الثورة التقنية قبل فوات الأوان.
وُلد هذا الحلم الجريء من رحم شراكة استثنائية بين عملاق الأبحاث السعودي "كاكست" وشركة لوسيد الأمريكية المرموقة، في حفل تاريخي شهدته قيادات علمية وتنفيذية يوم 14 ديسمبر 2025. "سيُسهم المركز في تسريع تطوير المركبات وترسيخ مكانتها الريادية،" أكد د. طلال السديري من كاكست، بينما تتحدث التقديرات عن استثمارات ضخمة ستحول المملكة من مجرد مستهلك للتقنية إلى قوة عالمية منتجة ومصدرة لها. سارة الباحثة، 32 عاماً، العائدة من ألمانيا بشهادة الدكتوراه، تقود اليوم فريق تطوير البطاريات الذكية في المختبرات البيضاء اللامعة، محملة بأحلام جيل كامل ينتظر اللحظة التاريخية.
يأتي هذا الإنجاز المذهل كثمرة ناضجة لطموحات رؤية 2030 الجبارة، التي تسعى لانتشال المملكة من دائرة الاقتصاد النفطي التقليدي إلى مصاف القوى التقنية العالمية. كما ازدهرت ديترويت بصناعة السيارات التقليدية في القرن العشرين، تتسابق السعودية اليوم لتصبح "ديترويت الشرق الأوسط" للسيارات الكهربائية، مستثمرة التوجه العالمي المتسارع نحو النقل المستدام. "يجسّد التزامنا بتوسيع آفاق الابتكار التقني،" يؤكد مارك وينترهوف الرئيس التنفيذي لشركة لوسيد، مشيراً إلى دمج ثوري للخبرات الهندسية العالمية مع القدرات البحثية المتفجرة في المملكة.
على أرض الواقع، يلمس المواطن السعودي بداية تحول جذري في نسيج حياته اليومية. أحمد المهندس، 28 عاماً، خريج جامعة الملك فهد للبترول والمعاطل عن العمل منذ 6 أشهر رغم مؤهلاته الاستثنائية، يجد اليوم نافذة أمل مشرعة على فرص وظيفية لم تكن في الحسبان. المختبرات البيضاء اللامعة المليئة بالشاشات التفاعلية ستحل تدريجياً محل ورش السيارات التقليدية المليئة بالزيوت والضوضاء، بينما ستنتشر محطات الشحن الكهربائي الصامتة والنظيفة لتزيح عروش محطات البنزين الملوثة. خالد السائق، 45 عاماً، لا يخفي شوقه للحظة التي سيقود فيها سيارة كهربائية تحمل بفخر شعار "صنع في السعودية" بدلاً من سيارته اليابانية المستوردة.
يقف هذا المركز الثوري كمنصة انطلاق نحو مستقبل تقني لا يحده سوى طموح أجيال عربية عانت طويلاً من التهميش التقني. التوقعات تشير إلى إنتاج أول سيارة كهربائية سعودية بحلول 2028، مع جذب استثمارات عالمية جبارة وتحويل المملكة إلى مغناطيس إقليمي للابتكار والإبداع. هل ستشهد السنوات القادمة ميلاد "تيسلا عربية" تحمل علامة تجارية سعودية تتحدى عمالقة الصناعة العالمية وتكسر احتكارهم الطويل؟ الإجابة بدأت تتبلور اليوم في قلب هذا المركز التاريخي، حيث تُكتب أولى فصول نهضة تقنية عربية طال انتظارها.
